في واحدة من مرات كثيرة، تشن «اسرائيل» هجوما دبلوماسيا على سورية من خلال دعوتها للرئيس بشار الاسد القيام بزيارة القدس على غرار ما فعله الرئيس المصري السابق انور السادات في العام 1977، وقد تكررت الدعوة على لسان الرئيس الاسرائيلي موشيه كتساف، فيما كانت دعوات اسرائيلية سابقة، اطلقها وكررها رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، دعا في الاولى سورية الى معاودة المفاوضات من نقطة الصفر، فيما دعاها في الثانية الى التخلي عن دعم الارهاب شرطا لاستئناف المفاوضات مع «اسرائيل».
وبطبيعة الحال، فإن الدعوات الاسرائيلية لسورية لاستئناف المفاوضات، جاءت في اعقاب دعوة اطلقها الرئيس السوري بشار الاسد قبيل زيارته لتركيا الاسبوع الماضي، وقد اكد الاسد في دعوته ضرورة استئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها في العام 2000، والتي جرى خلالها الاتفاق كما هو معروف على معظم النقاط، فيما ادت قلة منها بينها موضوع السيادة على ساحل طبريا الشرقي الى توقف المفاوضات، وتجميد مسار التسوية على الجبهة السورية - الاسرائيلية.
وبهذا المعنى فإن دعوات «اسرائيل» لاستئناف المفاوضات مع سورية، جاءت ردا على المبادرة السورية، والتي في احد جوانبها احراج لـ «إسرائيل» امام الرأي العام الدولي وامام الولايات المتحدة، التي أكدت ان عملية التسوية في المنطقة ستكون بين اول اهتماماتها بعد الحرب الاميركية - البريطانية على العراق، لكن «اسرائيل» في عهد حكومة الليكود الشارونية، لا تملك برنامجا لتسوية علاقاتها مع العرب انطلاقا من التسوية مع الفلسطينيين، او بالبدء معهم، وكذلك الامر بالنسبة إلى لسوريين، وبسبب ذلك فإن طرح العودة الى المفاوضات مع السوريين وكذلك الفلسطينيين، لا يتضمن تحديد ما يمكن التفاوض عليه من جانب «اسرائيل»، على رغم ان القرارات الدولية الكثيرة واضحة كل الوضوح في هذا المجال، ولاسيما القرارات 242 و339 و338 في نصوصهم على انسحاب «اسرائيل» من الاراضي التي تم احتلالها في العام 1967. وهكذا تبدو الدعوات الاسرائيلية مجرد حملات اعلامية استعراضية لا معنى لها، لا يمكن ان تتمخض عن نتائج عملية في تأثيراتها على الصراع العربي - الاسرائيلي في عموميته ولا على القضية الفلسطينية في خصوصيتها.
ولاشك، ان طبيعة الاعلانات الاسرائيلية وخصوصا لما يربط بها من شروط حول استئناف المفاوضات مع سورية، اضافة الى الاعلان الاسرائيلي عن مخطط جديد في مرتفعات الجولان السورية المحتلة، التي يشكل الانسحاب الاسرائيلي منها اساس المفاوضات مع سورية، يثيران حفيظة سورية، ويجعلانها في موقف رفض الدعوات الاسرائيلية، وخصوصا ان الاخيرة في جانبها الاسرائيلي جاءت بعد ظهور مواقف في الداخل الاسرائيلي تنظر بجدية الى دعوة الرئيس السوري للمفاوضات من حيث توقفت في العام 2000.
خلاصة القول في موضوع الهجوم الدبلوماسي الاسرائيلي على سورية، انه يجري في سياق حملة اعلامية استعراضية، يحاول من خلالها رمي الكرة في الملعب السوري، ردا على الدعوة السورية، التي لاشك انها تركت اثرا في اوساط الرأي العام العالمي، بل وفي الداخل الاسرائيلي أيضا، فكان لابد لـ «اسرائيل» ان ترد، لكن من دون ان يقترن ردها بما يمكن ان يقود الى تسوية على الجبهة السورية
العدد 497 - الخميس 15 يناير 2004م الموافق 22 ذي القعدة 1424هـ