لأنها أموال المواطنين ولأن القضية وطنية آثرنا عدم الصمت... تعجبت كثيرا من صمت كثيرٍ من اخوتنا الصحافيين والكتاب والمثقفين على رغم ان قضية افلاس التقاعد والتأمينات هي أموال جميع المواطنين... إذ لم نر فزعة ولا ضجة وكأن شيئا لم يكن، فيما تقام الدنيا ولا تقعد على قضايا هامشية ليست محل اهتمام المواطنين، وأحيانا نجد انفعالات صحافية مفتعلة... كتابات وأعمدة وصراخ في التلفزيون و... في حين نرى صمتا مطبقا أمام فضائح مالية ذكرتنا بسوق المناخ في فترة الثمانينات في الكويت... وكأن الحبر جف!

أين إذن تلك الوطنيات وتلك العنتريات الوطنية في الدفاع عن مكاسب الوطن؟ فكاتب يتحدث عن جزر الموز وآخر يتكلم عن بطاطا الهند وآخر يتكلم عن جزر القمر و...

الغريب في الأمر هو تلك الانفعالات المفبركة ضد النائب عبدالهادي مرهون، فعلى رغم ملاحظتي على ما طرحه النائب مع تفهمي لما دعى إليه من أنه دعا إلى كل الأمور ضمن إطار سلمي، إلا أن الكتابات والصحافة حولته وفي لحظة وكأنه هو الذي عمل على إفلاس الهيئتين، فاحتاج إلى كل هذا التأنيب واللوم والملاحقة. لست من الذين يتفاعلون مع تحويل القضايا إلى مسيرات على الأرض إلا إذا ضبطت سلميا وفق توازن يصب في صالح الوطن، إلا ان النائب عبدالهادي لا يستحق كل هذا الهجوم.

وكان الأولى بهذا الهجوم هم من قاموا بإفلاس الهيئتين، لذلك أتعجب من موقف الظهراني وهذه الشدة تجاه مرهون! ولا أعلم أين غابت كل هذه النخوة الوطنية، والحمية على استحقاقات الوطن في قضية كارثة الهيئتين؟

عجبي يزداد من الوزير الفاضل وبقية النواب الأفاضل! كان بإمكانكم عتاب مرهون ولكن ليس بهذا الأسلوب، وكان من الأولى أن توفروا هذا العتاب إلى يوم عشرة يناير/ كانون الثاني فهناك من هو أكثر استحقاقا له. عجبي لا ينقضي من هكذا مواقف. للأسف بعض نوابنا وبعض مسئولينا يرون في أنفسهم القلب الحنون على الوطن، على رغم كل ما يصيب الوطن من خسائر مادية ومعنوية...

دعونا من المزايدات... فحب الوطن لا يُجزّأ... من يحب الوطن يجب ألا يهدر أمواله، من يحب الوطن يحافظ على مكتسباته، من يحب الوطن يقف مع مصالح مواطنيه.

لا أحد يستطيع أن يزايد على الخطاب السلمي الذي عرف به مرهون، ولا أحد يستطيع أن يزايد على الرجل في مواقفه، واذا كانت هناك من نخوة سوبرمانية فلتظهر في الدفاع عن أموال الناس وعن تلك الخسائر المليونية... مسئولون وصحافة بقوا صامتين وهم يرون ليل الفضيحة (فضيحة الإفلاس) يخيم على قلوب كل المواطنين... بقوا صامتين لا يسمعون، لا يرون، لا يتكلمون ثم انفجروا وطنية... يا عيني على هذه الوطنية! امام تصريح صغير يمكن تداركه بحوار هادئ خصوصا أنه طرح في سياق سلمي.

قد اختلف مع أخي عبدالهادي مرهون في بعض ما يطرح في قضايانا الوطنية، ولكن هذا لا يجعلني أشكك في وطنية الرجل... ومن يضع الآخرين في موقع الاتهام يجب أن يكون بعيدا عن مواقع الشبهات.

لاتزايدوا على الرجل بكتاباتكم وبأعمدتكم المزروعة على صدر الصحافة، في الصفحات الأولى والثانية والثالثة.

ملايين الدنانير ذهبت في لحظات والأقلام نائمة في القبور وأصحابها يشخرون في نوم عميق ولمّا استيقظوا أفرغوا ما في جوفهم قيحا ودمّلا وقيئا.

كفى صخبا فهذا العقم المفتعل لا يبني وطنا ولا يسد رمقا