العدد 504 - الخميس 22 يناير 2004م الموافق 29 ذي القعدة 1424هـ

«الذكر الحكيم» بدايات طموحة... ومستقبل يرتقب الدعم

تجربة حلم تحول إلى حقيقة

تبنت جمعية الذكر الحكيم لعلوم القرآن منذ بداياتها الأولى هدف النهوض بكتاب الله وتعزيز وجوده في المجتمع، إيمانا منها بالدور الذي يجب أن يضطلع به القرآن في قيادة المجتمع نحو الكمال. وقد استطاعت الجمعية خلال فترة قصيرة نسبيا تشكيل قاعدة جماهيرية واسعة تضم فئات متعددة من مختلف مناطق البحرين. فكيف كانت بدايتها؟ ومتى كان ذلك؟

كانت جمعية الذكر الحكيم تعرف سابقا باسم لجنة الذكر الحكيم، وحول هذا الموضوع يقول المشرف العام على اللجنة منذ بدايتها شاكر خميس: «كانت البداية فعلا للجنة الذكر الحكيم مع حلول شهر ديسمبر/كانون الأول 1999 إذ اتفقت مع عادل الملا (وهو أحد المدرسين) على البدء في مشروع التأسيس للجنة وذلك بهدف لم شمل التدريس في منطقة السنابس وبدأنا في البحث عن كوادر تكون قادرة على تدريس التجويد، وفكرنا في عمل مسابقة قرآنية وقد لاقت الفكرة الاستحسان والقبول من الجميع، ومن أجل المضي قدما في دروس التجويد اقترح عادل الملا خلال تلك الفترة بأن نقوم بإصدار إعلان عن موعد بدء دروس التجويد، غير أنني اقترحت بأن نتمهل قليلا بسبب اقتراب المسابقة الأولى إذ ان الأرضية ستكون مهيئة بشكل أفضل بعد المسابقة التي ستكون بمثابة لفت الأنظار إلى القرآن الكريم».

ويضيف خميس: «وانعقدت مسابقة الذكر الحكيم الأولى في يناير/كانون الثاني 2000 وشارك فيها قراء القرآن الكريم من مختلف مناطق البحرين، وقد استطاعت المسابقة تشكيل قاعدة جماهيرية قوية للجنة في فترة بسيطة إذ كان الإقبال شديدا على دروس التجويد ليس على مستوى اللجنة فقط بل على مستوى مراكز ومدراس تعليم التجويد في البحرين عموما ما يؤكد تحقيق المسابقة للأهداف المرجوة منها، ومن هنا كانت البداية الحقيقية للجنة الذكر الحكيم التي اشتقت اسمها من مسابقة الذكر الحكيم».


حلم تحول إلى حقيقة

كانت فكرة إشهار جمعية الذكر الحكيم حلما يراود القائمين على اللجنة (سابقا) ولكن بفضل الله وتوفيقه تحول الحلم إلى حقيقة ملموسة، وعن ولادة الفكرة يقول الأمين المالي للجمعية ميرزا العريبي: «الفكرة انبثقت جراء ما لاقيناه من عناء وتعب في الحصول على مدرسة خاصة للقرآن الكريم، غير أن مماطلة المسئولين في وزارتي التربية والتعليم والعدل والشئون الإسلامية وعدم تجاوبهم حالت دون الحصول على الموافقة».

ويواصل العريبي: «وفي الأول من سبتمبر/أيلول 2001 رفعنا رسالة إلى وزير العمل والشئون الاجتماعية لإنشاء جمعية تعنى بعلوم القرآن الكريم تحت مسمى «جمعية الذكر الحكيم لعلوم القرآن»، وقد أتت الموافقة في 2 ديسمبر 2002 إذ تم إشهار الجمعية رسميا».

كان توفير الكادر المؤهل لتدريس القرآن الكريم الشغل الشاغل للقائمين على أمر جمعية الذكر الحكيم، فقد كان يراعى في اختيارهم أن يكونوا من ذوي الخبرة في هذا المجال، وأن يحملوا شهادة الرواية.

يقول علي أحمد (يحمل الرواية) وهو من أوائل المدرسين في الجمعية: «تزامنت بدايتي مع التدريس في الجمعية مع انتهاء مسابقة الذكر الحكيم الأولى، إذ كانت البداية الفعلية لدروس القرآن في الجمعية، و كان الإقبال على الدروس في هذه الفترة ممتازا. اعتمدنا منذ البداية على كتاب «ملخص عمدة البيان» كمنهج أساسي للتدريس، إذ تم تقسيم هذا الكتاب إلى أربعة أقسام بحسب مستوى الدارسين».

وعن الصعوبات قال: «من الصعوبات التي يمكن ذكرها غياب المقر في البداية ولكن هذه المشكلة تم حلها في الوقت الحاضر، إلى جانب افتقاد الطلبة إلى الصبر، فدروس التجويد تعد مادة جافة نوعا ما، تحتاج إلى الصبر والمتابعة بشكل مستمر، كذلك من الصعوبات عدم وجود عدد كافٍ من المدرسين المؤهلين في هذا المجال». ويطمح علي إلى تخريج جيل جديد يكون قادرا على تحمل مسئولية التدريس في الجمعية باستخدام مناهج وطرق جديدة من خلال أفكار الشباب.

الجانب النسوي كان له دور فعال أيضا في الجمعية، تقول (ش.ع) إحدى المشرفات على التدريس: «كان الإقبال على الدروس كبيرا منذ البداية، وقد كنا نواجه مشكلة عدم توافر المكان المخصص للتدريس ما يضطرنا إلى تقليص عدد الطالبات، إذ كانت الدروس تعقد في مأتم المعلمة بالسنابس، وبعون الله سيتم التغلب على هذه المشكلة في الأيام المقبلة إذ سيتم افتتاح مكان مخصص لتدريس التجويد للنساء».

قاسم أحمد (11عاما) من منطقة المنامة وهو أحد الطلبة الدارسين في الجمعية يقول: «يعود الفضل في تعلقي بالقرآن الكريم إلى والدي، فقد كان يداوم على قراءة القرآن، ما شدني إلى الاستماع إليه والإقتداء به، وبدأت أتدرب على يديه في المنزل، وعندما بلغت العاشرة من عمري طلبت منه تسجيلي في إحدى المدارس المتخصصة في تدريس القرآن الكريم من أجل اكتساب الخبرة. من هنا كانت بدايتي مع جمعية الذكر الحكيم التي كان لها الفضل في تحسين تلاوتي للقرآن الكريم».

أما أحمد عبدالأمير (17 عاما) فيقول: «كنت أتعلم القرآن في المأتم، وقد شجعني ذلك على الانضمام إلى الجمعية من أجل الاستفادة بشكل أكبر. أتمنى أن أكون قارئا للقرآن بشكل صحيح، وأن يؤهلني ذلك لأن أكون مدرسا ناجحا أيضا، اقتداء بحديث الرسول الكريم (ص): (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)».

وعن الصعوبات يقول قاسم: «واجهت في بداية انضمامي إلى الجمعية الكثير من الصعوبات، لكن النظام المتبع في التدريس، وتميز المدرسين إلى جانب مساعدة والدي، أسهمت كلها في تذليل هذه الصعوبات، وقد تمكنت بفضل الله وتوفيقه من المشاركة في مسابقة الذكر الحكيم الرابعة وإحراز مراكز متقدمة فيها، إذ حصلت على المركز الأول في مسابقة التلاوة وحسن الأداء، والمركز الرابع في مسابقة الحفظ».

الأهالي كان لهم رأي أيضا في الجمعية، تقول سهام آل نوح (السنابس): «أسهمت جمعية الذكر الحكيم ببرامجها المتميزة في القضاء على وقت الفراغ عند الأطفال، وجعلهم يقضونه في شيء مفيد ونافع. وتساعد كفاءة المدرسين من جهة والعدد القليل من الدارسين في كل فرقة من جهة أخرى، إلى زيادة التركيز والفهم لدى الطلبة».

ويشاطرها أحمد رضي (المنامة) الرأي فيقول: «النظام المتبع في الجمعية جيد، وقد كان لتوافر المقر الأثر الكبير في تنظيم الدروس والاهتمام بها بشكل أوسع من ذي قبل. ويساهم أسلوب التعامل الذي يتبعه المدرسين في زيادة رغبة الطلبة إلى الانتظام في حضور الدروس».

ويواصل رضي: «تمكن ولدي بعد الانضمام إلى الجمعية من تطوير تلاوته للقرآن، بسبب اهتمام المدرسين وتميز المنهج».


فروع جديدة

إيمانا منها بضرورة نشر تعليم القرآن الكريم في أرجاء المملكة كافة، افتتحت جمعية الذكر الحكيم لعلوم القرآن ثلاثة فروع لها في سار وكرزكان وسترة في بداية هذا الشهر، يقول المشرف على فرع سترة محمد مرهون: «كانت دروس القرآن في سترة تنظم في أحد المساجد، وبعد إشهار جمعية الذكر الحكيم رسميا بدأ التنسيق من أجل التعاون في مجال التدريس، وقد توجت الجهود بفتح فرع للجمعية في أحد منازل المنطقة. ولم نواجه أية صعوبة تذكر بسبب التعاون الكبير من قبل المسئولين في الجمعية الذين ذللوا جميع الصعوبات».

وتدرس في فرع سترة 120 دارسة من النساء إلى جانب 72 من الرجال، على أيدي مدرسين ومدرسات مؤهلين في هذا المجال. ويطمح مرهون إلى إيجاد حفظة للقرآن الكريم من الصغار من أجل تدريبهم منذ نعومة أظافرهم على حفظ القرآن الكريم.

المشرف على فرع كرزكان صالح إبراهيم يعلق: «كان التنسيق قائما بين لجنة القرآن الكريم في كرزكان وبين الجمعية من أجل التعاون في مجال التدريس، وبعد عدة لقاءات تشاورية تم الاتفاق على افتتاح فرع للجمعية في كرزكان، والصعوبة التي تواجهنا الآن هي تجهيز المقر المخصص للتدريس».

ويضم فرع كرزكان ثلاث فرق للرجال يشرف على التدريس فيها مدرسين مؤهلين من الجمعية، إلى جانب فرقتين للنساء تشرف على تدريسهن مدرسات مؤهلات.


فعاليات وأنشطة

يعتقد الكثير من الناس أن فعاليات وأنشطة جمعية الذكر الحكيم تقتصر على المسابقة التي تقام في كل عام، غير أن الواقع يعكس خلاف ذلك، وفي هذا الصدد يقول خميس: «مسابقة الذكر الحكيم هي محطة نلتقي فيها مع القراء والمحكمين وكل من له ارتباط أو توجه قرآني ممن لا تسمح لنا ظروف الحياة بأن نلتقي بهم، اما فعاليات الجمعية فكثيرة يمكن للمتتبع ملاحظتها، ومن أهمها مشروع تعليم التجويد على مدار العام كما تعقد الدورات الصيفية للأطفال لسد الفراغ الذي قد تسببه العطلة الصيفية لهم ولا تقتصر هذه الدروس على الرجال فقط وإنما تتسع لتشمل الجانب النسائي أيضا والذي تشرف عليه نساء متخصصات في تدريس القرآن الكريم، كذلك الاستعانة بقراء من جمهورية مصر العربية من أجل إقامة الأمسيات القرآنية في شهر رمضان المبارك وتنظيم الندوات التي تنهض بوعي القرآن الكريم وتحث عليه، بالإضافة إلى إمداد الاحتفالات الدينية والاجتماعية المختلفة بقراء متمكنين من نتاج الجمعية وغير الجمعية، كما أن الجمعية تسعى إلى مد جسور التعاون مع مراكز تعليم القرآن في البحرين للاستفادة من خبراتهم في هذا المجال بما يخدم حركة القرآن في المجتمع».

ولم تكن مسابقة الذكر الحكيم هي الوحيدة في رصيد أنشطة الجمعية بل هناك مسابقة أخرى إذ بين خميس ذلك قائلا: «نظمت جمعية الذكر الحكيم في شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام 2002 مسابقة قرآنية ثقافية تحمل اسم (مسابقة لقمان الحكيم القرآنية الثقافية الأولى) شارك فيها عدد من مناطق البحرين، وقد صاحب المسابقة منتدى ثقافي بمشاركة شخصيات بارزة من البحرين، وتفكر الجمعية في إدخال مجال التمثيل من وحي آيات القرآن وذلك في مسابقة لقمان الحكيم في الأعوام المقبلة، كما تشرف جمعية الذكر الحكيم على بعض المسابقات القرآنية في المملكة».

وجمعية الذكر الحكيم كما يقول خميس لم تهمل منتسبيها بل سعت جاهدة من أجل إقامة البرامج الدينية والثقافية والترفيهية لهم كتنظيم الرحلات الإيمانية لأداء مناسك العمرة وزيارة المساجد التاريخية في البحرين والرحلات الترفيهية إلى البرك (...).


