«الإيجابية» التي تتحدث عنها الحكومة للتعامل مع تقرير لجنة التحقيق البرلمانية في إفلاس الهيئتين، مبهمة وغير واضحة المعالم. وهي تبدو أقرب إلى لغة العلاقات العامة، التي تحاول امتصاص حماس النواب وغضب الرأي العام من التجاوزات الخطيرة التي كان الكثير منها معروفا، ووثقت الآن من طرف لجنة لا يمكن الطعن في صدقيتها ونزاهتها.
ترفض الحكومة الاعتراف بأن «تجاوزات» حدثت، وتصر على أن الموجود هو سوء اتصال وأخطاء إدارية، لا أكثر ولا أقل. وتصر على أنها ستدرس توصيات التقرير، ولن تلتزم بتنفيذها، وترفض القول بأنها سترجع الأموال، وستعوض عن الأراضي، مع أن هذا حل قد لا يكون مناسبا، فهو يجعل الناس تدفع من جيوبها لتعوض نفسها. بل إن موقف الحكومة سيتحول إلى الضد، وسيكون سلبيا بالمطلق عندما يأتي الحديث عن محاسبة المسئولين الذين سماهم التقرير والذين لم يسمهم. معلوم أن القانون يحضر على لجنة التحقيق أن تحمل غير الوزراء المسئولية عن التجاوزات، لكن اللجنة لا تخفي أن أسماء متنفذة هي وراء ما حدث، وهو ما صرح به النائبان محمد خالد وصلاح علي في مداخلتهما في جلسة النواب السبت الماضي. وبالتالي فإن الإيجابية الحكومية هي لعب بالكلام، إنها إيجابية شكلية، ليس إلا.
إن ما تسميه الحكومة «أخطاء إدارية» يعتبر بكل المقاييس خارج نطاق الإيجابية، ويرى مراقبون أن تهما مثل الفساد، لا يمكن استبعادها، ذلك أن الفساد في أحد تعريفاته هو الاستفادة الشخصية. وبما أن التقرير أكد على أن المال «سايب» في الهيئتين، وهو ما اعترفت به الحكومة، حين أقرت عدم وجود رقابة داخلية، واستمرار المدقق الخارجي سنوات طويلة، فإن التدقيق أكثر، قد يوصل إلى نتائج أكثر وضوحا.
وفي جانب ذي صلة، لا يعرف لماذا لا يزال ديوان الرقابة المالية صامتا، ويخشى إن لذلك علاقة بمسائل ذات طابع غير تقني
العدد 495 - الثلثاء 13 يناير 2004م الموافق 20 ذي القعدة 1424هـ