المثقف البحريني هو أول المحللين لمختلف القضايا العربية منذ إعلانها، وهذا يدل على إيجابيته وإحساسه إذ يعتبر كل قضية عربية قضيته فيفتي فيها، سواء دينية كانت أو سياسية قبل العلماء وقبل الأكاديميين، وهذا هو المطلوب فعلا. وعلى جلالة الملك أن يعتز بأن الله أعطاه شعبا حيا وعلى القيادة البحرينية كلها جديدها وقديمها أن تتعامل معه على هذا الأساس.
وآخر قضية مطروحة للبحث هي مرجعية السنة في العراق بعد أن شبعوا بحثا ونقاشا وشجارا بشأن نظام صدام وكيفية اعتقاله بالأسلوب المشين إلى غير ذلك.
إنه بمجرد الإعلان المفاجئ عن إقامة مرجعية عليا للسنة في العراق، بدأ الخلاف يأخذ طريقه بين المثقفين عن هذه المرجعية إذ يرى المتحمسون لوحدة الشعب العراقي ان هذه الخطوة هي لعبة سياسية وبداية لإعلان الانشقاق وخلق الشرخ في الشعب العراقي بعد أن صمد طويلا أمام المؤامرات الصهيونية والأميركية لضرب الوحدة الشيعية السنية.
لقد حذرني بعض الأصدقاء من أن مجرد التفكير في أن وجود مرجعية سنية سيصب لصالح الوحدة الوطنية أمر خطير ورأوا في ذلك بداية دق الأسفين في جسم الوحدة التي استمرت بين أبناء الطائفتين منذ بداية العدوان الأميركي على العراق بل منذ قيام نظام صدام نفسه، وكان من بين أكثر المثقفين تحمسا لخطورة ما جرى عضو المجلس الوطني السابق وعضو لجنة العريضة علي ربيعة، وهذا منهجه منذ زمن بعيد إذ كان يتجاهل أن في البحرين حسا طائفيا بينما كنت أختلف معه في ذلك. إنه بهذا الطرح وكأنه يفعل ما تفعله النعامة بدفن رأسها في التراب حتى لا يراها الناس، كنت أختلف معه من حيث ان هناك حسا طائفيا ومرتفعا... غير أن المطلوب هو البحث عن الآليات التي تنهي هذا الحس وتعيد الشعب البحريني إلى حاله الطبيعية، بل المطلوب حقيقة هو إعادة المواطن البحريني إلى أيام الخمسينات، أيام التلاحم الشعبي في حركة هيئة الاتحاد الوطني.
هذه المرجعية لم تأتِ كما كتبت بعض الصحف أنها جاءت لعدم تهميشهم بقدر ما فرضتها الضرورة الوطنية الملحة من حيث إنه يمكن بسهولة التعامل مع الواقع الجديد بين مرجعية الشيعة والمرجعية السنية الجديدة، علما بأن علماء الشيعة في العراق قد أشادوا بها في خطب الجمعة الأخيرة.
كم أتمنى لو أن أقلام المثقفين تحاول الحوار بشكل هادئ وعقلاني بشأن ما استجد في العراق ليتعرف المواطن البحريني كجهة لها ارتباطات وثيقة بالشعب العراقي على إيجابيات وسلبيات قيام هذه المرجعية الجديدة
العدد 492 - السبت 10 يناير 2004م الموافق 17 ذي القعدة 1424هـ