العدد 512 - الجمعة 30 يناير 2004م الموافق 07 ذي الحجة 1424هـ

السياحة النظيفة تضمن نموا مستديما

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

اننا نعيش في زمن وجدت فيه الدول ان السياحة غير النظيفة ليست مفيدة اجتماعيا أو سياسيا أو ماليا. ففي الثمانينات اعتقد البعض ان تنشيط السياحة لا يحتاج إلا إلى عدد من الحانات والفنادق ونساء الليل اللاتي يتم استيرادهن لهذا الغرض من بلدان فقيرة تضطر فيها المرأة إلى بيع جسدها من أجل الحصول على لقمة العيش.

هذه العقيدة الخاطئة وصلت إلى طريق مسدود وبدأت الدول - الواحدة تلو الاخرى - تبتعد عن هذا النوع من السياحة التي ثبت أن الذين يتعاملون فيها عصابات أو اشخاص يقتربون من الاجرام أو انهم مجرمون فعلا. فالقصص التي بدأت تتكشف عن ممارسات بعض الاشخاص (وهم أقلية) يندى لها الجبين ولا يتصور شخص انه في بلد مسلم (مثل البحرين أو دبي) ويوجد فيه من يجبر النساء على البغاء ويغتصبهن ويدير شبكات دعارة وتجارة في الرقيق الابيض. ولولا ان القانون يمنع تسمية بعض الاشخاص لاتضح للجميع بان هذه التجارة يقوم بها كل خسيس معروف بالخسة منذ ايام شبابه الأولى.

الامور بدأت تتبدل عالميا ووصل التغيير أخيرا إلى منطقتنا، دبي لديها مشروعات كبرى للتحول نحو السياحة العائلية، مثل مشروع «دبي لاند» الذي يتوقع ان ينافس «ديزني لاند» في الولايات المتحدة و«يورو ديزني» في فرنسا. فجميع الدول وصلت إلى قناعة بأن السياحة النظيفة تعطي مردودا أكبر بمئات وآلاف المرات لان ذلك يرتبط بفطرة الانسان السليمة التي تتجه نحو الاسلام اخلاقيا ومعنويا.

والحقيقة هي ان الانسان - حتى مع عدم وجود العقاب - يختار النمط الانظف والاقرب إلى العقل والفطرة، وهذا ينطبق على مختلف المجالات. فمثلا المغنية الاميركية الشهيرة «مادونا» كانت نجمة «البوب» في الثمانينات والتسعينات وصاحبة اعلى ايرادات في انتاجاتها من الاغاني والكتب التي تتحدث عن الجنس الفاضح والاباحي والشاذ بكل انواعه مع تصوير وايحاء مبتذل جدا لم تحتمله حتى المجتمعات الغربية المنفتحة إلى الدرجة التي احتجت بعض الكنائس على اسمها لان الاسم هو احد اسماء مريم العذراء. المرء يتوقع ان ما تبيعه مادونا يفوق كل شيء لانه يتناغم مع الشباب الباحث عن اللذة ويتناغم مع التحرر الجنسي بكل انواعه. ولكن الاحصاءات تشير إلى ان كتب شخص معوق اسمه «ستيفن هوكينغ» وهو البرفسور الذي يجلس على كرسي «اسحق نيوتن» في جامعة كامبريدج حاليا، يبيع احد كتبه بكميات هائلة تزيد على كل ما تبيعه مادونا.

والحكمة من ذلك أن الانسانية - وهي حرة في اختياراتها - تجنح نحو العقل ونحو كل ما ينفعها بصورة عامة وتبتعد عن الممارسات الانانية التي تمثل السياحة غير النظيفة احد مظاهرها.

البعض كان يطرح بأننا في البحرين بحاجة إلى السماح لمن يتاجر بالرقيق الابيض من دون مضايقة لان ذلك يجلب المال إلى البحريني. وهذا الطرح خاطئ على اساس ديني ودنيوي. فكل الحكومات الدنيوية اكتشفت المخاطر والخسائر التي تلحق بها من جراء السياحة غير النظيفة واتجهت وتتجه أفواجا نحو السياحة النظيفة لاسيما السياحة العائلية والسياحة البيئية والسياحة الرياضية وسياحة التسوق... الخ.

وفي الخليج تتوجه رأس الخيمة حاليا لفسح المجال امام السياحة البيئية نظرا إلى جمال طبيعتها كما تتجه لذلك عمان التي تمتلك الآثار وجمال الطبيعة ما لا تمتلكه دول خليجية اخرى. ويبقى الدور علينا ان نتجه بكل قوة واصرار وإرادة نحو السياحة العائلية والسياحة البيئية ونفتح جغرافية البحرين برا وبحرا وجزرا وحدائقا وسواحل، ولا نكتفي فقط بالاماكن المغلقة مثل المجمعات التجارية والفنادق... فهل نحن فاعلون؟

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 512 - الجمعة 30 يناير 2004م الموافق 07 ذي الحجة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً