النائب فريد غازي (رجل القانون) أبرع في طرح التسويات السياسية من التسويات القانونية، لكن هذه التسويات أقل من أن يهضمها رجل الشارع العادي، فما بالك بالسلطة التنفيذية، فهو يطالب في قبال عدم استجواب الوزراء باستقالة وزيرين، وعودة أموال الهيئتين، وتغيير الطاقم الإداري لهما، وإلغاء المادة 45، فهل هذه تسوية سياسية أم طبخة سياسية محترقة؟ وهل ستقبل بها الحكومة فعلا؟
إن أطرف ما في تسوية غازي، هو مطالبته بإلغاء المادة 45، ولا يدري المرء كيف سيتم إلغاؤها؟ فالطريق لإلغائها يتم عن طريقين، الطعن في دستورية المادة، وهو الطريق الأنسب الذي لا يريد سلوكه النواب، أو إجراء تعديل على قانون مجلسي الشورى والنواب عبر الآلية المقرة في دستور 2002 وهي (مجلسي النواب والشورى + السلطة التنفيذية)، فهل يريد غازي أن يقول بعدم صلاحيتها لإجراء تعديل إلا بتسوية سياسية؟ هل هذا اعتراف مبطن بعدم إمكان التغيير من الداخل، وبالتالي صوابية قرار المقاطعة؟ ثم ما ثمن التسوية؟ رفع الغطاء عن السلطة التنفيذية لثلاثة عقود مضت، لتكون عرضة للمحاسبة والاستجواب في قبال عدم استجوابها الآني؟ وماذا عن فذلكة استقالة الوزيرين «الشعلة» و«سيف» إذا كان بالإمكان استجوابهما وطرح الثقة فيهما؟ إرجاع أموال الهيئتين ليس مقبولا أن يكون من خزينة الدولة، ولا يحق لغازي ولا النواب أن يتكلموا باسم الشعب في ذلك، فالتقرير أشار إلى إلغاء قروض والدخول في صفقات استثمارية خاسرة، ولكنه لم يحدد الجهة الفعلية التي ألغيت عنها القروض، ولا التي تم الدخول معها في صفقات استثمارية، فهي نقاط مبهمة في التقرير، وعلى النواب أن يحددوا آليات عملهم بشفافية تامة، ويحددوا مسئوليات الأشخاص المعنيين فعلا بالتجاوز، ولا يدخلوا في مضاربة إعلامية من أجل الكسب الإعلامي في ظل جهل الناس بالكثير من الحقائق التفصيلية
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 497 - الخميس 15 يناير 2004م الموافق 22 ذي القعدة 1424هـ