العدد 2346 - الجمعة 06 فبراير 2009م الموافق 10 صفر 1430هـ

جحا وحماره

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يذكر أنه في ذات يوم خرج جحا كعادته للسوق فاحتار بأية حيلة يحتال على الناس ليمتع نفسه، وبعد حيرة لم تدم طويلا، أخذ ينادي في الناس «الوالي يقيم مأدبة غداء، الوالي يقيم مأدبة غداء وأنتم مدعوون» فترك الناس أعمالهم وتوجهوا إلى بيت الوالي ليتناولوا الغداء المزعوم فضحك جحا.

جحا صدق كذبته على الناس عندما تأخروا في بيت الوالي فذهب راكضا إلى منزل الوالي ليتناول الغداء المزعوم على رغم علمه ويقينه بأن ما فعله «مسرحية» ليمتع نفسه فيها فقط، إلا أن حماقته كحماقة البعض المعتادة والتي سرعان ما يهرولون وراء الأكاذيب لنسج خيوطها حولها وصوغ المسرحيات المرافقة لها لتمتع الأخريين بها رغم يقينها بأنها كذبه فقط.

كل شعب وكل أمة صمّمت لها جحا خاصا بها بما يتلاءم مع طبيعة تلك الأمة وظروف الحياة الاجتماعية فيها، إلا أن شخصية جحا المغفّل الأحمق وحماره لم تتغيّر وهكذا تجد شخصيات كثيرة ذكرها التاريخ العربي مثل: هبنقة بن ثروان، وربيعة البكّاء، وعجل بن لجيم، وابن الجصاص وغيرهم.

في البحرين لا يوجد لدينا شخصية حجا ولكن يمكن أن نقول أن جحا ورث لنا حماره، وبما أن الحديث عن حجا وحماره، وواقعنا في البحرين، فإن التاريخ يذكر بتلك المساجلة العلمية بين جحا وثلاثة علماء أرادوا المناقشة فسألوا جحا عن وسط الدنيا، فأشار لهم إلى حيث وضع حماره قدمه اليمني، وطلب منه الدليل فأجاب من لم يصدق فليقس الدنيا ويكذبني.

وسأله آخر عن عدد النجوم، فأجابه جحا بعدد شعر الحمار، فيما سأله الأخير عن عدد شعر لحيته، فجاءه الجواب بعدد شعر ذيل الحمار.

المأثور من هذه الواقعة أن الحمار لم يكن ذكيا أو حكيما بل استخدم لقلب الحقائق وإرباك العلماء باستخدام منطق غير صحيح ومغلوط وكسر قواعد المنطق والنقاش وليبقى العبث واقع مرير لحياتنا عندما يكثر من استخدام الحمير لتبرير مواقف وقلب الحقيقة، فالحمير لا سلطة لها، فهي تتحرك يمينا عندما يريد منها راكبها ذلك ويسارا عندما يريد ذلك.

في بلدنا هناك من يحمل أوزار الآخرين ويتنقل بها هنا وهناك من دون أن يعلم ما هي؟ وماذا وراءها؟ المهم أن تكون هي أحمال من حمّله إياها كما قال سبحانه وتعالى: «كمثل الحمار يحمل أسفارا» فبئس ما حملوا وما نقلوا، فقد حملوا وشتموا قبل البرلمان، وحملوا وشتموا بعد البرلمان، فهذه هي سلواهم ومصدر عيشتهم، ولا نستطيع لومهم.

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 2346 - الجمعة 06 فبراير 2009م الموافق 10 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً