العدد 498 - الجمعة 16 يناير 2004م الموافق 23 ذي القعدة 1424هـ

تريدون مني أن أبيع الحق بالباطل؟

رسالة «الصدر» الشهيد

علي الشرقي ali.alsharqi [at] alwasatnews.com

هل رأيتم قمة «الخبال» حين يُطلب من مثل الإمام الصدر التنازل عن مبادئه وقيمه وكيانه بثمن بخس يتمثل في إرضاء الثورة «الرحيمة» والقائد «الملهم»، غير مكترث بسخط الخالق وناره التي فجرها جبارها لغضبه؟!

هل نالت الإغراءات والتهديدات من صلابة الإمام الصدر وجعله يتنازل قيد أنملة عن مبادئه التي آمن بها إيمانا لا تزعزعه العواصف أو تنال من عمقه وقوته القواصف؟

هذا لا يمكن أن يحصل بأي حال، فالشهيد الصدر مقتدٍ بجده المصطفى (ص) الذي خاطب عمه قائلا «والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه».

دعونا بعد ذلك نستلهم الدروس الإيمانية العميقة من رد الشهيد الصدر على رسالة عدو الإسلام والعروبة وعدو الإنسانية اللدود، صاحب القصور والجحور، وهذا شيء يسير من عواقب الأمور.

يقول الإمام الصدر (قدس سره) جوابا على تلك الرسالة التي تزكم الأنوف «لقد كنت أحسب أنكم تعقلون القول وتتعقلون فيقل عزمكم إلزام الحجة ويقهر غلواءكم وضوح البرهان، وعظتكم بالمواعظ الشافية أرجو صلاحكم، وكاشفتكم عن صادق النصح ما فيه فلاحكم، وأبنت لكم من أمثلات الله ما هو حسبكم زاجرا لو كنتم تخافون المعاد».

هل وضح الفرق بين العنصرين؟ عنصر خير يسدي النصيحة ويريد الصلاح للحاكم قبل المحكوم، لأن بصلاحه تصلح الأمة وبفساده تفسد، وعنصر بطش وتعطش للدماء وإهلاك الحرث والنسل كما يقول الشاعر: «أريد حياته ويريد قتلي»... هذا هو الفرق بين الخير والشر، بين عبادة الرحمن وعبادة الهوى والشيطان. ويستأنف السيد الإمام «ونشرت لكم من مكنون علمي ما يبلو غلوتكم لو كنتم إلى الحقيقة ظماء، ويشفى سقمكم لو كنتم تعلمون أنكم مرضى ضلال، ويحييكم بعد موتكم لو كنتم تشعرن أنكم صرعى غواية، حصحص أمركم وصرح مكنونكم أضل سبيلا من الانعام السائبة وأقسى قلوبا من الحجارة الخاوية وأشره إلى الظلم والعدوان من كواسر السباع، لا تزدادون مع المواعظ إلا غيا، ومع الزواجر إلا بغيا، أشباه اليهود، وأتباع الشيطان، أعداء الرحمن».

لقد أبان شهيدنا الصدر في هذه السطور حقيقة القائد (الجبار) المتشبع دوما بالرغبة في سفك الدماء والتمتع برؤية الاشلاء، حتى صار أقسى قلبا من الكواسر، وأشد ولعا بالقتل والتدمير من كل غادر وجائر.

ولنتابع متأملين «وتربصتم بأوليائه كل دائرة، وبسطتم إليهم أيديكم بكل مساءة، وقعدتم لهم كل مرصد، وأخذتموهم على الشبهات، وقتلتموهم على الظنة، على سنن آبائكم الأولين، تقتفوف آثارهم وتنهجون سبيلهم، لا يردكم عن كبائر الإثم رادع، ولا يزعجكم عن عظائم الجرم وازع، لقد ركبتم ظهور الأهواء فتحولت بكم في المهالك، واتبعتم داعي الشبهات فأوردكم أسوأ المسالك».

هنا ندرك كم هي مؤثرة عوامل التربية، وكيف أن الفروع تتبع الأصول في الخير والشر، و«يزيد تكريت» لا يردعه رادع عن فعل أي شيء مهما تكن بواعثه ونتائجه، لأنه من الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، هذه هي حقيقة القائد «العظيم» ذي الجرائم «العظام»

إقرأ أيضا لـ "علي الشرقي"

العدد 498 - الجمعة 16 يناير 2004م الموافق 23 ذي القعدة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً