كلنا نتمنى للوزير مجيد العلوي ان ينجح في وزارته، ولأننا نتمنى له ذلك رحنا ننتقد طريقة اداء الوزير وتصريحاته لما حدث لهيئة التأمينات، اذ اخذ يعطي مبررات غير دقيقة، وتعاطى مع القضية باسلوب تسهيلي غير مقنع، ولكن اعتقد ان تصريحات الوزير الأخيرة تعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح. واعتبر المراقبون ان التصريحات الأخيرة للوزير هي الموقف الصحيح الذي كان من المفروض ان يتخذه منذ أول يوم انفجرت فيه الأزمة وخصوصا انه جديد عهد بالوزارة.
أعتقد ان الوزير عرف موقع الخطأ، وها هو اليوم يقف الموقف المسئول الذي نراه صائبا عندما أعلن عبر الصحافة موقفه الوطني الصحيح والصادق بأن قال: «لن أدافع عن اخطاء، وسألتزم الشفافية»، وانه «انسحب من اجتماع مجلس الإدارة احتجاجا على بيع المارينا بلازا وبناية البانوراما».
اعتراف الوزير بان هناك اخطاء وقعت يكفي لتصحيح الموقف ولو جزئيا، ولكن هذا لا يعفي من متابعة الملف، وملاحقة كل خيط يوصل الى حقائق قد تجرنا الى شبهات لبعض المسئولين في الهيئة لا سمح الله.
لذلك يبقى السؤال: ما الموقف المطلوب وما الآليات التي يجب اتباعها؟ الناس حزينة... مصدومة مما جرى، هالتها الارقام المليونية التي ضاعت سواء في التقاعد أو التأمينات... ولكن كل ذلك لا يُرجع دينارا هرب أو درهما انتحر أو دولارا اختفى هنا أو هناك.
البعض يقول: يجب على الدولة - كونها المتسببة في ذلك - ارجاع الاموال، ولكني اعتقد أن ذلك ليس حلا، فالدولة ان عوضت الهيئتين بالمال فسيصبح حالها كمن اخذ مالا من الجيب الأيمن ليضعه في جيبه الأيسر... فالدولة ان عوضت الهيئتين فسينعكس ذلك على الموازنة العامة وعلى موازنة الوزارات الاخرى كالصحة، التربية.... الخ.
الحل: هو ان يتم التعويض من أموال المتسببين في ذلك... من أموالهم الشخصية، كما لا يعفى كل من بذر الاموال على أمور استهلاكية ترفيهية، كما ان الاخطاء الادارية لم تأت مصادفة فانتقاء الطاقم الإداري من الوزير حتى أصغر مسئول جاء من قبل الدولة، وكذلك المكافآت والاحتفالات، وتوظيف الرقيب الداخلي أو الخارجي... الخ. بل يجب على لجنة التحقيق البرلمانية ان تقوم بالتحقيق مع المدققين في الهيئتين، فأين ذهب هؤلاء مما حدث؟ أين تقاريرهم؟ أين حساباتهم؟ هل كانوا نائمين أم متغافلين أم قابلين بما حدث؟
على لجنة التحقيق ان تطالب بالتقارير التي طرحها الرقيب الداخلي أو الخارجي، وتقارنها بالواقع... فقد تكتشف اخطاء في ذلك، ولعل ذلك يفتح لها أبوابا مغلقة تقربها الى حقائق. وهناك سؤال بقي عالقا في اذهان الجميع: لماذا بقي رئيس الرقابة المالية صامتا طيلة عمر الازمة الحالية؟ نحن نطالبه باختطاف المبادرة، والدخول في الملف بقوة وخصوصا انه كان مسئولا كبيرا في احدى الهيئتين، فلاشك انه بصير بما حدث أو على الاقل قريب من الواقع فحتى لا تنطبق علينا مقولة «من يراقب من؟» على هذا المسئول ان يدلي دلوه، وكذلك يجب على اللجنة ان تفتح حوارا مع المدير العام السابق لهيئة التقاعد.
فتح مثل هذه الحوارات والمساءلات لاشك سيجعلنا نقترب من الحقيقة، وسيفتح ابوابا كثيرة قد تضع يدنا على مكامن الخطأ والصواب في المرحلة السابقة والحالية. غدا لنا موعد مع الوزير سيف عبر جلسة النواب، واعتقد ان الوزير سيكون في موقف لا يحسد عليه
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 497 - الخميس 15 يناير 2004م الموافق 22 ذي القعدة 1424هـ