تحت شعار «نحو دستور عقدي لمملكة دستورية» تتجه الجمعيات الأربع المقاطعة بمعية المستقلين إلى إقامة المؤتمر الدستوري في 14 و15 فبراير/ شباط 2004، وهو التاريخ نفسه الذي تم التصويت فيه على ميثاق العمل الوطني العام 2001 بنسبة 98,4 في المئة، بعد التعهدات الشفهية والمكتوبة للمسئولين في الحكم للمعارضة بكون دستور 73 حاكما على الميثاق، وكون الصلاحيات التشريعية في المجلس المنتخب فحسب، فيما المجلس المعين للاستشارة فقط، وهذا التاريخ هو نفسه يوم إصدار دستور 2002، والذي أدى إلى مقاطعة القوى المعارضة الأساسية إلى البرلمان الحالي، نتيجة الاختلاف على آلية إصدار دستور 2002، ما أكدته المعارضة من وجود انتقاص لحقوق الشعب المكتسبة في دستور 2002، والتراجع عن السقف الذي حدده الميثاق بـ «الديمقراطيات العريقة»، وعن مكتسبات دستور 73.
لقد حسم قرار تنظيم المؤتمر الدستوري بجعله في الجمعيات المقاطعة وفي «لوبي الدستوري» عبر إدخال ثلاثة عناصر من المستقلين في اللجنة التحضيرية، إضافة إلى ممثلين عن الجمعيات الأربع المقاطعة، وكذلك بترئيس المحامية المخضرمة والقوية جليلة السيد على اللجنة التحضيرية، ما يعني منذ البداية وضوح أهداف المؤتمر ونتائجه، بأنها ستكون باتجاه ما قاطعت من أجله الجمعيات الأربع، من دعوة إلى إعادة مكتسبات دستور 73 وفق ما قرره ميثاق العمل الوطني، وبآلية توافقية ترضاها المعارضة والحكم أيضا، شرط أن تكون خارجة عن آليات دستور 2002 غير المتفق عليه، هذا هو التصور الجاهز للمؤتمر الدستوري.
يبقى أن يجاب على أسئلة مهمة وملحة، ليفهم ما إذا كان هذا المؤتمر سيكون مؤتمر توصيات فقط، أم مؤتمرا نوعيا في آليات عمله ومخارجه للخروج من أزمة عدم التوافق السياسي والدستوري على كيفية إدارة أمور العباد والبلاد.
أولا: يثير الكثيرون بأن الجمعيات الأربع المقاطعة قلصت من تأثير ودور المؤتمر الدستوري في الوصول إلى مخارج فعلية للأزمة الدستورية، بحصر تنظيم المؤتمر فيها وفي المستقلين، بعد أن كانت الرغبة في توسيع قاعدة المنظمين والمشاركين في المؤتمر ليشمل كل الجمعيات السياسية الموجودة في البلد، والتي تؤمن بوجود أزمة دستورية، وليس مهما الاتفاق على الآليات والمخارج، فالمهم هو وجود مخرج ما يفضي إلى التوافق على الخروج من الأزمة الدستورية بحلول مرضية للجميع. للجواب على هذه الإثارة، يجب وضع النقاط على الحروف بموضوعية تامة، حتى لا تختلط الأمور أكثر مما هي مختلطة الآن.
كان الكثير من الرموز يستنكرون الحديث عن من حمل لواء الحركة المطلبية في دعوتها إلى تفعيل الدستور وعودة الحياة النيابية، وأنهم هم أنفسهم من يحملون الآن لواء التصحيح للوضع السياسي والدستوري الحالي، وأنهم لولب العمل السياسي على مدى قرن كامل، وإن تراجع عن هذا الخط الكثير من المحسوبين على خطوط النضال السياسية العريقة، وكان الاستنكار بدعوى التواضع، والحفاظ على وحدة الصف الوطني، وتأمين أكبر قدر ممكن من المؤيدين إلى المطلبية.
هذا يعني أن من تمرسوا النضال السياسي الطويل والشاق قادرين إذا امتلكوا الإرادة السياسية أن يكونوا اللولب ذاته الذي تدور حوله حركة التغيير السياسي في البلد، حتى من دون مساندة الكثير من النخب السياسية التي لا تمتلك نصيبا من حركة الشارع، وإن تسمت بجمعيات ومسميات أخرى، فهي لا تمتلك إلا «التهويش السياسي» وعرقلة الأمور أكثر من دفعها إلى الأمام، فالتعويل على هذه القوى وهم يعكس حالا من التطابق مع موقف هذه القوى ممن يدعون إلى ضمهم إلى ركب العمل السياسي الجاد، في محاولة لإسقاط العمل السياسي، وجعله أكثر ضبابية، بغية الحصول على استحقاقات آنية، أو لعدم الرغبة في مواصلة الطريق من الأساس.
البعض من الرموز يثير مسألة حساسة، وفي غاية الخطورة، وهي أن أية حركة مطلبية تطالب بالتغيير وإصلاح الأوضاع، بما فيها المؤتمر الدستوري، وما سيعول عليه من نتائج بمنح صلاحيات أكبر للشعب في المشاركة في أعباء الحكم، وصولا إلى تداول السلطة سلميا، هذه الحركة لابد أن تحتاج إلى كل الأجنحة القوية، ومن بينها التيار الإسلامي السني، وتحديدا تيار «الأخوان المسلمين» المتمثل في جمعيتا «المنبر الإسلامي» و«الإصلاح»، ومن دون ذلك، ستكون أية عملية باتجاه المزيد من المكتسبات للشعب غير ممكنة ما لم تشارك فيها هذه الأطراف.
هذا الفهم دقيق إذا كان هذا الخيار طوعيا، أي أنه من دون إكراه على القناعة بالتغيير في هذا الاتجاه أو ذاك، بأن تكون الأطراف المؤملة في المشاركة في خيار التغيير السياسي ناهضة بمسئولياتها التاريخية نهوضا حقيقيا، يستوجب منها الدفع بالخيار السياسي الصالح لها ولقواعدها وعموم شعب البحرين، بما يعزز الوحدة الوطنية والخيار السياسي والوطني المتوافق عليه، أما في حال التلكؤ المتعمد، وإيجاد التبريرات السياسية للخيارات المنقوصة، والافتراق عن كل ما يجمعها بالآخرين على أساس القناعة المشتركة، لا على أساس المصالح الخاصة والتوجس من الآخر، فإن أي أمل فيها لن يخرج بنتيجة واضحة يمكن من خلالها تحديد موقف وخيار سياسي أو استراتيجي يخدم مصالح شعب البحرين.
لقد نعم شعب البحرين بتضحيات فئة مظلومة دخلت السجون، وشردت في المنافي، وشرفت بالشهادة دفاعا عن حقوقها وعن حقوق المواطنين كافة، ولم يكن ذلك منة منهم على أحد، ولا رغبة في استحقاق أكبر من استحقاق غيرهم، فهم مازالوا خارج اللعبة كما يدعي الكثيرون، ومع ذلك تحقق هذا الإنجاز، وأصبح من يؤمن ومن لا يؤمن بالديمقراطية يتكلم عنها.
من هنا تحديدا يفهم الافتراق السياسي على مستوى الاستحقاقات الكبرى بين هذه الأطراف والقوى المعارضة، كالدخول في تجربة ديمقراطية غير متوافق عليها، فمن لم يتضرر من قانون أمن الدولة، وبقيت مصالحه ومكتسباته محفوظة له، يقينا لن يتضرر من ديمقراطية تنتقص فيها حقوق غيره، وسيبقى يتكلم عن الديمقراطية وكأنها حرب جديدة على هؤلاء غير الديمقراطيين، والذين يريدون الرجوع إلى المربع رقم واحد.
إن من يرى الدخول في البرلمان مثل «أكل الميتة»، فهو يقينا لا يرى في هذه التجربة بأنها ذات بال، بل ربما يراها بكل قصورها غير مستحقة لهذا الشعب، ما يعني أن دخوله فيها مع وصفه لها بهذه الأوصاف، يمثل قمة الاستفزاز لحركة التغيير الطبيعية، وللحراك السياسي المشروع من داخل البرلمان أو من خارجه، فهو أشبه بالمعيق لهذه التجربة مع كل قصورها وعدم التوافق عليها، فما بالك والمطلب أكبر من هذه التجربة القاصرة، فهل يمكن بعدها تصور أنه سيكون جزءا من معادلة التغيير السياسي في البلد والاتجاه نحو مزيد من المكتسبات لهذا الشعب؟ هل يمكن التصور مثلا أن يكون هذا الفهم شريكا في المؤتمر الدستوري؟
حقيقة لابد من معرفتها والإقرار بها، وهي أن هذا الشعب غير مركب ولا معقد في انتماءاته، ولا مجال لتصنيفه حتى على أساس طائفي بغيض، وهو بسيط إلى درجة عدم القدرة على تشكيله وفق الأطر الحزبية الضيقة، وهو منسجم ومنبسط إلى درجة التآلف والمحبة والرحمة من دون التفريق بين طائفة وطائفة أخرى، فلم تبدو خياراته مفترقة؟ والجواب: أن السبب هو الفهم المعكوس الذي يختصر خيارات الناس في المواقع الرمزية الجامدة على مصالحها ومفاهيمها التاريخية البالية، والتي تشكلت بدافع سياسي واضح أساسه امتياز لهذا الطرف في قبال حرمان الطرف الآخر.
يجب تجاوز هذا الفهم الضيق، ولكي يتم تجاوزه، فهذه دعوة إلى تجاوز وساطة المواقع الرمزية هذه في الاحتكام إلى خيارات الناس، واللجوء إلى الناس مباشرة، ولا أقرب من الحراك السياسي الجميل في محرق الصمود والتاريخ العريق، لينبئ أن هذه المواقع فعلا لا وجود لها إلا فيما تبقى من امتيازات ومؤسسات تغذي هذا الفهم، أما الواقع السياسي العام، فيكاد ينطق بالكفر التدريجي بهذه المواقع الرمزية، لأنها دخلت مباشرة في الاستحقاق السياسي والانتخابي الذي كانت غائبة عنه باتجاه الخطاب الدعوي، وتأمين المواقع الخاصة على أساس نظام الامتيازات الفاضح، وما يعزز ورطة هذه الأطراف، عدم قدرة الجهات الرسمية على تجزئة المكاسب السياسية في هذه التجربة كما كانت تفعل في السابق، فالإخفاق يخص جميع من شاركوا في التجربة، ولا يمكن للحكومة أن تنجح خيارا سياسيا يضر بمصالحها، حتى لو كان أحد حلفائها جزءا من هذا الخيار، وهذا سيدفع بأن تكون جميع فئات الشعب حيادية في الحكم على التجربة وتقييم من شارك فيها، في ظل وجود مشارك ومقاطع في معركة رهان على الخيار الأفضل للناس.
إذن... فالتعويل على توسيع دائرة المشاركين في المؤتمر الدستوري ضمن رؤية شكلية لا تقدم ولا تؤخر في نتائج المؤتمر، بل قد تربك الخيارات السياسية وتعقدها أكثر فأكثر، هذا التعويل ليس في محله، والشواهد التاريخية تؤكد أن المعارضة قادرة على النهوض بمسئولياتها التاريخية، حتى لو كانت الكلف والتضحيات التي تقدمها أكبر من غيرها، فيما الاستحقاق متساو بين الجميع، فهذه ضريبة لابد من دفعها.
ثانيا: ضمن أي خانة يراد أن يصنف المؤتمر الدستوري؟ هل ضمن خانة تسجيل المواقف السياسية، واقتراح المخارج التي لا تلزم الحكم بتنفيذها؟ أم يراد للمؤتمر الدستوري أن يكون بداية تأسيس لعمل معارض يؤكد حال التوازن والتكافؤ مع السلطة وفق خيارات سلمية مفتوحة، ومخارج مدعومة بمستندات ووثائق تاريخية مادية ومحسوسة على غرار العريضتين الشعبيتين في فترة التسعينات، يمكن من خلالها أن تكون خيارا فعليا لهذا الشعب، في قبال الخيارات الأخرى التي يقدمها الحكم؟
المعارضة خلال السنة ونصف السنة من إعلان مقاطعتها للانتخابات النيابية، لم تحدد شعارا سياسيا يمكن من خلاله فهم سبب مقاطعتها للانتخابات، لكون الخطاب السياسي منقسم على نفسه في هذا الاتجاه، كما أنها لم تضع اشتراطات واضحة تبرر قبولها بدخول التجربة البرلمانية من جديد إذا تحققت هذه الاشتراطات، ما يعني أنها لم ترسم معالم طريقها للشارع الذي ينتظر منها مبادرة أو إشارة باتجاه ما، وهو ما دفع إلى تحرك بعض الوسطاء من خارج المعارضة لطرح خيارات سياسية مبتسرة أو منقوصة، لكون المعارضة لم تحدد خياراتها بالفعل، ولكون بعض التوجهات داخلها ترغب بإعطاء ضوء أخضر لهذه الخيارات، رغبة في إنهاء هذه الأزمة بأي من الأشكال.
