تصريح رئيس لجنة التحقيق في إفلاس صندوقي التقاعد والتأمينات النائب فريد غازي لإحدى الصحف المحلية بتقديم تفسير قانوني جديد للمادة 45 من قانون مجلسي الشورى والنواب إذا لوحت الحكومة باستخدامه، فيه التفاف صريح على أصل المشكلة، فالمشكلة أن هذا القانون وفق دستور 2002 غير دستوري لعدم إقراره من المجلس الوطني بغرفتيه، والطعن في دستوريته أولى من تدويره بهذه الطريقة، ومحاولة إيجاد تفسير له مع إبقائه عائقا أمام المجلس في مهمات رقابية أخرى، فالاجتهاد الدستوري في فهم هذا القانون هي حركة في الفراغ لا طائل منها.
جزء من الإشكالية التي ستعمق هذا الفهم المربك للقانون وجود توجه لدى النواب أو بعضهم بأن يحاسبوا السلطة على ملف التأمينات والتقاعد في فترة انعقاد المجلس، ويحيلوا بقية الملف الخارج عن دائرة رقابتهم، أي التجاوزات قبل فترة انعقاد المجلس إلى النيابة العامة، والسؤال: لم لا تتم إحالة الملف بكامله إلى النيابة العامة لمنع هذا الإرباك؟ إذ إن موافقة المجلس على هذا الخيار ستجعل نسب مسئولية الوزراء عن التجاوزات غير عادلة، وسيركز المجلس على التجاوزات في فترة انعقاد المجلس، ما يعني محاسبة وزراء وإعفاء وزراء آخرين كانوا في موقع المسئولية من مسئوليتهم في التجاوزات، وهذا سيفقد المجلس دوره الرقابي، وسيبيِّن حجم الخلل في أدواته الرقابية بشكل كبير.
الطعن في قانون 45 سيفتح للمجلس آفاقا لمحاسبة السلطة التنفيذية على كل تجاوزات السابق، بفتح تحقيق مثلا في ملف التجنيس في فترة التسعينات، وهو هاجس شغل الكثير من قطاعات الشعب، إذ لا يمكن أن يكون التحقيق الحالي في ملف التجنيس للسنوات الثلاث الماضية مقنعا وكافيا لإغلاق هذا الملف، فقانون 45 اختبار لإرادة النواب بعيدا عن التوازنات الدستورية الأخرى، وخصوصا مع اقتراب الجلسة الاستثنائية، التي ستكشف بكل وضوح حجم التوازنات السياسية والدستورية
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 490 - الخميس 08 يناير 2004م الموافق 15 ذي القعدة 1424هـ