العدد 489 - الأربعاء 07 يناير 2004م الموافق 14 ذي القعدة 1424هـ

المرأة في الإسلام بين المشاركة والتبعية (2 - 2)

وينتقل بعدها إلى مفهوم التبعية التي يرجع منبع أصولها إلى مفهوم علاقة العبد بالسيد في المجتمع الإقطاعي، الذي ينتج مفهوم التبعية ويعزز من الدونية، وأشار إلى ما ورد في النص القرآني الكريم «أو ما ملكت أيمانكم»، (النساء: 3) فحسب قوله إن التفضل الإلهي هنا للطبقة الرأسمالية أو الإقطاعية بفائض قيمة الإنتاج لم يكن اعتباطا، إنما لتقاسم عائد رأس المال، فمنشأ العبودية كما يذكر هو استلاب ذلك الفائض لعائد الإنتاج، ويشبه العلاقة الثنائية ما بين الرجل والمرأة في المجتمع بعلاقة التبعية ما بين السيد والعبد، ويفسر ما جاءت به سورة الشمس كدلالة على وحدة التكوين ما بين الرجل والمرأة كثنائيين يتصفان بالتضاد في وحدتهما التكوينية: «والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها والسماء وما بناها والأرض وما طماها ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها»، (الشمس: 1-9)...، فضلا عن إشارته إلى منح الخالق للإنسان ثلاثية الوعي التي منها التعبير وملكات الوحي في مقابل البكم. ويعود ثانية يؤكد أن منطق الدونية والعبد والمملوك ما هو إلا منطق ثقافي وليس نصا قرآنيا، إذ إن مشكلة الفقهاء تكمن في التعامل مع النص بمنطق الموروث والعرف. وربط ذلك بمسألة الحجاب والخمار ومدلولهما في النص، وكذلك الاختلاط واستنتج أن كلمة حجاب لا علاقة لها بالثوب، وأن هناك سترا عضويا وآخر معنويا يتمثل في غض البصر والطرف، ولا يعني إغلاق العين إنما الامتناع عن النظرة الشهوانية وهذه تسري على كل من الرجل والمرأة، وحدد بدقة متناهية حدود الستر العضوي بالثوب سواء لجسد المرأة أو الرجل على حد سواء.

هناك الكثير مما تناوله بالتنظير في تلك المحاضرة، ولكنني أكتفي بأبرزه، الذي أثار جدلا صاخبا بين معارض ومندهش بين الحاضرات، اللواتي لم يتقبلن منطقها، سواء ممن يشار إليهن بالإسلاميات، أو الليبراليات اليساريات كما يروق للبعض، فمن اعتاد على الصرامة في التدين والتعامل مع قضايا الدين والحياة بالتفسيرات النمطية وناموسيتها لا يقبل بالمنطق الذي يشككه في أبجدياته، فضلا عن أنه مرفوض من الطرف الآخر إذ لا يجد فيه منطقا علميا ومقاربة واقعية للواقع. لكن الأمر الخطير هو عقل هذا المفكر المشاكس، الذي يقلب الموازين ويخلط الأفكار ويقرأها من شمالها إلى يمينها تارة ومن أعلاها إلى أسفلها تارة أخرى والعكس صحيح، يمزج الأدوار ويدعو إلى التمرد والمجادلة، إنه يضعك أمام خيارات العقل ويتحداك، وهنا تتكشف نواقص الضعف والهزال المعرفي لما ندور في فلكه ولما لدى الآخر من أفكار وآراء، فهل نقبل دعوته إلى تفعيل العقول ومجادلة ما يخترقها من قيم وآراء وتفسيرات، وخصوصا أن العصر في حراك ولا خيار أمام الجميع إلا التحرك باتجاه عقارب ساعة العصر لعبور المحيط أو الغرق في بحور الأوهام ومن ثم...؟





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً