دعوة النائب الأول عبدالهادي مرهون الناس للتظاهر وإخراج المسيرات الداعمة لتقرير هيئتي التأمينات والتقاعد فيها تحايل على الواقع، ومن يحركه ومن لا يحركه، إذ غلفت الدعوة بدعم التقرير والهدف منها دعم النواب، وتحديدا من أطلق الدعوة، لأنه سيكون في مقدمة هذه المسيرة لو خرجت، واختيار النائب لمفردة دعم التقرير بدل دعم النواب فيها تشفير واضح قد يمر على الكثيرين، لكنه لن يمر على من يعرف ماضي تيار النائب حين كان يصول ويجول وهي جرأة غير مستبعدة - وإن كانت مشفَّرة - على تيار يملك من طموح الماضي الكثير، مع فقدان الخطاب الإسلامي البوصلة السياسية.

شيء أكبر من التجني على الحقائق التي تضمنها التقرير، وإن كنا نتلمس عقم نتائجها من الآن، ولكن الواقع يقول: إن نوابا من أمثال النائب جاسم عبدالعال كان له الدور الأبرز في بلورة هذا التقرير في صورته الحالية، ومع ذلك لم يجد نفسه في «هيصة» النواب الوطنيين الديمقراطيين وهم يتبجحون بنتائجه إلا مركونا «على جنب»، فالندوات واللقاءات كلها تعقد باسمهم، وليس من بينهم عبدالعال، فهل الدعوة للمسيرات والاحتجاجات للتقرير أم لأشخاص بعينهم؟

هذه حلقة جزئية من حلقات الصراع في فهم الثابت والمتحرك في السياسة بصورته الحقيقية وربما البشعة، وهي صورة للمشهد السياسي حينما يدفع فيه بالخيارات دفعا لا للصالح العام، وإنما لصالح فئات بعينها، حتى في أكثر القضايا عدالة، وهي آفة إذا ما شُخصت؛ لن يسلم منها الكثيرون ممن يدخلون المشهد السياسي فجأة أو متسللين، «ولا استثني منكم أحدا» كما يقول مظفر النواب، وهي إذا ما أزيح حجاب الغفلة، ستكون جزءا في فهم تداعيات الخيارات السياسية بصورتها الحالية، حين يتم تشويش الرؤى عليها بين الدستوري والسياسي