ما الفرق بين من يصبح غنيا نتيجة اقتصاد معرفي ومن يصبح غنيا نتيجة اقتصاد إقطاعي؟
الفرق كبير جدا، وبينهما حكاية لمأساة نعيشها في بلداننا كل يوم. الاقتصاد المعرفي هو الذي يعتمد على الانسان المعرفي، على الخبير والماهر والناشط في حياته ذهنيا وجسديا... وربما من أفضل الأمثلة على ذلك مؤسسُ رئيس شركة «مايكروسوفت» بيل غيت الذي يعتبر أغنى أو من أغنى الأشخاص في العالم.
الاقتصاد الاقطاعي لا يحتاج إلى أذكياء أو إلى مهرة أو إلى خبراء... كل ما يحتاج إليه قطعة ارض يحصل عليها بطريقة ما ويحتكرها ثم يبيعها أو يستعبد أناسا يفرض عليهم شروطه لكي يسمح لهم أن يزرعوها أو يعيشوا فيها. الاقتصاد الاقطاعي يعتمد على الجشع وعدم الشبع من الثروة المجانية، والاقتصاد المعرفي يعتمد على الابداع والعطاء للانسانية... وشتان بين الاثنين... بين اقتصاد يبتلع الخيرات ويحولها إلى مصالح شخصية، وبين اقتصاد يكثر الخيرات ويوزعها على أكبر قدر ممكن من الناس.
الاقتصاد المعرفي لا يحتاج إلى أراض واسعة واقطاعات تحجب الشمس والبحر والزرع عن الناس. الاقتصاد المعرفي متطلباته الدنيوية أقل بكثير من متطلبات الاقتصاد الاقطاعي. وهذا ما قاله أحد رؤساء شركات الطيران الكبرى عندما أخبر بأن شركة «مايكروسوفت» أصبحت ثروتها أكبر من ثروة شركته، وبعد ما سأل عن حجم المساحة التي تحتلها مكاتب وورش الشركة الصاعدة وعلم بالرقم وقارن ذلك بما لديه، قال: «ان هذا كله أقل من إحدى الورش التي تمتلكها شركتنا».
الاقتصاد المعرفي، اقتصاد انساني، يحترم الانسان الذي يمتلك الخبرة. أما الاقتصاد الاقطاعي فهو غير انساني ويحتقر أي شخص ليست لديه قطعة أرض حصل عليها لأسباب أخرى لا دخل للخبرة الانسانية وللذكاء الفعلي فيها من قريب أو بعيد.
ان البحرين مؤهلة للدخول في الاقتصاد المعرفي ولكن علينا ان نوقف الاقتصاد الاقطاعي عند حد معقول قبل ان يلتهم ثروات الناس لصالح الذين لا يشاركون بخبراتهم أو عقولهم في تنمية القدرات الاقتصادية المعرفية.
البحرين مؤهلة أكثر من غيرها للدخول في عالم الابداع الانساني الذي يتطلبه الاقتصاد المعرفي، ولكن علينا أن نصدر التشريعات المناسبة التي تضمن لقمة عيش المواطن من دون إذلاله وإفراغه مما يحصل عليه ونقل ثروته الى الاقتصاد الاقطاعي
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 493 - الأحد 11 يناير 2004م الموافق 18 ذي القعدة 1424هـ