قد لا يتفق البعض على أن مكانة المرأتين الأفغانية والعراقية قد تعزز من خلال إعطائها دورا أكبر في العمل السياسي الرسمي، أي من بعد سقوط نظامي طالبان في كابول والبعث في بغداد. فالبعض يجدها حملة تزييف للوعي كون أن الاختلاف شاسع بين حال المرأة الأفغانية عن العراقية وعلى رأسها التعليم إلى الانخراط في سوق العمل.
صحيح قد يلعب الإعلام الأميركي دورا كبيرا في نقل هذه الصورة بهدف إخفاء الأغراض الاقتصادية والسياسية تحت دعوى تحرير المرأة. لكن هذه القناعة قد تكون أيضا مصدر سعادة لكثير من النساء العراقيات وحتى إن كن اليوم تحت وطأة الاحتلال، والشيء ذاته مع الأفغانيات... فبعضهن أجمعن عبر وسائل الإعلام وحتى ممن زار المنامة على أنها «سعادة» للمرأة، حتى لو انها تحت الاحتلال.
وفي اعتقادي، إن مصدر هذه السعادة هو جزء من المتنفس الذي لاتزال نساء كثر في عالمنا العربي والإسلامي تبحث عنه... فالضغط الذي تمارسه بعض الأنظمة يكون كالذي تمارسها بعض البيئات المتشددة والمحافظة على بناتها بل ولا يختلف كثيرا...
وقد يكون وجود الإمبريالية الأميركية في كلا البلدين في الوقت الجاري وما تحاول أن تقدمه إلى العناصر النسائية هو صورة بديلة وتنفيس عن القهر السياسي والاجتماعي للذي تعيشه نساء بلداننا العربية والاسلامية ... وهو في نظر بعضهن أن احتلالا كهذا «أرحم» من أنظمة سياسية واجتماعية تقمع وجودهن بحجج العادات أو التقاليد.
للأسف واقعنا العربي مرير جدا لدرجة أنه يتم قبول أي بديل حتى وإن كان احتلالا مرفوضامن الناحية المبدأية . ليس هذا فحسب، فحتى التغييرات التي طرأت على بعض الدول الخليجية بتقليد نسائهن في مناصب عليا، و إبراز صورتهن عبر وسائل الإعلام في فعاليات شتى أثارت حفيظة المتطرفين ... فحتى مثل هذه الخطوات البسيطة والمتأخرة في حق المرأة نشاهد من يتجرأ على محاربتها علنا ومن دون استحياء.
ومن المؤسف ايضا انه لولا الضغوط الأميركية لما تحقق حتى هذا الهامش البسيط من الحرية للمرأة وإعطائها دور بارز في مجتمعاتها. فبعض النماذج النسوية في منطقتنا العربية والإسلامية - وبسبب المفاهيم الأبوية والذكورية - تجعل المرأة أسيرة التقوقع وحجب العقل لابعادها عن اي دور فعال في المجتمع... وهذا بدوره ادى الى اختفاء صوت المرأة المسلمة والعربية من حركات نسوية عالميةوأدى الى تدهور وضعها اليوم الى الدرجة التي تكاد تلفظ أنفاسها... ومع الاسف فأن بعض ما هو موجود في الساحة من أصوات عالية لقلة من النساء التابعات للفكر الذكوري السائد - لا لفكرها وكيانها المستقل - ساعد على تحولها إلى أداة سهلة يحركها الاستبداد والقمع متى ما يشاء
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 504 - الخميس 22 يناير 2004م الموافق 29 ذي القعدة 1424هـ