العدد 498 - الجمعة 16 يناير 2004م الموافق 23 ذي القعدة 1424هـ

وضع الاقتراح بقانون من المجلسين مقرر للحكومة صراحة في الدستور

ردا على ما جاء في «الوسط»:

معصومة عبدالرسول عيسى comments [at] alwasatnews.com

طالعتنا صحيفة «الوسط» في عددها 484 الصادر يوم السبت 3 يناير/ كانون الثاني 2004 بخبر منشور في الصفحة (7) تحت عنوان مقترح بقانون لإنشاء دائرة إعداد التشريعات لمجلس النواب.

وبالاطلاع على مواد الاقتراح بقانون المنشورة في الصحيفة يتبين أن الغر من الاقتراح بقانون هو إنشاء دائرة تسمى دائرة اعداد التشريعات والقوانين بمجلس النواب، وتختص باعداد وصوغ الاقتراحات بقوانين المقدمة من الأعضاء والتي يوافق عليها مجلس النواب، أي انه بعد أن يوافق مجلس النواب على الاقتراح بقانون المقدم من أحد النواب يحال إلى الدائرة التابعة إلي المجلس لوضعه في صيغة مشروع قانون، وتضمن الاقتراح بقانون المشار إليه تخويل الدائرة المشار إليها اختصاصات أخرى منها ابداء الرأي في المعاهدات والاتفاقات الدولية، وفي الأمور التي تحال إليها من مجلس النواب ولجانه وأعضائه، وفي العقود التي تبرمها الحكومة وغير ذلك مما تضمنه الخبر المنشور.

وبحكم خبرتي القانونية واهتماماتي بالشئون العامة، أرى من الواجب ابداء الرأي عن مدى دستورية الاقتراح بقانون المشار إليه، ولاسيما في ظل دستور المملكة الذي اشتملت الفقرة (أ) من المادة (92) منه على حكم مفاده، «أنه لأي من أعضاء مجلسي الشورى والنواب حق اقتراح القوانين، ويحال كل اقتراح إلى اللجنة المختصة في المجلس الذي قدم فيه الاقتراح لإبداء الرأي، فإذا رأى المجلس قبول الاقتراح أحاله إلى الحكومة لوضعه في صيغة مشروع قانون وتقديمه إلى مجلس النواب في الدورة نفسها أو في الدورة التي تليها».

ولا ريب أن النصوص الدستورية تعد الأساس لكل قاعدة قانونية تليها في المرتبة، سواء أصدرت عن السلطة التشريعية في صورة قانون أم عن السلطة التنفيذية في صورة لوائح وقرارات، ويستتبع ذلك أنه لا يجوز لأي من السلطتين أن تجاوز النطاق الذي رسمه لها الدستور، وإلا كان عملها مخالفا لمبدأ الشرعية الدستورية، حيث إن النصوص التشريعية التي تقررها السلطة المختصة بالتشريع وفقا لأحكام الدستور تلي النصوص الدستورية من حيث قوتها الإلزامية، ومن ثم وجب أن يكون اصدارها على مقتضى أحكام الدستور نصا وروحا، ومرد ذلك إلى أن الدستور - وهو القانون الأعلى فيما يقرره - لا يجوز أن يهدره قانون وهو أداة أدنى.

وتأسيسا على ذلك يكون الاقتراح بقانون بشأن إنشاء دائرة لإعداد التشريعات والقوانين بمجلس النواب تختص بصوغ الاقتراحات بقوانين، قد جاء على خلاف حكم الدستور نصا، فاقتراح القوانين حق أصيل لكل عضو من أعضاء المجلسين، وإقرار مشروعات القانون أو تعديلها أو رفضها حق أصيل كذلك للمجلسين أما وضع الاقتراح بقانون المحال من أي من المجلسين في صيغة مشروع قانون فذلك اختصاص مقرر للحكومة صراحة بنص المادة (92) من الدستور.

وإذا كانت الحكومة تختص بإعداد وصوغ مشروعات القوانين، وبوضع الاقتراح بقانون في صيغة مشروع قانون، فإنها لا تملك والحالة هذه التنازل لأية سلطة أخرى عن اختصاصها المنصوص عليه في الدستور، ولا يعد هذا انتقاصا من دور المجلس الذي له حق تعديل مشروع القانون وإقراره أو رفضه إعمالا للصلاحيات المقررة دستوريا، وفي ذات الوقت لا يعد تنازلا من مجلس النواب عن اختصاصه، فهو اختصاص لم يقرره الدستور للمجلس على النحو المشار إليه سلفا.

هذا ونصت الفقرة (د) من المادة (104) من الدستور علي أن يضع القانون الأحكام الخاصة بمهمات الافتاء القانوني، واعداد التشريعات، وتمثيل الدولة أمام القضاء، وبالعاملين في هذه الشئون، وجاء هذا النص الدستوري تأكيدا وتثبيتا للأحكام المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم (11) لسنة 1972 بإنشاء وتنظيم دائرة الشئون القانونية الذي بمقتضاه أنشئت دائرة الشئون القانونية التي تختص باعداد وصوغ مشروعات القوانين والمراسيم واللوائح واعداد صيغ المعاهدات ومراجعة أحكامها وابداء الرأي في الأمور التي تتعلق بتطبيق القوانين والمراسيم واللوائح، وفي العقود التي تبرمها الحكومة، كما خولت الاختصاص بتمثيل الحكومة ووزاراتها وإداراتها فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم... ومن ثم فإن الحكومة بمجرد إحالة الاقتراح بقانون إليها تكلف دائرة الشئون القانونية، بإفراغه في صيغة مشروع قانون ورفعه إلى مجلس الوزراء الذي يتولى دراسته ثم إحالته للجنة الوزارية للشئون القانونية لفحصه وتمحيصه واعداد تقرير بشأنه للعرض على مجلس الوزراء، فإذا انتهى مجلس الوزراء من دراسة مشروع القانون في ضوء ملاحظات اللجنة الوزارية للشئون القانونية، يعرض صاحب السمو رئيس مجلس الوزراء الموقر علي مجلس النواب مشروع القانون.

ومما تقدم يتبين أن الاقتراح بقانون المحال من أحد المجلسين إلى الحكومة لوضعه في صيغة مشروع قانون يمر بمراحل كثيرة من التدقيق والمراجعة والفحص والتمحيص تتولاها الأجهزة واللجان المختصة في الحكومة ومن بينها دائرة الشئون القانونية واللجنة الوزارية للشئون القانونية والوزارات المعنية بالموضوع، وذلك كله تحت إشراف ومتابعة من مجلس الوزراء.

وختاما... عذرا عزيزي القارئ إن كنت قد أطلت في موضوع قد يكون من الأمور البديهية للمتخصصين في علم القانون والمشتغلين به والمهتمين بالشأن العام، وكذلك بالنسبة لممثلي الشعب من أعضاء مجلسي الشورى والنواب، وغيرهم، إلا أنه قد يكون غير واضح بالنسبة لمن سواهم، فأردت أن أدلي برأيي في هذا الموضوع.

مستشارة قانونية

العدد 498 - الجمعة 16 يناير 2004م الموافق 23 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً