نستخدم محركات البحث في الشبكة العنكبوتية العالمية عند محاولة إيجاد إجابات سريعة لبعض التساؤلات في جميع المجالات سواء السياسية أو الاقتصادية أو العلمية ...إلخ. لذلك فبدلا من التوجه صوب المكتبة والبحث في بطون الكتب فإن طالب العلم في جميع المجالات يقصد محركات البحث للوصول إلى غاياته ومراده لكن هل يعلم مستخدموها كمية غاز الكربون المنبعث عند ملامسة أصابعه لوحة المفاتيح لجهاز الكمبيوتر الشخصي؟
هذا التساؤل المطروح أثار الكثير من اللغط في الصحافة الدولية عند إعلان فيزيائي من جامعة هارفارد الأميركية في منتصف شهر يناير/ كانون الثاني 2009 أن كمية الكربون المنبعث عند استخدام أي محرك بحث إلكتروني يسبب انبعاث نحو 7 غرامات من الكربون وبالتالي فإننا يمكننا مقارنة كمية الكربون المنبعث بسبب القيام بعمل بحثين فقط في الصفحات الإلكترونية بالكمية المنبعثة من غلاية الماء.
قد يبدو للوهلة الأولى للقارئ أن هذه الكمية بسيطة لكن إذا علمنا بأن مستخدمي محرك البحث غوغل في العالم يقومون بنحو 200 مليون عملية بحث يوميا فإننا يمكننا من حساب كميات غاز الكربون المنبعثة يوميا والتي بحسب إدعاءات الباحث الإميركي يصل إلى 1.4 مليون كيلوغرام يوميا وهي كمية هائلة وهي تهمة جديرة بأن تقوم أهم العلامات التجارية في العالم بالدفاع مستخدمة منطق الأرقام والدلائل العلمية.
الرد من دائرة العلاقات العامة لشركة غوغل وهي أهم شركات تقنية المعلومات وأوسعها انتشارا اعتمد على توضيح عدة مسائل علمية.
أولا: تم توضيح أن كمية الطاقة المستخدمة بواسطة جهاز الحاسوب يفوق كمية الطاقة المستخدمة بواسطة محرك البحث.
ثانيا: متوسط الزمن الذي يستغرقه محرك البحث للحصول على إجابة لا يتعدى 0.2 ثانية بينما الفترة الزمنية التي يتم فيها استخدام أجهزة الحاسوب الخادمة (servers) لا يتعدى أجزاء من الألف من الثانية وبالتالي فقد وجد أن كمية الطاقة المستهلكة لا يتعدى 1 كيلوغول.
كمقارنة توضيحية فإن متوسط استهلاك الإنسان الراشد من الطاقة من الغذاء لا يتعدى 8000 كيلوغول يوميا وبالتالي فإن محرك البحث يستهلك ما يحرقه جسم الإنسان في نحو 10 ثوانٍ فقط.
ثالثا: إن الكمية المنبعثة بسبب محرك البحث لا يتعدى 0.2 غرام من ثاني أكسيد الكربون وكمقارنة أخرى فإنه بحسب القوانين الأوروبية فإن كمية الكربون المنبعث من عادم السيارة لا يجب أن يتعدى 140 غراما لكل كيلومتر وبالتالي فإن قيادة السيارة لمسافة كيلومتر واحد مكافئ للقيام بنحو 1000 عملية بحث أو إننا نستطيع القول وبصورة أخرى إن الطاقة المستخدمة يوميا لجميع عمليات البحث باستخدام محرك غوغل في العالم يسبب انبعاث نحو 40 ألف كيلوغرام من الكربون (البصمة الكربونية اليومية) وهي الكمية المنبعثة من سيارة واحدة خلال رحلة تقطع فيها 200 ألف كيلومتر.
رابعا: أعلنت شركة غوغل أنها تساهم في العديد من الأنشطة البحثية لتطوير استخدام الطاقات المتجددة والخضراء في قطاع تكنولوجيا المعلومات واستخدام إعادة التدوير كوسيلة معالجة للنفايات الصلبة في مكاتبها وزيادة كفاءة استخدام الطاقة ووضع خطط العمل والسياسات الخضراء في خططها المستقبلية.
بعد هذه الحادثة الإعلامية فمن الواضح أن شركات تكنولوجيا المعلومات ستزيد من اهتماماتها البيئية بصورة عامة وببصمتها الكربونية بصورة خاصة وسيكون هناك اهتمام أكثر باستخدام الطاقات المتجددة لخفض آثار استهلاكها للطاقة وزيادة كفاءة الطاقة في بيئة العمل.
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 2346 - الجمعة 06 فبراير 2009م الموافق 10 صفر 1430هـ