العدد 504 - الخميس 22 يناير 2004م الموافق 29 ذي القعدة 1424هـ

جلال: خطبة الوداع أول وثيقة لحقوق الإنسان

في محاضرة عن حقوق الإنسان في الإسلام

«إن الحديث عن الإسلام وحقوق الإنسان هو حديث ذو شجون وذو شئون في الوقت نفسه»، هكذا بدأ مستشار الدراسات الاستراتيجية في مركز البحرين للدراسات والبحوث محمد نعمان جلال محاضرته التي ألقاها حديثا في مقر بيت القرآن، وقد أوضح نعمان لماذا يعد هذا الحديث ذا شجون وذا شئون، قال: «هو ذو شجون لأن هناك من يقصد الإساءة إلى الإسلام وتشويهه، وخصوصا بعد حادث 11 سبتمبر/ أيلول، وذو شئون لأننا نعيش في القرن 21 ولا يمكن أن نتجاهل العصر الذي نعيشه».

وأضاف: «البحث في حقوق الإنسان له أبعاد مختلفة، وقد أدت عدة عوامل إلى إثارة الجدل عن موقف الإسلام من حقوق الإنسان، ومن أهمها ان بعض فترات التاريخ شهدت وجود حكم تحت عباءة الخلافة الإسلامية، ومع ذلك ابتعد الحكام عن الأصول الصحيحة ولم يلتزموا بالمبادئ السمحة للعقيدة الإسلامية، التحفظات التي تبديها بعض الدول الإسلامية إزاء بعض المواثيق الدولية لحقوق الإنسان بدعوى تعارض بعض نصوصها مع أحكام الشريعة الإسلامية.


ممارسات انتقامية

ومن العوامل التي أثارت الجدل أيضا - الحديث للمحاضر - الممارسات من قبل بعض أنظمة الحكم في بعض الدول الإسلامية عندما وصلت للحكم تحت شعار إسلامي ولكنها انتقمت من معارضيها ومن رجال الحكم السابق، هذا الانتقام أظهر بعض المسلمين بمظهر المتعصب، وليس المتسامح، وهذا بخلاف سنة النبي (ص) عندما فتح مكة وكان متسامحا مع الذين حاربوه وقال لهم «اذهبوا فأنتم الطلقاء».

ولجوء بعض الجماعات التي تتمسح بالإسلام إلى أعمال الإرهاب البدني أو الابتزاز الفكري لمعارضيها بدلا من العمل في إطار قواعد اللعبة السياسية، ومقارعة الحجة بالحجة.

ويرى المحاضر ان الاتجاه العام لدى معظم المفكرين العرب والأجانب يشير إلى اتفاقهم على ان المنطقة العربية تعد من أكثر المناطق تخلفا ليس فقط بالنسبة إلى حقوق الإنسان بل وأيضا بالنسبة إلى التطور الديمقراطي السائد في المنطقة إذا استثنينا قطاعات هامشية في بعض الدول العربية.

وأكد الباحث أهمية التعرف على الضوابط المنطقية عند البحث في القضايا المتصلة بالإسلام، وقال: «إنه لا يمكن استخدام القياس في إرجاع كل ظاهرة مستجدة إلى أصولها القديمة في صدر الإسلام، وإلا فإننا نحكم على أنفسنا بالجمود ونعطل اكبر طاقاتنا، وهي العقل وما يؤدي إليه من الإبداع والابتكار، في حين انه دعانا لاستخدامها في أسئلة، «أفلا يعقلون، أفلا يتدبرون، أفلا يتفكرون».

وأوضح ان النظرة الرومانسية للتاريخ الإسلامي هي نظرة غير واقعية، فهذا التاريخ في معظمه لم يتمش مع مبادئ وقيم الإسلام سواء بالنسبة إلى الحكام أو بالنسبة إلى المحكومين، وشهد جرائم بالغة القسوة وانحرافات بالغة الوضوح في معظم فترات الحضارة الإسلامية.


ظروف قبلية

وأشار إلى ان الإسلام في أهم مصادره القرآن الكريم والسنة المطهرة يفسرها ويقوم بتأويلها أناس مهما أوتوا من علم وخبرة ينطبق عليهم القصور البشري في المعرفة والأفق، وفقا لظروف كل مرحلة تاريخية، ومن ثم لزم التفسير المتجدد وفقا للعصر والأوان استنادا لمبادئ الإسلام وركائزه الأصيلة.

وأكد ان كثيرا من المظاهر التي سادت وتسامح معها الإسلام عند نشأته، ارتبطت بظروف تلك المجتمعات القبلية في الجزيرة العربية في القرن السادس الميلادي، أو حتى في المجتمعات الأخرى، ومن تلك الظواهر الرق، وضع المرأة، المعاملات الاقتصادية، الممارسات السياسية، وكثير من العادات الاجتماعية.

وقال: «إن هذه المحدودية المجتمعية والتاريخية للظواهر والسلوكيات لا ينبغي الخلط بينها وبين المبادئ الأصيلة الثابتة للإسلام وركائزه وأصوله».

وتطرق المحاضر إلى وضع حقوق الإنسان في الإسلام، وقال: «إن أول وثيقة لحقوق الإنسان في الإسلام كانت خطبة الوداع للرسول (ص) عندما أعلن «يا أيها الناس ان ربكم واحد وان أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب وليس لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي ولا لأحمر على أبيض، ولا لأبيض على حمر فضل، اللهم فأشهد، ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب».

وأضاف: «إن سلوك المسلمين في العصور اللاحقة تعارض تعارضا كبيرا مع مبادئ الإسلام، سواء بالنسبة إلى حقوق الإنسان أو القانون الإنساني، وهذا ما يطلق عليه العدوان على حقوق الإنسان في الحضارة الإسلامية، ثم إن الفكر الإسلامي لم يستطع تطوير قواعد قانونية حاكمة في مجال حقوق الإنسان، أو القانون الإنساني أو النظام السياسي، واكتفى بالمبادىء العامة».

وفي ختام محاضرته أشار إلى القضايا الخلافية في الإسلام الخاصة بحقوق الإنسان تتضمن ان الشريعة موضع خلاف أحيانا بين المذاهب المختلفة، وهذا معناه اختفاء أية مرجعية حقيقية وتحويل قضايا حقوق الإنسان إلى مبادئ عامة، والقضية الأخرى ان الشريعة ليست سوى اجتهادات وآراء الفقهاء وهي مختلفة

العدد 504 - الخميس 22 يناير 2004م الموافق 29 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً