العدد 2346 - الجمعة 06 فبراير 2009م الموافق 10 صفر 1430هـ

العصفور: سوء الظن مرض خطير يفتك بالمجتمعات

الوسط - محرر الشئون المحلية 

06 فبراير 2009

تحدث خطيب جامع عالي الكبير الشيخ ناصر العصفور في خطبته يوم أمس (الجمعة) عن خطورة سوء الظن وأضراره على الجانب الفردي والاجتماعي، وقال إنه يمكن تصور سوء الظن على أنحاء ثلاثة، الأول هو سوء الظن بالنفس أي أن يسيء الإنسان الظن بنفسه، وتارة يكون سوء الظن بالناس الآخرين، وثالثة يكون سوء الظن بالله عز وجل.

وتحدث العصفور عن الحالة الأولى مبينا أنها الحالة الوحيدة التي يكون فيها سوء الظن إيجابيا ومطلوبا على اعتبار أنه في سياق عدم الرضا عن الذات، ما يدفعها إلى المزيد من المحاسبة والمراقبة والتدقيق في مجمل العلاقات، سواء بين الإنسان وبين ربه أو بينه وبين الآخرين، ما يحفزه إلى إتقان العمل وتحصيل الإخلاص في عباداته وطاعاته وأعماله، ويبتعد عن الرياء والعُجب وحب السمعة وغير ذلك. ولفت العصفور إلى أن هذا الجانب لابد وأن يكون بشكل متوازن بحيث لا يؤدي ذلك إلى حالة من الإحباط أو الشعور باليأس، كما قال الإمام علي (ع) في وصف المتقين «فهم لأنفسهم متهمون، ومن أعمالهم مشفقون».

وقال العصفور: «إن سوء الظن بالله عز وجل بكل أنواعه وأشكاله هو بلاشك من المحرمات ويكشف عن ضعف في الجانب الاعتقادي وفي المعرفة برب العالمين، وقد تحدث القرآن الكريم عن التصورات الخاطئة لإضعاف الإيمان بقوله سبحانه وتعالى: «يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلين»، أي أنهم يصفونه سبحانه وتعالى بما كان يصفه أهل الجاهلية من اعتقادات بطالة وتصورات خاطئة، وكما قال عز وجل «الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا»، وأما الظن السيء بالآخرين فهو أمر نهت عنه الآية الكريمة بقوله تعالى «يا أيها الذين أمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم»، وقد يقول البعض إنه كيف يمكن النهي عن الظن أو سوء الظن على رغم كونه أمرا غير اختياري إذ هو مجرد خطرات تعرض على الذهن والفكر وقد لا يكون الإنسان قاصدا لها أصلا ومتوجها إليها فعلا، والجواب عن ذلك نقول صحيح أن سوء الظن هو خطرات وأفكار تعرض على الذهن والفكر، ولكنها لم تنشأ من فراغ وإنما هي ناشئة من مقدمات اختيارية وأوضاع في التفكير اعتاد عليها الإنسان أي أنه صنع هذه الذهنية التي لها استعداد لاستقبال مثل هذه الخواطر الشيطانية، واعتاد عليها بطريقة يسبق إليها ذهنه بمجرد تصور أو مشاهدة موقف، فينساق وراء الخيالات والأوهام ويعطي الأمور أبعادا أخرى».

وأوضح العصفور أن «سوء الظن في الواقع هو مرضٌ خطيرٌ يفتك بالأفراد والمجتمعات ويؤدي إلى انعدام الثقة وزعزعة العلاقات في المجتمع ويقطع حبل المودة والألفة ويبعث على الشرور والإفساد فهو يكشف عن حالة مرضية أو اضطراب نفسي يؤدي بالإنسان للتشكيك في الآخرين وفي تصرفاتهم وأعمالهم وأول ما يقال أسباب سوء الظن الإنسان نفسه فهو بلاء على صاحبه حيث إن هذه الممارسة تؤدي إلى أن يجعل حاجزا بينه وبين الناس كما قال الإمام علي (ع) «من لم يحسن ظنه استجوش من كل أحد»، ونلاحظ أيضا أسباب سوء الظن من خلال الروايات كقوله (ع) «سوء الظن يفسد الأمور ويبعث على الشرور»، وقوله «سوء الظن يفسد العبادة ويعظم الوزر».

وأشار العصفور إلى طريقة معالجة هذا المرض بأن يلتفت الإنسان أولا إلى هذه الحالة المرضية عنده ويعترف بوجودها وهناك من الناس من يعتقد أن سوء الظن هو حالة من الذكاء والفطنة والكياسة ويشعر بأن الآخرين يقابلونهم بنفس الشعور وبنفس الإحساس ويحملون نفس التصورات وهو ما يدفعه إلى أن يظهر تفوقه عليهم في هذا الجانب فالمطلوب أن يحاسب الإنسان نفسه ويصلح سريرته فإن سوء الظن يولد حالة من العجب والغرور في النفس. كما قال النبي (ص) في وصيته لعلي: «وأعلم يا علي أن الجُبن والبُغل والحرص غريزة يجمعها سوء الظن»، أي أن سوء الظن يبطن كل هذه الصفات مما يبنغي الالتفات إلى خطورة هذا الأمر، وكذلك على الإنسان أن يقهر نفسه ويضاد هذا الشعور بما يضاده وهو الحمل على المحمل الحسن كما أرشدت الروايات «احمل فعل أخيلك على أحسن محمل»، أو في رواية «على سبعين محمل». كما نبه العصفور إلى الدخول في مواضع التهمة حتى لا يكون عرضة لسوء ظن الآخرين واتهامهم ويفتح على نفسه باب الغيبة.

العدد 2346 - الجمعة 06 فبراير 2009م الموافق 10 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً