العدد 2346 - الجمعة 06 فبراير 2009م الموافق 10 صفر 1430هـ

لمن الحقوق لهؤلاء أم لأولئك؟

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بعد نجاح الثورة البلجيكية في العام 1830 أصبح ثُوّارها عمد الحرس الملكي وقادة الجيش في بلجيكيا بزعامة الملك ليوبولد الأول. وفي ألمانيا حين انطلقت وانتصرت ثورة مقاطعة بادن في العام 1848، حَكَمَ البلاد من قاتل في الثورة وحضر المؤتمر الألماني القومي الأول بكنيسة باولوس. وهكذا كان لديغول في فرنسا وبيتر خيربراندي في هولندا.

اليوم وفي قطاع غزّة لا يُريدون لمن قاتل المحتل الصهيوني أن يبني حجرا في السياسة. يقولون بأن الدّم لا يُحوّل المقاتلين إلى قادة. وقد يبدو من ذلك الحديث أنه تعيير لا يليق بالمجاهدين لكي يعيشوا غلواء القوة. لكنه باعتقادي صنوٌ جديد لما ينفثه المعتدلون العرب من دخان أسود هذه الأيام.

إن أصبح السياسي مُعتدلا فلا يَدفعه ذلك لأن يكون مُنبطِحا أيضا. فالاعتدال لا يُساوي الدّوس على نواصي السلاح، وإلاّ لأجاد مايكل كولينز فنّ البصق على فاليرا حين أصرّ على إبقاء تعميرة السلاح بيد الجيش الجمهوري الأيرلندي بعد الحرب الأهلية بين عامي 1919 - 1923.

اليوم وفي المفاضلة بين ما آلت إليه منظمة التحرير الفلسطينية ونواتها فتح من مُخرجات سياسية وبين حركة حماس لبسٌ مُفتَعَل. فحين تُصوَّرُ المنظمة بأنها خرّمت أجندتها من شعار رمي الكيان الصهيوني في البحر إلى القبول بالاعتراف المتبادل وإقامة الدولة في القطاع والضفّة، وبالتالي استحصالها ما كان يجب أن يكون هو في حقيقته وصل بما تنتجه حركة المقاومة الإسلامية حماس واقعا.

فحركة حماس لم تتورّط في حروب المنطقة وصراعاتها لكي تعيش هواجس القضم بالمقدار لحوافّ الشعار وجوهره، وحياكة الحدث بارتدادات سابقة. ولم تدخل في أيلول الأسود في الأردن ولا في حرب المُخيّمات بلبنان، ولا في معارك المغدوشة، ولا في مخيّم الرشيدية وبرج البراجنة وقربة بصليّا وكفر ملكي ووادي الليمون.

حماس حركة مقاومة نبتت في الداخل الفلسطيني المحتل، وبالتالي فإن جرّها بجريرة منظمة التحرير في تقليل (أو تكثير) سقوف الحرب والسلم وحتى السياسة هو مقاربة غير دقيقة.

ففي الخُلاصات الفتحاوية لمستقبل القضية تتقارب اليوم مع حماس في أن حدود الرابع من يونيو/ حزيران هي الوضع الأكيد للدولة الفلسطينية. لا بل في قبول الحمساويين بمُخرجات أوسلو ودخولهم انتخابات يناير/ كانون الثاني 2006.

من يُرِد أن يُدرك حقيقة حماس فعليه أن يطال جزءا من الواقعية السياسية. فهي إن رفضت المبادرة العربية فهذا لأن تل أبيب رفضتها قبلها بأبهى صور الرفض، بل وارتكبت بعد إقرارها في قمّة بيروت (28 مارس/ آذار 2002) بخمسة أيام فقط عملية عسكرية إرهابية في مخيّم جنين راح ضحيتها عشرات الفلسطينيين الأبرياء.

وهي إن طالبت بفتح معبر رفح فلأن مصر هي مِصر وليست الكيان الصهيوني، ولأنها عُمقٌ وليست مَتَاه، ولأنها ظَهْرٌ وليست خنجر، ولأنها حليف وليست عدو، ولأنها نصير وليست طرف. ثم هل تُعتبر المطالبة بفتح المعبر اختصارا لهمّ القطاع أم أنها لازمة أخلاقية تعني مليونا ونصف المليون إنسان يهجعون في القطاع.

وهي إن سفّهت ما آلت إليه المفاوضات مع حكومة أولمرت فلأنها جلبت مزيدا من الاستيطان في الضفة الغربية خلال العام 2008 بنسبة ستين في المئة أي 1500 مبنى جديد، خلف الجدار الفاصل ليصل عدد المستوطنين في الأراضي المحتلة في غرّة العام المنصرف إلى 285800 مستوطن.

هذه الأمور يجب أن تُدرك. وهي ببساطة إلى درجة البداهة وليس التبسيط. فلسطينيون فازوا في الانتخابات فيحقّ لهم أن يسودوا. وفلسطينيون قاوموا المحتّل يحق لهم أن يتصدروا. وفلسطينيون محاصرون يحقّ لهم أن يُطالبوا بفكاك الحصار. هذا كل شيء وأقل منه بخسٌ للحقوق.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2346 - الجمعة 06 فبراير 2009م الموافق 10 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً