شيع مثقفون وكتاب عرب المفكر والكاتب الفلسطيني أحمد صدقي الدجاني الى مثواه الاخير في القاهرة بعد حياة حافلة بالعطاء إذ ألّف زهاء 60 كتابا في قضايا الفكر والسياسة والادب وشغل الكثير من المناصب الثقافية والسياسية.

ورحل الدجاني عن عمر يناهز الثمانية والستين عاما بعد صراع مع مرض عضال.

والراحل من مواليد يافا العام 1936، حصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة القاهرة، ويقيم في مصر منذ العام 1968 وهو احد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية العام 1964 وشغل فيها عدة مواقع قيادية، اذ كان عضوا في لجنتها التنفيذية على مدار عشر سنوات وظل محتفظا بعضويته في المجلس الوطني الفلسطيني حتى رحيله.

وهو عضو في الامانة العامة للمؤتمر القومي العربي والامين العام السابق للمؤتمر القومي - الاسلامي وعضو وفد جامعة الدول العربية في الحوار العربي الاوروبي.

وكان الراحل عضوا في المجامع اللغوية في الاردن، وجمهورية مصر العربية والجمهورية العربية السورية، وعضو مؤسسة آل البيت، واحد مؤسسي المؤتمر القومي الاسلامي، والمؤتمر القومي العربي، وشغل منصب نائب رئيس المنظمة العربية لحقوق الانسان، وسبق له ان تولى عدة مواقع اخرى منها: عضو منتدى الفكر العربي، وعضو الاكاديمية الملكية، صدر للراحل - الذي قضي حياته منافحا عن قضيتي فلسطين والعروبة - الكثير من المؤلفات الفكرية والتربوية والسياسية التي تزيد على ستين كتابا الى جانب آلاف المقالات في الصحف العربية، مارس مهنة التعليم في سورية وليبيا والتدريس الجامعي في لبنان، ومن كتب الراحل الذي يقول في سيرته الذاتية «فلسطيني اردني الجنسية عربي مسلم» «القدس وانتفاضة الاقصى وحرب العولمة»، «الخطر يتهدد بيت المقدس»، «عرب ومسلمون وعولمة»، «مسلمون ومسيحيون في الحضارة العربية الاسلامية»، «تجديد الفكر استجابة لتحديات العصر»، «الحوار العربي الاوروبي - النشأة والمسار»، «وحدة التنوع وحضارة عربية اسلامية»، «مستقبل الصراع العربي الصهيوني»، «عروبة واسلام ومعاصرة»، «العرب في مواجهة عالم متغير»، «الفلسطينيون في الوطن العربي - مشاركة في الاشراف»، «الحوار العربي الاوروبي - وجهة نظر عربية»، «هذه الليلة الطويلة» (مسرحية)، وله كتابات ومقالات في عدد من الصحف والدوريات العربية.

الى ذلك قال المحلل السياسي الاردني حمادة فراعنة ان أحمد صدقي الدجاني علم من أعلام فلسطين في مجالات عدة فهو أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية، وكان عضوا في لجنتها التنفيذية، ورأس المجلس الاعلى للتربية والثقافة والعلوم، وهو استاذ جامعي له الكثير من المؤلفات في التاريخ والفكر والسياسة، وقد كان له حضور واسع بين المفكرين العرب والمسلمين، ولذلك كان نشيطا في العمل المؤسساتي والمشاركة في المؤتمرات والندوات وفي طليعتها منتدى الفكر العربي، وكان عضوا في مجلس ادارة المنتدى.

والشعب الفلسطيني اليوم والأمة بأسرها تفتقد هذا العلامة في وقت هي بأمس الحاجة اليه والى رجاحة عقله واتزانه السياسي في ذروة نضال هذا الشعب من اجل احلام العودة والاستقلال والمساواة.

لقد تميز احمد صدقي الدجاني بامتلاكه ناصية اللغة وسلاسة التعامل معها وبساطة اللقاء مع الآخرين فكان ساحرا في اكتساب الاصدقاء لقضية شعبه والمتعاطفين معها، ولذلك كانت خسارة الفلسطينيين كبيرة في العام نفسه الذي فقدوا فيه ادوارد سعيد واحسان عباس وفدوى طوقان، الا ان عزاء هذا الشعب هو ما تركه هؤلاء من منجز ابداعي وانساني وفكري وقيم، وقدرة هذا الشعب على مواصلة المسيرة مستعينة على مواجهة هذه الخسارات.

اما رئيس مؤسسة شومان ثابت الطاهر فيعتبر وفاته خسارة للوطن العربي بأسره، كان المرحوم الدجاني مفكرا عربيا كبيرا، وعرف طيلة حياته بصدقه وانتمائه وعطائه ووفائه لوطنه وأمته.

