حزنت كثيرا لعدم بث الجلسة على الهواء ومازلت اطالب بذلك لكني رغم ذلك آثرت الذهاب إلى الجلسة فذهبت. جلس الجمهور يوم أمس تحت قبة البرلمان فرقة على اليمين وفرقة على الشمال... دخل النواب، تكدسوا وهم يلملمون شتاتهم ويجمعون افكارهم... وفي قبال الأعضاء جلس الوزراء المطوع وسيف والفاضل والعلوي... بدأت الجلسة وراح يسرد عبدالنبي سلمان ما جاء في التقرير مصيبة وراء مصيبة وفضيحة تلو فضيحة وكلما طرح اشكالا أو تجاوزا ظهرت على ملامح الجمهور فضلا عن عدد كبير من النواب ألوان تعكس حجم التأثر.
وراح يسرد عددا من المشروعات الخائبة التي شاركت فيها الهيئة ابتداء بمجمع التأمينات بشارع المعارض، ومرورا بشركة تطوير المنطقة الجنوبية وانتهاء بمركز البحرين الدولي للمعارض... وتكلم عن ضياع فرص الاستثمار في بنك البحرين للاستثمار وتكلم عن عدم وجود الدليل الاسترشادي المنظم لسلوك المختصين والقائمين على إدارة استثمارات الهيئة، عدم وجود رقابة داخلية فاعلة، وعن عدم عقد مجلس إدارة الهيئة لمدة طويلة من 17/1/1999م حتى 11/7/2000 (17 شهرا و24 يوما) ومجلس الإدارة لم ينعقد... وهذه النقطة اثارت انتباه الجميع... 17 شهرا والمجلس غائب لا يعلم هل هو في الأرض ام في المريخ؟ ولا يعلم ترك إدارة الهيئة إلى من؟، واذا كان غائبا لهذه المدة لماذا يعطى المكافآت إذ يعطى العضو منه 1500 دينار؟
وأكد التقرير ان مجلس إدارة الهيئة كان كريما اشد من حاتم الطائي والدليل انه قام بالتبرع بمبلغ وقدره 452 ألف دينار تبرعات خيرية العام 1999م وصرف مبلغ قدره (58 ألف دينار تبرعات خيرية) أيضا العام 2001م على رغم عدم وجود أية سلطات قانونية تسمح لمجلس إدارة الهيئة بالتبرع بأموال المشتركين... (يؤكد ذلك ما جاء على لسان رئيس مجلس إدارة الهيئة في اجتماع المجلس رقم 96 المنعقد في 14/9/1998م) وقديما قيل «اقرار العقلاء على انفسهم حجة». ونقاط كثيرة قام الأعضاء بطرحها.
في الحقيقة موقف الوزراء كان ضعيفا بل في غاية الضعف... العلوي حاول ان يجري اسعافات أولية «تنفس صناعي» لموقف الهيئة لكنه هو الآخر كاد ان يصاب بالاختناق. لا اقول ذلك انشاء بل هذه هي الحقيقة... كل ما قاله العلوي «الهيئة بخير»... العلوي اخطأ كثيرا عندما اراد ان يدافع عن قضية هو يعرف مسبقا بانها خاسرة. ما خفنا حدوثه كمراقبين للبرلمان نشهد الجلسة وتبدلات وجوه الوزراء التي راحت تتلون بتلون وتنوع خطابات النواب التي تراوحت بين التصعيد والتهدئة، هو وقوع المطرقة على رأس العلوي وان يتحمل كل الاخطاء السابقة واللاحقة. كان بإمكان العلوي ان يكون دبلوماسيا والا يدافع، فليس في مثل هذه القضايا ابطال فمن يزج نفسه للدفاع عن مسيرة إدارة فاشلة لم يكن فيها استمرت أكثر من قرن لابد ان تحترق اصابعه وإن كان يريد اطفاء نار الفضيحة... اما بالنسبة للمطوع فمن سمع مداخلاته لا يتصور انه ذلك الرجل الذي فرقع مقولة «الاشتغال والانشغال» في تلك الفترة الزمنية الحرجة... فقد استطاع عبدالنبي سلمان ان يستخدم قدراته في التحكم بالموقف فبقي المطوع والعلوي وحتى الفاضل وسيف صامتين كأن على رؤوسهم الطير. وكأني ارى الجميع متفقين على «البهدلة» التي اصابت هيئة التأمينات. حقيقة اشفقت على الوزراء وعلى مواقفهم الضعيفة ولو كنت مكانهم لقدمت الاستقالة، كما طالبهم بذلك احد النواب ولو بصورة ضمنية... الكل اشاد بالتقرير بمن فيهم الوزراء عدا سيف الذي بقي - كعادته - صامتا ومن حقه ان يبقى كذلك فالأيام المقبلة لاشك ستكون عصيبة عليه لان ورطة التقاعد وبلاوي التقاعد تفوق ما جرى في التأمينات فهي لا تقل عن اختها وماذا بقي والقروض قد شطبت والفوائد قد الغيت وتبرعات حاتم الطائي قد زادت. مداخلات النواب في مجملها كانت متميزة إلى درجة ان الجمهور راح يصفق اعجابا لبعضها اظنها مداخلة النائب محمد خالد وللحق كانت مداخلته أكثر من رائعة تلمس فيها الغيرة الإسلامية والوطنية على أموال الشعب، وكذلك بقية النواب. الشيء الجميل فيما حدث هو التجانس الملحوظ لدى النواب في ترابط مواقفهم لكن يبقى سؤال مهم: هل سترجع الأموال؟ هل سيحاسب اي متورط؟ هل ستكشف الاسماء؟ هل سيبقى النواب على موقف واحد حتى الأخير؟ واذا ما اريد ارجاع الأموال من سيدفعها هل الحكومة ام اعضاء الإدارات؟
فالحكومة ان ارجعت الأموال من اموال الشعب يعني خسارة الناس مرتين، اذا لابد من وجود حل.
نحن ككتاب وكصحافة دورنا هو ترسيخ الديمقراطية وملاحقة الفساد لصالح البحرين فهذه المملكة العزيزة لا تثمر الا في ظل الشفافية والديمقراطية لذلك نشد على يد جلالة الملك (حفظه الله) يترسيخ الديمقراطية عبر القنوات السلمية. فيجب ألا توضع الصحافة في موقع التآمر على الوطن فما نقوله أقل القليل مما تقوله صحافة الكويت
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 492 - السبت 10 يناير 2004م الموافق 17 ذي القعدة 1424هـ