نشرت الصحافة الكويتية أخيرا نص رسالتين على جانب كبير من الأهمية. الأولى من الرئيس العراقي «المخذول» إلى حفيد الرسول السيد محمد باقر الصدر قبل استشهاده بخمسة أيام، ورد السيد الصدر على تلك الرسالة «المشئومة».
وقد حفلت الرسالة الأولى بالكثير من الوعد والوعيد، أو بعبارة أخرى «الترغيب والترهيب» والكلام المعسول الممزوج بالسم الزعاف. ولنبدأ في استعراض أهم النقاط الواردة في رسالة طاغية العراق، الوريث الحقيقي للطاغية الأول «يزيد بن معاوية»:
1- قوله «إننا نحب علماء الإسلام وندعمهم ماداموا لا يتدخلون في ما لا يعنيهم من شئون السياسة والدولة».
والعبارة الأولى صحيحة مئة في المئة!! بدليل اغتياله للصدرين الأول والثاني وتعقبه وقضاؤه على أبناء الحكيم داخل وخارج العراق، إذ طالت يده الآثمة السيدمهدي الحكيم وهو في غربته بالسودان.
أما القول: «ماداموا لا يتدخلون... الخ»، فنريد أن نسأل الطاغية: هل تريد من علماء الإسلام، وهم ورثة الأنبياء الذين يرجح مدادهم على دماء الشهداء، هل تريد من هؤلاء أن يكونوا علماء محنطين تصافح أيديهم الظلمة صباح مساء، ويسبحون بحمدك حتى ترضى عنهم؟... تبا لك أيها «المخبول».
2- كتب يقول «إنك تعلم أن مبادئ حزبنا منبثقة عن روح الإسلام، وأن شعاراتنا التي نطرحها هي شعارات ذلك الدين السمح لكن بلغة العصر»، وهذا نفسه ما رأيناه قبل سنوات من شعارات وزعت على شوارع بغداد والمدن الأخرى وهي شعارات كاذبة خادعة، ومن تلك الشعارات: إن قيل كفر وإلحاد بمبدئنا فمبدأ البعث بعث الروح والقيم. ومنها: لا تسل عني ولا عن نسبي أنا بعثي، اشتراكي عربي.
3- أما عبارات التهديد فاشتملت عليها الكلمات الآتية التي جاءت في هيئة أسئلة وهي: «لا ندري بعد ذلك لماذا دعوتم إلى القيام ضدنا؟ ولماذا أيدتم أعداءنا في إيران؟ وقد أنذرناكم ونصحنا لكم وأعذرنا لكم في هذه الأمور جميعا، غير أنكم أبيتم وأصررتم ورفضتم إلا طريق العناد، ما جعل قيادة هذه الثورة تشعر بأنكم خصمها العنيد وعدوها اللدود، وأنتم تعرفون ما موقفها ممن يناصبها العداء وحكمة قانونها»... هذه والله قمة الصلف والغرور والجهل الذي جعله غير مدرك لطبيعة وقوة إيمان علمائنا الأفذاذ المقتدين بموقف سيد الشهداء الحسين (ع) حين خاطب أعداءه قائلا «والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد». فهم يستهينون بالموت في سبيل عزة الدين وكرامة الإنسان، ولكن هل يدرك من مات قلبه، وتجمدت مشاعر الإنسانية لديه، وانتكس ضميره هذه المعادلة؟
ولنأت بعد ذلك إلى محاولات التأثير الفاشلة عن طريق الإغراءات والوعود، إذ جاءت العبارات الآتية: «اقترحت رأفة بكم أن نعرض عليكم أمورا إن أنتم نزلتم على رأينا كان لكم ما تحبون من المكانة العظيمة والشأن الكبير والمنزلة الرفيعة لدى الدولة ومسئوليتها تلبي كل رغباتكم»...
أما كيف تتحقق المكانة العظيمة والشأن الكبير والمنزلة الرفيعة لدى الدولة كما يراها الرئيس «الأرعن» «فلا تتعدى الأمور التي نختار منها ما لا يكلفكم تنفيذها الكثير من سطور قليلة يخطها قلمكم لتنشر في الصحف الرسمية وحديث تلفزيوني لتعودوا بعد ذلك مكرمين معززين من حيث أتيتم لتروا من بعدها من فنون التعظيم والتكريم ما لم تره عيونكم وما لم يخطر على بالكم، أول تلك الأمور هو أن تعلنوا عن تأييدكم ورضاكم عن الحزب القائد وثورته المظفرة، وثانيها أن تعلنوا تنازلكم عن التدخل في الشئون السياسية، وتعترفوا بأن الإسلام لا ربط له بشئون الدولة، وثالثها أن تعلنوا عن تنازلكم عن تأييد الحكومة القائمة في إيران، وتظهروا تأييدكم لموقف العراق منها، وهذه الأمور كما ترون يسيرة التنفيذ، كثيرة الأثر، جمة النفع لكم من قبلنا، فلا تضيعوا هذه الفرصة التي بذلتها رحمة الثورة لكم»
إقرأ أيضا لـ "علي الشرقي"العدد 497 - الخميس 15 يناير 2004م الموافق 22 ذي القعدة 1424هـ