دعا خطيب جامع أبي بكر الصديق الشيخ علي مطر، في خطبته أمس، وزارة العدل والشئون الإسلامية إلى التفكير جديا في إيجاد ما يسمى «برخصة الزواج» بحيث يخضع كل من أراد الزواج الأول من الشباب والشابات لدورة مكثفة في فنون التعامل وذلك للحد من كثرة المشاكل المؤدية إلى الطلاق بينهم.
وقال مطر كما صار الفحص قبل الزواج إلزاميّا فلتكن رخصة الزواج أيضا إلزامية بحيث لا يعقد على الزوجين إلا بها.
وأضاف مطر أن الأسرة تحتل أهمية كبيرة لأنها المدرسة الأولى للأبناء واستقرارها يؤثر إيجابا على النشأة السوية الصالحة للأولاد، لذلك فقد اهتم الإسلام بها اهتماما بالغا ومن يقرأ القرآن الكريم يقف على عشرات الآيات التي تناولت شئون الأسرة بالتفصيل، من مسائل الزواج وحقوق الحياة الزوجية والخلاف بينهما والصلح والتحكيم، والطلاق والنشوز والعدة والرجعة واللعان والظهار والحمل والرضاعة والنفقة وحقوق الآباء والأبناء والميراث...الخ، في الوقت الذي تناول فيه القرآن مسائل العبادات مثل الصلاة والصيام والزكاة... بشيء من الإيجاز والاختصار وجاء تفصيلهما في السنة النبوية المطهرة.
وقال، كم هو جميل وعظيم أن يعيش الإنسان في أسرة سعيدة يسودها الاحترام والود والوئام.
بيت سعيد يحتضن كل أفراد الأسرة الذين يترابطون فيما بينهم بالحب والتعاون، أسرة متماسكة متفاهمة، يعذر كل فرد منهم الآخر، ويكمل كل واحد فيها الآخر، ينصح بعضهم بعضا ويدعو كل واحد منهم إلى الآخر ويغض الطرف عن الهفوات والأخطاء والزلات، فالكمال لله وحده، فكل واحد من الزوجين فيه عيوب ونقائص.
وأكد مطر أهمية السكن النفسي في الحياة الزوجية، قال الله تعالى: «ومن آياتِه أنْ خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة». (الروم:21)، فقد قالت الآية ليسكن إليها ولم تقل يسكن معها ما يؤكد معنى الاستقرار في السلوك والمشاعر التي تحقق الراحة النفسية والطمائنينة، موضحا، لهذا وجب على الأسرة وعلى الزوجين الابتعاد عن كل المنغصات والمشاكل وكل ما يعكر صفو الحياة الزوجية وذلك لاستمرار الحياة وعدم هدم الأسرة... ينبغي أن نعلم أن العلاقة الزوجية ليست علاقة مصلحة دنيوية مادية، ولا شهوانية بهيمية، إنما علاقة رحمة عالية سامية كريمة.
وذكر أن الخلاف بين الزوجين حاصل لأي سبب وغالبا تكون الأسباب بسيطة يمكن الصبر عليها وحلها ومعالجتها ولكن بعض الأزواج يظن أن التهديد بالطلاق أو التلفظ به هو الحل الصحيح للخلافات الزوجية والمشكلات الأسرية، فليس في قاموسه إلا التهديد والوعيد، موضحا لا ينبغي أن يكون الطلاق هو الحل الأول والأخير للمشاكل بين الزوجين بل يجب أن تكون هناك حلول أولية من التفاهم والنقاش والصلح...الخ.
وحذر مما يفعله بعض الرجال من الحلف بالطلاق كقول بعضهم: إن خرجت من البيت فأنت طالق أو علي الطلاق إن لم تفعلي كذا أو إذ لم تتفضل عندي أو تتغدى عندي... وهكذا، مردفا أن من الأخطاء أيضا عند وجود بعض الخلافات بين الزوجين أن تطلب المرأة الطلاق من زوجها لغير سبب شرعي بل لأتفه الأسباب وحصول أدنى خلاف، بل ربما وصل الأمر بالبعض إلى التحدي والاستفزاز بعبارات مثيرة للأعصاب، تقول مثلا: «إن كنت رجلا فطلقني...»
وبين الرسول (ص) حرمة ذلك في قوله: «أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة».
وتطرق مطر إلى مسوغات الطلاق، فقال مع كون الطلاق من أبغض الحلال إلى الله تعالى إلا أنه يجوز للإنسان أن يطلق إذا تعذر العيش وفشلت كل السبل في الصلح ووصل الأمر إلى باب مسدود.
وبين، عندها وبعد تفكير ومشاورة واستخارة وترجيح المفاسد والمصالح يطلق طلقة واحدة بحيث تكون المرأة حاملا أو في طهر لم يجامعها فيه فهذا هو الطلاق المشروع وهو على السنة وهذا من باب حماية الأسرة والتضييق والضمان لقوله تعالى «يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم» (الطلاق:1).
والعدة كما فسرها أهل العلم بأن تكون طاهرا من غير جماع، أو في حال حمل، هذه هي العدة التي يطلق لها النساء.
وأشار إلى أن هناك ضمانا وحماية أخرى أنه لا يجوز للرجل أن يطلق طلاقا بدعيّا لأنه منكر وحرام، مبينا أن الطلاق البدعي يكون كما قال العلماء في الزمان ويكون في العدد، أما في العدد فكأن يطلقها ثلاثا بكلمة واحدة، فيقول أنت طالق بالثلاث، أو بكلمات أنت طالق ثم طالق ثم طالق وهكذا، وأما الطلاق البدعي من جهة الزمان فهو المتعلق بحال المرأة إذا كانت في الحيض أو في النفاس أو في طهر جامعها فيه فلا يجوز للزوج أن يطلق في هذه الأحوال الثلاث لأن هذا الطلاق محرم ومعصية لله لمخالفته للشرع، فقد سمع النبي (ص) رجلا طلق بالثلاث جميعا؛ فقال: «أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم»، فالسنة أن يطلق واحدة فقط ولا يزيد عليها، لأنه قد يندم فيتراجع فلا يشدد على نفسه، لهذا قال الله تعالى: «لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن» لإعطاء الفرصة للصلح وإرجاع الزوجة عندما يراها معه في البيت.
وختم مطر قائلا إنه من ضمن رحمة الله أن ضيق طرق ومسالك ووجوه الطلاق حفاظا على الحياة الزوجية واستمراريتها وبقاء النكاح وحماية للأولاد من التشرد وتأثر نفسياتهم.
ومن المعلوم أن حالات الطلاق عندنا كثيرة وخاصة عند الشباب لهذا وجب تهيئة الشباب للزواج، (...) وهذه التهيئة من الأسرة والأبوين والمناهج الدراسية والإعلام.
العدد 2346 - الجمعة 06 فبراير 2009م الموافق 10 صفر 1430هـ