مناقشة التقرير الذي أعدته لجنة التحقيق البرلمانية لتقييم التجاوزات والمخالفات التي تعرضت لها هيئتا التقاعد والتأمينات الاجتماعية كشفت عن قرارات كثيرة خاطئة اتخذها أشخاص في مواقع المسئولية ربما متعمدين ومستغلين السلطة التي يصاحبها انعدام الرقابة الرسمية والشعبية، أو جاهلين بأبعادها وبمدى تأثيراتها. ولكن في النهاية التقرير قال إن هناك ضررا قد وقع بسبب القرار الخطأ.

والبرلمان الذي شد الانتباه بتسليطه ضوءا قويا على هذا الموضوع المسكوت عنه منذ زمن طويل كشفت وثائقه وجلساته بنودا كثيرة مخالفة وسردت قرارات كثيرة خاطئة كلفت الهيئتين أموالا طائلة وكلفت نحو 200 ألف مشترك من القطاعين العام والخاص منهم 85 ألف بحريني وبحرينية عائدات مدخراتهم، وأمانا مستقبليا عندما هدرت أموالهم في نفقات غير مبررة و في غير قنواتها الاستثمارية الصحيحة، عندما ائتمنوها أيدي غير أمينة.

وهذا الملف المفتوح على مصراعيه الذي يتابعه الآلاف يفرض سؤالين، الأول: ما هو الرقم الحقيقي للخسائر التي خسرتها الهيئتان بسبب التجاوزات وبسبب القرار الخطأ، وهذا مالم يتمكن التقرير الكشف عنه ولن يفعل لأن الأمر يحتاج الى جهاز متكامل لتقييم كلفة القرار الاستثماري الخاطئ والقرار الاداري الخاطئ، وجهاز للتحقيق في اية مخالفات وأي فساد محتمل في الهيئتين وكم هي كلفته.

اما السؤال الآخر وهو الأهم: فمن سيتحمل كلفة القرار الخطأ؟ هل هم المسئولون أنفسهم الذين سيدانون لاتخاذ القرار الخطأ ولإساءة السلطة، أم أنها الحكومة ستدفع لأنها أساءت تعيين الشخص المناسب في المكان المناسب؟ واذا ما قررت الحكومة أن تدفع قيمة قرارها الخطأ فهذا يعني أن الكلفة ستتضاعف على المضرورين من المواطنين بالتحديد لأن اليد ستمتد حينئذ الى الموازنة، ويحمل بند المصروفات أعباء اضافية بلا مردود، وقد يرتفع العجز وستدفع الأجيال اللاحقة كلفة الأخطاء السابقة.

الوزير محمد المطوع عندما سألته، في اعقاب جلسة مناقشة التقرير الأولى، عمن سيدفع كلفة القرار الخطأ وأعني قرار تخفيض الاشتراكات، قال: «القرار لم يكن خطأ في حينه لأنه اتخذ بناء على عدة عوامل» واستطرد قائلا: «لو عدنا الى الصحافة في فترة اتخاذ القرار لوجدنا اشادة بالقرار...» وأنا أسأل هل كانت الصحافة في الثمانينات تملك الا الإشادة بالقرار؟