في المشهد الفلسطيني، تبرز صورة معبِّرة لرئيس وزراء العدوّ وهو يغرس شجرة المشروع الاستيطاني الصهيوني، معلنا عن بقاء الاحتلال والمستوطنات على صدر الفلسطينيين «إلى الأبد»، فيما يقف أحد المسئولين العرب خطيبا ليدافع عن الجدار الفولاذي الذي أعطاه عنوان «الإنشاءات» التي تحمي «السيادة والأمن القومي»، على حد قوله، ليواصل العدو بناء المشروع فيما تواصل الأنظمة العربية بناء الجدر التي تحمي كيان العدو، وتحاصر الشّعب الفلسطيني في لقمة عيشه ووسائل الدفاع المشروعة عن حياته!
وإلى جانب ما يجري في الضفة الغربيّة، بدأ العدوّ بإرساء دعائم خطة جديدة لتهويد النقب والجليل، حيث صادق رئيس وزراء العدو على منح الجنود الصهاينة قسائم بناء مجانية في أراضي هاتين المنطقتين، لتأكيد يهودية الكيان، وطرد العرب، وفرض أمر واقع يغطي الحديث عن استئناف المفاوضات التي ستكون محصلتها المزيد من التفاوض على الورق، فيما يسيطر العدو على بقية الأرض في الميدان.
إنها اللعبة الأميركية - الإسرائيلية التي يتوزع فيها الطرفان الأدوار، والتي بدأت تظهر معالمها من خلال ما طرحه مبعوث الرئيس الأميركي في زيارته الأخيرة حول التفاوض بهدف ما أسماه «تحسين أوضاع الفلسطينيين في الضفة»، والذي يشكل ترديدا حرفيا لمشروع نتنياهو القاضي بمنح الفلسطينيين تحسينات اقتصادية معينة، مقابل تمرير المزيد من مشاريع الاستيطان المؤدية إلى ضياع القضية بالكامل.
إننا نحذر الجميع، بمن فيهم من يتراشق مع أهله وشعبه تحت عنوان الحرص على السيادة، من أن سقوط القضية الفلسطينية بيد العدو سوف يؤدي إلى سقوط كل الجدر أمامه، وهو ما سيشجعه على استباحة بقايا السيادة العربية والأمن القومي لحساب أمنه الذي يتجاوز المحيط والخليج.
وليس بعيدا من فلسطين، تبرز مأساة العراقيين الذين أرادهم الاحتلال من جهة، وجماعات القتل والإجرام والوحشية من جهة أخرى، أن يكونوا الحطب لمشاريع التمزيق التي تطيل أمد الاحتلال، وتحرك دفة الانتخابات القادمة بما يتناسب مع طموحات المحاور والقوى المعادية للأمّة، والساعية لإغراقها ببحار من الدماء، عبر التفجيرات الحاقدة التي تناسى منتجوها الاحتلالَ، وصوبوا نيرانهم القاتلة باتجاه المدنيين والأبرياء من شعبهم وأهلهم.
إننا ننبه من أن العراق يمثل المحطة الثانية من محطات الضغط بعد فلسطين المحتلة، ويُراد له أن يكون ساحة الاختبار لمشاريع دولية وإقليمية لم تكتمل صورتها، ولم تخبُ نيرانها. وعلى العراقيين بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم أن يتوحدوا لرفض هذه الخطط والمشاريع التي يوضع فيها الشعب بين خيارين أحلاهما مرّ: إما أن يخضع لشروط الاحتلال قبل الانسحاب، أو أن يربط العجلة السياسية والانتخابية بقطار الاحتلال ومن يركبه في طول المنطقة وعرضها! وقد كان خيار الشعب العراقي التوحد في خط العزة والكرامة والسيادة، ولا نعتقد أنه سيتنازل عنه لحساب الاحتلال وزمرته.
أما لبنان، فقد دخل في نوع جديد من الاختبارات قبل أيام، تمثل بكارثة الطائرة التي وحدت اللبنانيين في المأساة والآلام، وفي التفاعل مع العائلات المفجوعة الذي قدم صورة حية عن هذا الشعب الذي لاحقته قوى الاحتلال والعدوان، وطاردته الحروب والأزمات الاقتصادية والكوارث الكبرى، ولكنه بقي صامدا متماسكا، حتى في اللحظات التي فجع فيها بأعز أبنائه وأبرز كوادره وطاقاته.
إننا نقول للمسئولين: إن هذه الكارثة التي استطاعت أن تجمعكم، وأن تحشد حركة الدولة كلها في ميدان واحد، تمثل رسالة إليكم لكي تعملوا جميعا لحساب هذا الشعب، عبر الاندفاع بخطوات عملية تؤسس لقيام الدولة القوية العادلة التي تحتضن أبناءها وطاقاتها، فلا ترمي بهم في عرض البحر، أو تجعلهم فريسة للقدر في رحلة العذاب المستمرة بحثا عن لقمة العيش، وصناعة المستقبل المجبول بعرق الكرامة المسفوح على جباهٍ أعياها الجهد والجهاد، وأذوى الموتُ بهاءها وعطاءها.
إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"العدد 2703 - الجمعة 29 يناير 2010م الموافق 14 صفر 1431هـ
سماحة السيّد ........ عفواً
اذا كانت اسرائيل خنجراً في خاصرة الوطن العربي وخندقاً متقدماً للاستعمار ووريداً تبث السموم من خلاله فيه فأن اغلب حكام العرب وللأسف خناجر في قلب الامه وخنادق متقدمه للأستعمار وشرايين لبث سمومه في اوطانهم !!! ولكن كل سيدفع ما اقترضه او ( اقترفه ) ولو بعد حين .
جعفر عطيه .