من السهل جدا احتواء التلوث البيئي والسيطرة عليه سواء الناتج من البشر أو من الطبيعة إذا كان غير مباشر، حيث يعرّف التلوث البيئي هو وجود مواد ملوثة أو سامة تغير في الأنظمة البيئية سواء تغير كمي أو كيفي ما يؤثر على صحة الإنسان والكائنات الحية الأخرى، وهذا التلوث ممكن الحد منه أو السيطرة عليه إما بالمراقبة ووضع الحلول المناسبة لوقف هذا التلوث كزراعة المسطحات الخضراء بالنباتات والأشجار ووضع فلترات على المصانع وجميع الأجهزة والآلات وعوادم السيارات التي تبعث الغازات أو وضع قوانين واشتراطات بيئية رادعة تتمثل في غرامات كبيرة على جميع المسببين للتلوث البيئي.
ولكن سوف نركز هنا على التلوث الفكري الذي يعتبر أشد خطرا وأعظم فتكا بالإنسانية، حيث انه ينخر ببنية المجتمع ومن الصعوبة جدا السيطرة عليه أو احتواؤه والذي يعبر عنه بالتلوث البشري المباشر وهو ينقسم الى قسمين:
أولا: يقوم صاحب التلوث الفكري بتلويث بيئة المجتمع بدس السموم ونشر الآفات من خلال إعطاء صورة غير حقيقية للعقلاء وأصحاب القرار كما أن الملوث فكريا يسهم في تدمير البنى التحتية للمجتمع عن طريق ما يبثه من سموم في جسد المجتمع المترابط وذلك بقصد تدمير أفكارهم والعبث بعقولهم؛ ما يؤدي إلى هدم العلاقات الطبيعية والطيبة بين أفراد المجتمع المترابط، ويترتب على ذلك مشاكل معقدة يصعب حلها بين العائلة والقبيلة والمجتمع بشكل عام.
عموما صاحب التلوث الفكري قد لا يعرف مدى خطورة تصرفاته بتلوث البيئة والمجتمع بأفكاره وتصرفاته غير المسئولة التي ينتج عنها أضرار جسيمة على المدى البعيد.
ثانيا: التلوث الفكري غير المسئول الناتج عن حرق الغابات وجرف الأراضي وقطع الأشجار والنباتات أو بدفن البحار والأنهار من أجل الاستيلاء على الأراضي وثروات الناس؛ ما يسبب شرخا وغبنا وكراهية بين أفراد المجتمع وذلك في سبيل مصلحته الشخصية الضيقة والأنانية المفرطة، وكل هذا التصرف من قبل هذا الإنسان الجشع والمتلوث فكريا يطلق عليه مرض «التلوث الفكري».
وحيث إن هذا الإنسان المصاب بهذا المرض لا يهتم بما يترتب على ذلك من تصرفاته على الكائنات الحية الأخرى، فكل ما يهمه هو جمع المال غير المشروع والثروات غير الطبيعية وكل هذا ناتج عن جشعه المقيت، وفي حقيقة الأمر فهو يؤثر في دورة الحياة لكل الكائنات الحية والسلاسل الغذائية المترابطة.
فعلى سبيل المثال عند قطع الأشجار والنباتات التي تمتص الغازات السامة وحرقها يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على صحة أخيه الإنسان ويعمل خللا بدورة حياة الكائنات الحية الأخرى وذلك بسبب انبعاث هذه الغازات السامة إلى طبقات الجو ومنها ما يأتي:
(أول وثاني أكسيد الكربون CO1 - CO2 ) و(أول وثاني أكسيد النتروجين NO2 - NO1) و(ثاني أكسيد الكبريت SO2 والهيدركربونات العطرية CnHn ... الخ)
وهذه الغازات المسبب الرئيسي لتلوث الهواء الجوي أو ما يعرف بمرض (القاتل الصامت) وهذا ما يظهر جليا في انتشار الأمراض المزمنة والغريبة في وقتنا الحاضر والمتمثلة في أمراض الضغط والسكر وفقر الدم المنجلي والالتهابات الجلدية والرئوية المختلفة.
كذلك عملية دفن البحار تقضي على كثير من الكائنات الحية التي تعيش فيها والتي بنقصها يؤثر في نقص غذاء الإنسان والحيوانات المائية الأخرى كما يؤثر أيضا على نظام السلسلة الغذائية.
ختاما، التلوث الفكري لا يمكن السيطرة عليه، وخاصة في ظل قوانين لا تردع وفي ظل نقص في بعض مواد القانون وإن وجدت فهي لا تفعل في بلداننا العربية كما يذكر خبراء البيئة بالشكل المطلوب على جميع الناس، وفي ظل أناس مصابين بهذا المرض المستشري (التلوث الفكري) يكون القضاء عليه في غاية الصعوبة ولكن يمكننا الحد منه إذا تكاتفت الجهود وعزمنا على تطبيق هذه القوانين وتطويرها بشرط أن تكون هذه القوانين صارمة ورادعة ومفعلة أيضا على جميع الناس من غير استثناءات.
إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"العدد 2703 - الجمعة 29 يناير 2010م الموافق 14 صفر 1431هـ
شكرا
شكرا جدا
موضوع مهم
بس وين اللي يهتم