قصة أغرب من الخيال، تحدث لإحدى الأسر البحرينية عندما وافقت ابنتهم على الزواج من ذاك الرجل غريب الطباع ومريض الأخلاق، المتستّر بستار الإنسانية والأصل.

وتبدأ الحكاية قبل شهر من الزواج، عندما أصيبت الفتاة بمرض عضال، بعد أن جهّزت فستان العرس وبطاقات الدعوة، وما إلى ذلك من تجهيزات للزواج المشئوم، فما كان من عريسها (الغريب) بعد أن علم بمرضها، إلا أن يستشير أهله في موضوع زوجته، وكانت الحصيلة مأساة يا قراّء الوسط الأعزاء!

إذ قامت أخت هذا العريس المجرّد من المشاعر، بتنبيه أخيها إلى أهميّة الطلاق من عروسه حالا، لأنها بلا نفع الآن، فهي لا تستطيع أن تعطيه حقّه الشرعي، وذكرت له أنها في حال تعافيها من المرض قد يرجع لها في أية لحظة بأسوأ من ذلك، كما قالت له بأنها إن حملت منه فإن أطفالهما سيولدون معاقين، أو أنها ستموت وستُلقي الهم والغم على أخيها!

قام المعرس الجبان بإخبار الفتاة هذا الكلام، وبطريقة أقسى مما نطقت به الأخت، كما أن والد المعرس قام بسوقية بحتة وبتجرّد من المشاعر التي فطرها الله على قلب البشر، بالذهاب إلى عم الفتاة والزعيق عليه ووصفهم بالغش، لأنها مريضة ولم يخبرونهم بذلك، كما طلب منهم أن «يُبدلوهم» بإحدى أخواتها، اللاتي لا يشكين أي مرض!

للأسف يا هذا، فإن بنات الناس لسن بضاعة للإبدال، ولسن مغشوشات بالأمراض، بل هو قدر الله سبحانه وتعالى على هذه المؤمنة الطاهرة، وإننا لا نلوم القدر على مرض عضال، ولكننا نلوم البشر على تصرف لا ينم على الإنسانية أو الأصالة، فالأصيل ليس بالعائلة أو بالقبيلة الفلانية، ولكن الأصل في الأخلاق وحسن التعامل مع الناس.

لم يصبر هذا المتجرّد من إنسانيته على قضاء الله وقدره، ولم يتعامل مع البشر على أساس حسن الخُلق، بل أن طبعه الغوغائي هو وعائلته ظهر في وقت غير مناسب جدا!

فلقد كشّر عن أنيابه هو وعائلته، وركل الفتاة وطلّقها وجعلها طريحة الفراش وكسيرة القلب، فلم يكفيه ما أصاب هذه المسكينة من ألم الجسم، حتى يزيد الهم هما، في وقت كانت تحتاج هذه الفتاة إلى من يأخذ بيدها ويهدئ روعها، ومن سيكون أفضل من زوج حنون عليها؟! لقد رفضها وزاد همّها وآلمها في نفسها، وعندما يشعر الإنسان بألم النفس يا أخواني، فإنه يعاني أشد أنواع الألم افتراسا، بل انه في كثير من الأحيان يُقتل بسبب هذا الألم.

توالت المصائب على فتاتنا وأهلها، فكلما رآها طبيب يتساءل عن غطاء الحزن الذي يكتسيها، فتخبره أمها عما حصل مع ذاك الحيوان وأهله، فما يكون من أي طبيب أو أي شخص إلا أن يتوجه بالدعاء لها، والدعاء عليه لما أصاب قلبها الحزين.

والعجيب يا جماعة بأن هذه الفتاة الحميدة بأخلاقها، لم تمت من مرضها، بل ماتت من جلطة أصابتها نتيجة الحزن والكآبة، على ما قام به ذاك المريض مع أهله من تصرف شنيع ومشين، فلقد أنقضوّا عليها وقضوا على آخر نسمة أمل في حياتها، فكان الجسم يجاهد «موت النفس»، التي قتلت على يد هؤلاء.

نصيحة لكم يا أخواني لوجه الله، إذا أُصيب أحبّاؤكم بمكروه، فلا تنسلّوا عليهم ولا تعصروا قلوبهم وأهليهم، بل خذوهم باللطف وحسن الخُلق، وإن كنتم لا تستطيعون صبرا فتسريح بإحسان، لا تسريح بجرح القلوب وعصرها ورميها.

فأخلاق الحبيب محمد لم توصينا بما قام به هذا المعرس من تصرف أسود، بل شدّد الرسول (ص) على حسن التعامل، والصبر عند الشدائد، فالندم لا ينفع صاحبه بعد أن يذهب الغالي عن دنيانا.

وليتذكر هذا المعرس المريض نفسيا بأن الظلم ظلمات يوم القيامة، وأنّ ما قام به دين مردود له، سواء في الدنيا أم في الآخرة، ورحم الله الفتاة وصبّر قلب أهلها، فهم من الأصيلين الذين يمشون على الأرض هونا.

ونقول كما قالت والدة الفتاة: حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم، وفي كل من تسوّل له نفسه قتل الناس بألفاظه المشينة وأطباعه السيئة