طموح ينقصه الدعم

كثيرة هي المشروعات القرآنية في البحرين غير أنها تواجه عقبة تتمثل في ضعف الدعم المادي... يوضح خميس: «مع الأسف الشديد الجمعية ليس لديها مدخول ثابت فتكون نتيجة لذلك متعبة من الجانب المادي، فالمشروعات التي تخطط لها الجمعية في ازدياد كما أن الأنظار الموجهة إليها في ازدياد غير أن الدعم المادي يبقى عقبة أمامها».

وقد أوضح خميس أن الجمعية تلقت دعما ماديا سخيا من أحد التجار في البحرين ما أسهم في فتح فروع جديدة لها واستمرارية عطائها، وتمنى أن يحذو التجار حذوه.


تقصير إعلامي

يقول خميس: «على رغم أن الجمعية باتت معروفة على مستوى البحرين وخارجها أيضا فإن الإعلام المحلي مقصر وبدرجة كبيرة في تغطية فعالياتها وأنشطتها، وان كان هناك اهتمام من جهة وسائل الإعلام المحلية فإنها تكون ضئيلة جدا، علاوة على إذاعة القرآن الكريم بطهران التي تبث برامجها باللغة الفارسية وتجري اتصالات مع المسئولين بالجمعية لمعرفة آخر التطورات».

وقد بين خميس أن الجمعية تتمنى أن تحذو وسائل الإعلام العربية المحلية حذو هذه الوسائل في نقل فعاليات الجمعية.


خطوات طموحة للمستقبل

بالنسبة إلى الخطوات المقبلة فقد بين خميس أن طموح الجمعية كبير إذ هناك طموح بان تكون مسابقة الذكر الحكيم على مستوى دولي وألا تقتصر على المستوى المحلي، وقد بدأ ذلك فعلا منذ مسابقة العام الماضي، إذ شارك فيها مجموعة من المتسابقين من السعودية والأردن ومصر، كذلك وضعت الجمعية ضمن أجندتها إقامة مسابقة في التواشيح الإسلامية. كما أن الجمعية تعمل على إعادة هيكلة دروس القرآن فيها فهناك تفكير بأن تكون الدراسة الأساسية لمدة سنتين إذ يدرس الطالب فيها قواعد التجويد والتلاوة بالإضافة لعلوم القرآن الذي أضيف في الدورة الحالية كمادة اختيارية وهناك تفكير بأن تكون هناك 3 سنوات اختيارية لدراسة تخصص علوم القرآن أيضا تكون شبيهة بالدراسات الحوزوية أو قريبة من الدراسات الإسلامية الموجودة في الجامعات وذلك بالاستفادة من الخبراء في هذا المجال من أجل تخريج كادر مؤهل. وستسعى الجمعية الآن وبعد توافر المقر إلى إقامة حضانة للأطفال من أجل تدريسهم القرآن منذ نعومة أظفارهم بهدف تخريج جيل قرآني يكون ملما بالقرآن الكريم وفنون تلاوته بالإضافة إلى أحكامه وقوانينه وعلومه، ويعكف القائمون على الجمعية على إعداد منهج دراسي خاص بالجمعية.

كذلك تسعى الجمعية خلال الفترة المقبلة إلى تكثيف الروافد التي تخدم المسيرة القرآنية كتأسيس مكتبة صوتية ومرئية إسلامية وإنتاج وسائل تعليمية بالاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة كالأشرطة والأفلام وغيرها إلى جانب إصدار كتيب دوري باسم الجمعية، كذلك هناك تفكير في جلب خبراء من القراء والفقهاء والمفكرين الإسلاميين من مصر والعراق وإيران ولبنان وبقية الدول الإسلامية وخصوصا في إقامة أمسيات شهر رمضان.

وتفكر الجمعية حاليا في عقد لقاءات واجتماعات بينها وبين نظرائها من الجمعيات والمؤسسات التي تعنى بالقرآن الكريم، وذلك من اجل التنسيق وتبادل الأفكار والمقترحات الأمر الذي سيسهم في خدمة القرآن والنهوض به في مملكة البحرين. كذلك ستوجه الجمعية جهودها وبعد أن اتخذت الشكل الرسمي إلى المشاركة في المحافل الدولية كالمسابقات والندوات والمؤتمرات وغيرها

العدد 504 - الخميس 22 يناير 2004م الموافق 29 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً