شدد الشيخ عيسى قاسم في خطبته يوم أمس (الجمعة) بمسجد الإمام الصادق (ع) بالدراز على حاجة الوطن إلى «حوار هادف يأخذ بالجميع إلى التوافق والتهدئة»، وقال قاسم: «على المستوى المحلي فإن بقاء الإستاذ حسن مشيمع والشيخ محمد حبيب المقداد في السجن وعدد من شباب الوطن ليس بطريق إلى التهدئة، ولو كانت التهدئة عند الآخر مطلوبة ولو بالقوة، ونؤكد أن الجميع من أبناء الشعب والحكومة رابح في الوضع الآمن، وأن الجميع خاسر من الوضع الأمني المضطرب».
ورأى قاسم أن الاتهام والسجن وجرد المتهم من أول لحظة من سجنه من حقوقه الوطنية والقانونية، وضربه أمام أهله، وتعذيبه في الزنزانات المظلمة، كل ذلك يؤدي إلى بلد الغابة. وتساءل قاسم «ما الذي استرخص هذا المخلوق الكريم، بمجرد أن تتهمه، وتأتي الأحكام القاسية بعد ذلك، وصور الركل والسحب وسحق الكرامة أمر يشهده الناس في حال مداهمات البيوت، وهو نقل متكرر إلى حد التواتر، فضلا عما يجري من أمور فضيعة في أجواء السجون والتي يشهدها الأهالي والأطباء والمحامون»، لافتا إلى أن «هذه الأساليب من التعامل مع شكاوى الشعوب قادت شعوبا إلى كوارث مروّعة».
وعرج قاسم على مسيرة التجنيس، قائلا: «عبر الشعب عن رأيه بقناعة تامة ذاتية وبوعي وإصرار وإيمان ورؤيته الواضحة للخطورة الواضحة للتجنيس الخارج عن أي مصلحة للوطن، ولما وضح عن أمره السيئ ونتائجه المربكة المؤذية. وهو تعبير لا خدش فيه لا دينيا ولا حضاريا ولا أمنيا. ونتساءل: ما النتيجة، هل ستبقى نداءات الشعب وكل وسائله الحضارية لا يسمع إليها أمام رغبة الأهداف السياسية المسبقة المضادة لمصالحه، المنتقصة من حقوق المواطنة الثابتة لها. والحكومة أمام اختبار بعد مسيرة التجنيس ومسيرها الحضاري في صدق مطالبات الشعب، وإيصال قناعاته ومطالبه»، منوها إلى أن «مسيرة التجنيس جعلت قناعات الحكومة على المحك العملي الذي يكشف عن صدق أو زيف هذه الدعاوى».
وبشأن مشروع قانون أحكام الأسرة، قال قاسم: «لقد بذل المؤمنون كثيرا، وكان لنواب كتلة الوفاق دورٌ ملحوظ، وتحرك الكثير بجد وفي مقدمتهم العلماء وطلبة العلم ما حال دون طرح مشروع القانون أمام المجلس النيابي بعد فترة ثم أدى لاسترداده من قبل الحكومة بعد تقديمه، ولا يطالب أحدنا الآخر بالشكر فإنه الواجب الديني الذي يقع على عاتق الجميع وعلينا جميعا أن نشكر الله تعالى لما وفق من موقف رسالي ونتيجة فيها خير الإسلام والمسلمين. ولسنا في مسابقات مع أي طرف لنسجل المواقف وإنما كل المراد أن يعيش هذا الوطن في ظل إسلامه وفي ظل العدالة والأخوة الإيمانية والإنسانية، وأن يكون على مسار التقدم والازدهار، والمنطلق في هذه القضية وأي قضايا أخرى والمطالبة بالحقوق لا ينطلق عند المؤمنين إلا من منطلق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
وانتقل قاسم إلى الحديث عن قرار وزير العدل والشئون الإسلامية رقم (2) لسنة 2009 المتعلق بضوابط الخطاب الديني والذي دخل حيز التنفيذ في 30 يناير/ كانون الثاني الماضي، وقال: «المساجد لله، وإنما يقرر وظيفتها وشرعيتها لا السياسات الوقتية ولا القرارات الوزارية، وهذا ما عليه أهل القبلة الذين يفهمون الدين، والكلام في وظيفة المسجد كلام الفقه والأحكام الإلهية وليس كلام وزارات إدارية ووزارية، تغرب إذا غرب الحكم الشرعي وتشرّق إذا شرّق، وتتجاوز حرمته وتختط لها هدفا غير هدفه. والكلام مع أئمة المساجد هو كلام مع أهل وظيفة دينية ضبطت حدودها الأحكام الشرعية، وكل آدابها وأخلاقها ومستحبها وجائزها ومكروهها وليس كلاما مع موظفي الحكومات التي ترسم شروطها كما تشتهي وتفصلهم متى شاءت ويتقاضون منها أجرهم ويسترضون سياستها وأهدافها إبقاء على الوظيفة والأجر. هكذا نفهم الدين وليس لنا فهم آخر على الإطلاق».
وقال قاسم:«إذا كانت المسألة فقهية شرعية، فأئمة الجماعة لا يجدون في وزارة العدل والشئون الإسلامية صاحبة القرار بشأن ضوابط الخطاب الديني مصدرا للفتوى، ولا في الأخذ بفتوى الوزارة عذرا لهم بين يدي الله يوم القيام والحساب».
العدد 2346 - الجمعة 06 فبراير 2009م الموافق 10 صفر 1430هـ