على وقع الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة نابلس إذ تواصل عملية «المياه الراكدة» التي عاثت فيها فسادا في البلدة القديمة مستهدفة تراثها ومدمرة أبنيتها الأثرية، وفيما تسابق الجهود الدبلوماسية المصرية الانتخابات الأميركية لوقف النار وتقييد خطط رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون تبحث قيادة تجمع «ليكود» خطة سياسية تقضي بترحيل جماعي «اختياري» للفلسطينيين «ترانسفير» وإقامة دولة لهم في الأردن. كتبت هآرتس افتتاحية تحت عنوان «الأوهام والمفارقات التاريخية» على هامش مؤتمر تكتل «ليكود» الذي سيعقد بحسب الصحيفة العبرية، لمناقشة خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون، لفك الارتباط مع الفلسطينيين واقتراحات نائبه إيهود أولمرت، بالانسحاب من معظم الأراضي المحتلة. وشددت هآرتس، على ان الشعب الإسرائيلي تعب من الشعارات الفارغة لذلك وكي يأخذ هذا الشعب الإعلانات المتكررة عن التنازلات المؤلمة، على محمل الجد يجدر برئيس الوزراء أن يبرهن على التزامه بتحقيق السلام والأمن. وأوضحت انه في حال أراد شارون، الاعتراف بفشل سياسته العسكرية وبالحاجة إلى انقلاب استراتيجي فعليه أن يقف أمام أعضاء حزبه ويعلن انه سيعيد الإسرائيليين المستوطنين في الأراضي المحتلة إلى «إسرائيل». وأن يؤكد للجميع انه لا مجال لتطبيق عقيدة «إسرائيل الكبرى». وتابعت انه إذا ترافق هذا الإعلان مع خطوات ملموسة تتضمن إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين بهدف التوصل إلى تسوية والعمل على بناء دولة فلسطينية إلى جانب دولة «إسرائيل»، فإن الجمهور الإسرائيلي سيأخذ كلام شارون عن التنازلات المؤلمة بجدية أكبر.
وأشار عكيفا إلدار في هآرتس إلى المخاوف من اندلاع حرب أهلية في «إسرائيل»، التي يشيعها زعماء المستوطنين في نفوس اليهود المستوطنين في الضفة الغربية بهدف منع قيام سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. غير انه اعتبر ان الرد الصهيوني المناسب على ذلك يكون ببناء مجمعات سكانية في الخليل وصحراء النقب ونقل الشتات اليهودي في الأراضي الفلسطينية إليها. واستغرب إلدار، كيف ان اليسار الإسرائيلي لم يبادر بعد إلى عرض اقتراح صهيوني مناسب لمواجهة تشبث المستوطنين بالمستوعبات الصدئة المنتشرة في الأراضي الفلسطينية، من أجل إعادة اليهود إلى بيوتهم من دون الوقوع في فخ الحرب الأهلية. من جانبه، أبراهام تامير (المدير العام ومستشار الأمن القومي السابق في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلي والمدير العام لوزارة الخارجية) لاحظ في مقالة نشرتها معاريف أن النبوءات السود لطالما رافقت مسيرة السلام العربية الإسرائيلية منذ أن بدأت. مؤكدا انه طالما أوجدت مسيرة السلام أرضا خصبة للاتفاقات، فستُعرض أمام الجميع تقديرات مؤكدة تأكيدا تاما: انه لن يكون هناك طرف عربي للسلام. وانه من غير الممكن صدور مبادرات أميركية في سنة انتخابات في الولايات المتحدة، وانه من غير المحتمل إخلاء المستوطنات بسبب خطر «الحرب الأهلية». لكنه شدد على ان هذه النبوءات السوداء لن تتحقق، كما لم تتحقق حتى الآن، بسبب تفضيل فرص السلام على مخاطر الحرب. مؤكدا ان «خريطة الطريق» ستُنقش في التاريخ كإطار مبادئ، وستتحرر بسببه مسيرة السلام من الجمود السياسي في مسارات اتفاقات سلام منفردة. كما ان «خريطة الطريق» ستخرج إلى حيّز التنفيذ ابتداء من سنة 2004. أما حكومة «إسرائيل» فستنفذ التزاماتها في هذه المرحلة، إذا ما نُفذت التزامات الحكومة الفلسطينية. وختم تامير، بالقول إنه يمكن أن نأخذ بالحسبان أن الرئيس الأميركي جورج بوش، بعد نجاحاته حتى الآن في قيادة الحرب ضد الإرهاب الدولي، سيكون حازما في أن يُبشر شعبه والعالم حتى قبل يوم الانتخابات الرئاسية، بأن «خريطة الطريق» قد حققت أهداف مرحلتها الأولى، وأن المرحلة الثانية ستتحقق في فترته الثانية كرئيس.