ومهما قلنا فيه فلن نوفيه حقه فقد كان سياسيا أمينا، عالما كبيرا وانسانا رفيع الخلق، ونحن في مؤسسة عبدالحميد شومان نشعر أننا خسرنا صديقا عزيزا، شارك في كثير من ندوات ولقاءات المؤسسة وكانت محاضراته وندواته تستقطب اعدادا كبيرة من محبيه والحريصين على الاستماع لأفكاره وآرائه.

ويؤكد هُمام غصيب : لقد فقدت بوفاة أخي العزيز المقرب أحمد صدقي الدجاني، أخا كبيرا ومفكرا نادرا وانسانا راقيا، كان أجمل ما فيه تلك الانسانية العميقة والحكمة الهادئة والنباهة الحاضرة دائما. عرفته عن كثب من اربع سنين، وقدرت فيه ذلك السخاء الروحي الذي يعطي بلا حدود، كما قدرت فيه استعداده الدائم للعطاء والمساعدة بكل اريحية وغيرية كان العزيز أبوالطيب مفكرا ملتزما قلما يجود به زماننا العربي الرديء.

وسيبقى معنا ما حيينا بقامته الشامقة وابتسامته الدائمة وبفكره المتألق. ولعل دارسينا وباحثينا أن يحللوا نتاجه الفكري الغزير ويعملوا على نشر اعماله الكاملة في طبعة تليق بذكراه الحية أبدا. رحمك الله أيها الأخ العزيز رحمة واسعة، واسكنك فسيح جناته وألهمنا جميعا الصبر وحسن العزاء، واني والله لمحزون محزون.

ويقول ابراهيم بدران ان تميز احمد صدقي الدجاني كباحث قدير ضمن ثلاثة محاور رئيسية استولت على اهتمامه طيلة حياته تقريبا، فالمحور الاول يتعلق بالمحور الفلسطيني أو القضية الفلسطينية والمحور الثاني القضايا العربية ومشكلات الأمة العربية واسباب نهوضها والمحور الثالث الحضارة الاسلامية ودوره كعامل مساعد في عملية النهوض المعاصرة.

وتميز كشخص بالاخلاص لبحوثه وللقضايا التي كان يتبناها وكان خالص الصدق والالتزام والأمانة في نقل الرأي والمعلومة كما انه كان محدثا لبقا ومقنعا في جميع الاحيان.

يذكر انه كان يتكلم العربية الفصحى دائما فلا يحاور الا بها ولا يكتب الا بلغة سليمة كما كان وافر النشاط موصول العطاء، يشارك في المؤتمرات والندوات بقوة وحضور وكانت دماثة اخلاقه ولطفه وتهذيبه تضفي الى حضوره الشيء الكثير.

وقد كتب وألف عددا من الكتب والمقالات وجميعها تدور في المحاور التي ذكرتها.

وتعتبر وفاته خسارة حقيقية وكبيرة للمفكرين والمثقفين العرب.

ويرى رئيس رابطة الكتاب الاردنيين أحمد ماضي انه باحث أكاديمي ورجل سياسة وأحب ان اقول اني عرفت هذا الانسان مفكرا وباحثا ورجل سياسة. وما كان يعجبني في شخصه الكريم انه في غاية الدماثة واللطف والذوق وقد حدث اكثر من مرة بل مرات ان اشتركت معه في ندوات ومؤتمرات كما حاورته في مؤسسة شومان وفي كل هذه المرات كان يعجبني جدا بمداخلاته وتعقيباته بل اعتقد انه كان يجذب الكثرة الكثيرة ممن كانوا يستمعون اليه.

اما علي محافظة فيقول : فقد المؤرخون العرب خلال اسبوع واحد علمين من اعلامهم، صالح العلي في العراق واحمد صدقي الدجاني من فلسطين.

اعرف المرحوم شخصيا من خلال دراستنا في دمشق فقد كان يسبقني بسنة واحدة في قسم التاريخ وكان شخصا مميزا يسمو بأخلاقه واصراره على الكلام باللغة العربية الفصيحة، وعنايته بتاريخ أمته العربية مع توكيده أواصر الاخوة بين هذه الأمة والأمم الاسلامية الأخرى.

كان رحمه الله ذا ثقافة واسعة عرفته المجالس والمنتديات الثقافية والفكرية في الوطن العربي والعالم الاسلامي، فكان حقا من الاعلام والمفكرين المؤثرين في اجيال هذه الأمة.

اضرع اليه تعالى ان يدخله فسيح جنانه وان يلهم ذويه الصبر والسلوان