تشهد العاصمة السورية دمشق حركة دبلوماسية نشطة، تبدو في زيارات المسئولين العرب والأجانب إلى دمشق، ومحادثاتهم مع الرئيس بشار الأسد ووزير الخارجية فاروق الشرع، وكان بين ابرز زوار العاصمة السورية وزير الخارجية القطري، ونظيره السعودي سعود الفيصل، ورئيس مجلس الشيوخ البولوني باسنوشاك وغيرهم.
فقد ركزت مباحثات زوار دمشق على قضايا إقليمية وعربية أساسية، وكان الأهم في زيارة الوزير القطري ما قيل عن رسالة نقلها من أمير قطر إلى الرئيس بشار الأسد تتعلق بالوضع الإقليمي والعربي ولاسيما بموضوع المفاوضات بين سورية و«إسرائيل»، التي كثر الحديث عنها بعد مبادرة أطلقها الأسد في الدعوة لمفاوضات مع «إسرائيل» من حيث توقفت في العام 2000، وهي دعوة قابلها الإسرائيليون بالرفض، والإعلان على ان المفاوضات ينبغي ان تبدأ من نقطة الصفر، الأمر الذي رفضته دمشق، معتبرة بداية المفاوضات تمتد إلى عشرين عاما.
اما الأهم فيما بحثه الوزير السعودي فكان موضوع تطوير الجامعة العربية، الذي كان محط مشاوراته في القاهرة مع المسئولين المصريين ومع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى.
غير ان مباحثات دمشق في تناولها لموضوع المفاوضات السورية - الإسرائيلية، أو إصلاح جامعة الدول العربية، لم تكن بعيدة عن بحث نقاط إقليمية حامية، جرى التشاور فيها مع الضيف البولوني ومنها الموضوع العراقي الشديد الأهمية بالنسبة إلى دمشق وزوارها، وكذلك التطورات الجارية في الأراضي الفلسطينية وانعكاساتها على عملية السلام في المنطقة في ضوء ممارسات «إسرائيل» ومعارضتها الوصول إلى تسويات تتوافق مع الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ولاسيما القرارين 242 و238 المتضمنين ضرورة انسحاب «إسرائيل» من الأراضي العربية المحتلة في إطار تسوية شاملة في المنطقة.
وإذا كان من أهمية لما تشهده دمشق من مشاورات، فإنها تستمد أهميتها من ثلاثة أمور، أولها الأوضاع الإقليمية في المنطقة بما فيها من تطورات دراماتيكية على نحو ما يحصل في العراق والأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي الحالين تتزايد الترديات الأمنية والاستعصاءات السياسية التي باتت تتطلب تدخلا من اجل صياغات مستقبلية سواء في العراق أو في فلسطين لإنهاء الأوضاع القائمة، والأمر الثاني في أهمية مشاورات دمشق، إنها تتوافق زمنيا مع إعادة صوغ العلاقات الإقليمية في سلسلة من التقاربات من طراز التقارب السوري - التركي، والتقارب الإيراني - المصري، وبروز مستويات من التنسيق بين الدول على نحو ما ظهرت عليه نتائج زيارة ملك الأردن عبدالله الثاني إلى العربية السعودية ولقائه مع قادتها، اما الثالث فيستند إلى قرب انعقاد القمة العربية العادية المفترض عقدها في تونس في فبراير /شباط المقبل، وهي القمة الأولى التي تعقد بعد الحرب على العراق ، ويفرض على القمة العربية المقبلة البحث في واقع النظام العربي والعمل على تحديثه بما يتناسب مع الاحتياجات العربية
العدد 502 - الثلثاء 20 يناير 2004م الموافق 27 ذي القعدة 1424هـ