لكن داني روبنشتاين في هآرتس كتب مقالة تحت عنوان «جبريل الرجوب يعود مجددا» أورد فيها كلام صرح به مستشار الرئيس الفلسطيني لشئون الأمن القومي خلال مقابلة أجراها معه روبنشتاين، في مكتبه في البيرة. وأشار الرجوب، خلال المقابلة إلى ان وزير الدفاع الإسرائيلي ورجاله تصرفوا بشكل مخزٍ عندما حاولوا التخلص منه (في إشارة من الرجوب إلى القصف الذي تعرض له منزله خلال عملية الدرع الواقي) مؤكدا انه يقف على رأس سلطة قوية ومنظمة تؤمن بالتعايش وتلتزم بعملية المصالحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وتابع الرجوب، ان جهاز الأمن الإسرائيلي بناء على أوامر موفاز، حاول اغتياله لسبب واحد وهو أن يستطيع القول بعد ذلك ان ما من شريك فلسطيني للتفاوض معه. وأكد مستشار الرئيس الفلسطيني في السياق نفسه انه لم يستسلم بعد محاولة اغتياله وانه لن يستسلم الآن مشددا على إيمانه بأن ما من خيار أمام الفلسطينيين والإسرائيليين سوى تطبيق حل الدولتين. وفي ما يتعلق بالدور الذي تلعبه مصر في إحياء العملية السياسية بين الفلسطينيين من جهة وبين الفلسطينيين والإسرائيليين من جهة أخرى، فرأى الرجوب، ان نجاح الجهود المصرية متوقف على الحكومة الإسرائيلية موضحا انه إذا أبدت هذه الحكومة استعدادا لتطبيق «خريطة الطريق» تحت إشراف دولي فسيكون بالإمكان التوصل إلى تسوية سلمية. وعندما سئل الرجوب، عن رفض رئيس الوزراء الفلسطيني لقاء نظيره الإسرائيلي أجاب الرجوب، انه ما من داعٍ لعقد لقاء لن يؤدي إلى نتيجة فالفلسطينيون لا يريدون فشلا آخر. أما في ما يتعلق بخطة شارون، بفك الإرتباط مع الفلسطينيين، فرأى الرجوب ان «إسرائيل»، لها الحق في بناء الأسيجة والجدران على أرضها فحسب، غير انه أكد ان رئيس الوزراء الإسرائيلي على رغم قدرته على بناء الجدران والمستوطنات بالقوة وتدمير المنازل وقصف المدنيين، لن يكون بمقدوره منح الأمن لـ «إسرائيل» بالقوة والانتصار على الفلسطينيين بالقوة. واستنتج ان شارون، لن يجد فلسطينيا واحد يتعاون معه في تطبيق خطته لذلك فإنها ستفشل. وعندما سئل الرجوب، عن الخيار المتوافر أمام الحكومة الإسرائيلية في حال لم تقم السلطة الفلسطينية بتفكيك حركة «حماس» أو ردعها، أجاب ان حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» ستكونان جزءا من النظام السياسي الفلسطيني كما هو حال المتطرفين في «إسرائيل»، أي أنهم جزء من النظام السياسي. مؤكدا انه لا يمكن ردع المتطرفين سوى من خلال عرض حل سياسي يسمح ببناء دولة فلسطينية
العدد 489 - الأربعاء 07 يناير 2004م الموافق 14 ذي القعدة 1424هـ