ساعد على طرح الخيارات المبتسرة القول بعدم وجود برنامج لدى المعارضة، وفي هذا القول خلط واضح بين وجود برنامج للمقاطعة، وبين وجود برنامج سياسي شامل لكل الملفات الساخنة للجمعيات السياسية، واستخدام التعيير الدائم للمعارضة بالبرلمان وبغيره عندما يفتح إحدى الملفات الساخنة من دون أن يكون قادرا على حلها، فقط فتح إعلامي يستخدم أسلوب البيانات السياسية التي تستخدمها المعارضة، ولكن من داخل قبة البرلمان، وينتهز حصوله على بعض المعلومات التي لا فخر له إذا لم يحصل عليها، للمساعدة في حرف فهم الناس عن دور المعارضة الفعلي.
برنامج المقاطعة موجود ومعروف لدى النخب، ولا يحتاج إلا إلى تفعيل ومستندات مادية تؤمن الالتفاف الشعبي حول مطالب المقاطعة، أما البرنامج غير الموجود، فهو البرنامج السياسي الشامل الذي يطرق كل الملفات السياسية تماما كما يفعل البرلمان العاجز عن الإنجاز، لأن مفاتيح اللعبة إلى الآن بيد الحكومة، والخلل في عدم وجود البرنامج السياسي سببه الخلل في التنظيم الهيكلي داخل المؤسسات السياسية، واحتكار القوة والمواقع والأدوار بيد فئة قليلة لا يمكن لها أن تقوم بكل الأعباء السياسية، ما يجعل الكثير من الطاقات التي ترغب في استلام ملفات بعينها معطلة وغير قادرة على استثمار طاقتها وإمكاناتها في هذا المجال، وهو عينه ما يدفع الكثير إلى تشكيل لجان منفصلة عن الجمعيات مثل «لجنة دعم المدرسين العاطلين عن العمل» والتي أنجزت الكثير في مجالها حين تفرغت لأداء هذا الدور، وكذلك لجنة الشهداء وضحايا التعذيب.
إذن ... لا مشكلة في برنامج المقاطعة، فهو واضح ومحدد، والسبب في ضبابيته هو الانقسام بشأنه وعدم الاتفاق عليه للوجود الخفي لجدلية المشاركة والمقاطعة على رغم اتخاذ قرار المقاطعة، تبقى مشكلة البرنامج السياسي، وهي بحاجة إلى عدم مكابرة الجمعيات السياسية أكثر من ذلك، وتحديدا جمعية الوفاق، نظرا لطبيعة جماهيرها ودورها المحوري، والعمل على توازع القوة والأدوار والمهام، وعدم احتكارها بيد فئة معينة.
من كل ذلك، يمكن التأكيد أن المؤتمر الدستوري وفق الرؤية الصحيحة للمقاطعة يمتلك الأرضية الواسعة للنجاح، وخصوصا مع وجود انسجام كبير داخل اللجنة التحضيرية، لكونها تؤمن بصوابية قرار المقاطعة، وتحمل التأسيس الفعلي لبرنامج المقاطعة كما أراد له أصحابه، فاللجنة التحضيرية بحوزتها شهادات من خبراء دستوريين على صحة موقفها ورأيها في دستور 2002، كما أنها أعدت ربما تعديلات دستورية على دستور 73 لا دستور 2002، في جاهزية واضحة لإعلان المخارج السياسية للأزمة الدستورية وفق آليات متفق عليها
سيحضر المؤتمر الدستوري أيضا فقهاء دستور عرب وشخصيات سياسية خليجية عالية المستوى، وأخرى حقوقية من منظمات عربية ودولية، وبذلك فالمؤتمر يمتلك مقومات النجاح على مستوى إقليمي أبعد من الدائرة الضيقة التي يراد أن يحشر فيها العمل السياسي، فهذا الغطاء كان أهم من الغطاء الذي لم يوفره نكوص البعض عن التزاماتهم الوطنية والتاريخية في فترة التسعينات، وكان هذا الغطاء إضافة إلى عوامل الصمود لأصحاب المبادرة في السجن سببا في وجود الحركة الإصلاحية، ويمكن لتجربة الإصلاح أن تستمر بقليل من الصبر والحكمة والدراية والتعقل.
ولكن ما ينقص المؤتمر الدستوري، هو التأسيس السلمي لكل الخطوات السياسية التي تقوم بها المعارضة، وإيجاد ثقافة عامة بهذا الخيار عبر آليات تحكم موضوعية تقنع الشارع بصوابية الخيار السلمي في تحقيق مطالب الشعب، وهذا يتطلب أن تتوجه المعارضة بخطاب مباشر وخاص إلى الجماهير، ولا تتجاهلها أكثر مما تجاهلتها، ولن يكون ذلك من دون وجود ركن مادي واضح يمكن أن تركن الجماهير إليه في استجابتها لسلمية الحركة المطلبية، وعدم لجوئها إلى الدفاع الخاص عن مصالحها وفق أجندة خاصة وأساليب مختلفة في الدفاع عن النفس أمام صور الإحباط الكثيرة، ما يرشح أن يكون العنف أكثر الوسائل رجاحة في ظل انعدام الخيارات.
إنها دعوة لتبني عريضة شعبية بعد المؤتمر الدستوري، يتم فيها توجيه خطاب سياسي سلمي هادئ وموزون إلى القيادة السياسية التي عانت كثيرا من أجل تحقيق قدر كبير من الانفتاح السياسي، وتأمين الحريات بأعلى درجات المسئولية، على أن تحدد فيها المطالب الشعبية والمخارج والحلول المقترحة التي سيخرج بها المؤتمر الدستوري، بما يعكس حقيقة التوازن بين المعارضة والحكم في الفعل السياسي المؤثر، والوجود الفعلي المبرر للمعارضة ولمطالبها، فالعريضة الشعبية من الرحابة وسعة الأفق في ظل الانفتاح السياسي، بحيث يمكن أن تكون قياسا موضوعيا لإعطاء مكاسب سياسية أكبر لهذا الشعب، سواء بالنسبة إلى الحكومة أو المعارضة، بما يؤمن الوصول إلى درجة كبيرة من التوافق السياسي، خارج دائرة الاضطرار السياسي كما هو موجود الآن، أو الاضطرار الأمني من طرف الحكومة كما كان موجودا في قانون أمن الدولة، وكما يخوف به البعض في حال التمسك بالمطالب.
ومازال التعجب موجودا من جمود الحال السياسية، وعدم وجود مبادرات وطنية فعلية في ظل الانفتاح السياسي، في حين كان الاضطرار في المرحلة الأمنية سببا في عريضتين نخبوية وشعبية، هذا الفارق يدعو إلى التأمل والبحث عن الخلل في العقلية السياسية المعارضة، هل ركنت إلى الراحة في رفضها للاستحقاق الحالي، أم أنها تبحث عن عدم تفويت هذا الاستحقاق في المراحل المقبلة، ولهذا ترفض أي استحقاق آخر يقطع عليها طريق القبول بالأمر الواقع، ويرجعها إلى جادة الطريق لتخوض صراع الإرادة من جديد؟ فقط، يجب الحذر من المفاجآت والاحتياط لها مع اقتراب المؤتمر الدستوري من لحظة الصفر، فالمؤتمر الدستوري بداية تشكل جديد لدور المعارضة، إلى حيث عدم التفكير في خط رجعة جديد، وفي جدلية كالمشاركة والمقاطعة، وما قبله منطقة خطر يجب تجاوزها بسلام
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 512 - الجمعة 30 يناير 2004م الموافق 07 ذي الحجة 1424هـ