العدد 2703 - الجمعة 29 يناير 2010م الموافق 14 صفر 1431هـ

بلير ينفي مشاركته في «صفقة سرية» مع بوش لاجتياح العراق

قال إن أحداث11 سبتمبر «غيرت كل شيء».... في شهادته أمام لجنة التحقيق في الحرب

أكد رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير أمس (الجمعة) في شهادته التي طال انتظارها أمام لجنة التحقيق في مشاركة بريطانيا في الحرب على العراق في 2003، إن دافعه لم يكن تغيير النظام العراقي.

وتظاهر المئات خارج قاعة الجلسة مطالبين بمحاكمة بلير على ارتكابه «جرائم حرب» في العراق.

وأكد بلير أمام اللجنة التي يترأسها جون شيلكوت أنه قرر المشاركة في الحرب بسبب خرق الرئيس العراقي السابق صدام حسين لقرارات الأمم المتحدة، وليس بدافع تغيير النظام.

وجوابا على سؤال بشأن ما أدلى به بلير في مقابلة مع «بي بي سي» في ديسمبر/كانون الأول، نفى أن يكون تحدث في تلك المقابلة عن «تغيير النظام». وأثارت المقابلة جدلا واسعا بشأن الأهداف الحقيقية لمشاركة بريطانيا في هذه الحرب إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية.

وقال «لم استخدم عبارة «تغيير النظام» في تلك المقابلة، ولم تكن لدي أية نية لتغيير المبرر الأساسي» للحرب.

وأضاف «كل ما قلته أنه لم يكن ممكنا وصف طبيعة التهديد بالطريقة نفسها لو كنا نعلم وقتها ما نعلمه الآن»، وهو أنه لم يتم العثور على أسلحة دمار شامل في العراق.

وأكد أن تلك المقابلة لم تظهر «أي تغيير في الموقف (...) الموقف بني على فحوى قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل» التي اتهم العراق بخرقها، وهو ما شرع الحرب برأيه. وقال «كانت هذه هي الحجة».

وفي المقابلة المشار إليها، سئل بلير إن كان سيقحم بلاده في الحرب في مارس/آذار 2003 لو كان يعلم أن صدام حسين لا يملك أسلحة دمار شامل، فأجاب «كنت سأستمر في الاعتقاد أن الإطاحة به أمر صحيح. من الواضح إننا كنا سنستخدم ونطور حججا مختلفة بشأن طبيعة التهديد».

واستهل بلير شهادته في الساعة 9,30 بالحديث عن نظام صدام حسين بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول.

وقال «بعد تلك المرحلة، كان رأيي أنه لا يمكننا المخاطرة في هذه المسائل». وأضاف «قيل لنا إن هؤلاء الأشخاص سيستخدمون الأسلحة الكيماوية أو الجرثومية أو النووية إذا حصلوا عليها (...) وهذا غير كل تقديراتنا للتهديدات التي تشكلها دول مثل العراق وإيران وليبيا».

واعتبر أن نظام صدام حسين بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول «لم يفعل شيئا جديدا، لكن مفهومنا للخطر تغير». وقال «ما كنت سأهاجم العراق لو لم أكن مقتنعا بصحة ذلك».

ونفى بلير أن يكون عقد اتفاقا «سريا» في أبريل/ نيسان 2002 مع الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الذي استضافه في مزرعته، وأكد أن كيفية مواجهة التهديد العراقي كانت «مفتوحة» للنقاش.

وكان شهود تحدثوا للجنة التحقيق عن وعد قطعه بلير على بوش في ذاك التاريخ، قبل 11 شهرا على اندلاع الحرب، بمساندة الولايات المتحدة عسكريا، إلا أن بلير نفى وجود أي اتفاق سري، وأكد أنه وعد بوش فقط بأن يكون «إلى جانبه» في حال فشل الجهود الدبلوماسية.

وقال بلير «ما كنت أقوله - ولم أقل ذلك في السر، كنت أقوله في العلن - إننا: سنكون معكم في مواجهة هذا التهديد ولإبعاده». ولكن «الطريقة التي ينبغي من خلالها معالجة هذه المسألة كانت مفتوحة» للنقاش.

وعندما سأله أعضاء اللجنة عما فهمه بوش من لقائهما في مزرعته في كروفورد، قال بلير «أعتقد أن ما فهمه هو بالضبط ما كان ينبغي أن يفهمه وهو أنه في حال تقرر العمل العسكري في غياب أي وسيلة للحل الدبلوماسي، فسنكون معه».

وأضاف «الواقع أن القوة هي دائما خيار (...) ما تغير بعد (اعتداءات) 11 سبتمبر، هو أنه في حال الضرورة وإن لم يكن من سبيل آخر لإبعاد التهديد، سيتعين علينا قلب نظام صدام حسين».

ووافق بلير بأن المملكة المتحدة كانت تقر بعدم وجود صلة بين صدام حسين وشبكة «القاعدة»، لكنه أكد أنه كان «واثقا تماما» من أن الغرب كان سيتحمل التبعات لو أتيح لصدام حسين مواصلة برنامج أسلحة الدمار الشامل.

وأمام قاعة الجلسة في وسط لندن، تظاهر المئات منذ الصباح وقد حملوا، تحت أنظار مئة شرطي، لافتات كتب عليها عبارة «بلاير»، في تلاعب بالألفاظ بين اسم بلير وكلمة كذاب (لاير) بالانجليزية.

ونظم عدد من المتظاهرين مسيرة لطخوا فيها أيديهم باللون الأحمر ولبسوا أقنعة تشبه وجه بلير، وحملوا نعشا كتب عليه «ثمن الدم».

وفيما كان بلير يدخل مركز الملكة اليزابيت الثانية للمؤتمرات من باب خلفي تجنبا للمتظاهرين، ردد عدد من هؤلاء «طوني بلير أين أنت، نريد أن نرميك بحذاء!»، و»مجرم حرب»، وفقا لوسائل إعلام بريطانية.

ودعت لهذه التظاهرات جماعات السلام، وشارك فيها أفراد عائلات وأقارب الجنود البريطانيين الـ179 الذين قتلوا في العراق.

وقال ريغ كيس والد توماس الذي قتل في العراق في 2004، لوكالة «فرانس برس» «إنه يوم ننتظره منذ زمن طويل، أريد أن أسمع ماذا لديه ليقول».

وأضاف «على طوني بلير أن يفسر لنا لماذا ضلل البرلمان، لماذا تغيرت المعلومات في الملف».

وتعمل لجنة التحقيق على التحقق من إمكانية أن يكون بلير تلاعب أو بالغ في المعلومات التي تحدثت عن امتلاك صدام حسين أسلحة دمار شامل.

من جانبه قال رئيس (ائتلاف أوقفوا الحرب) اندرو موراي السؤال الحقيقي الذي يحتاج طوني بلير للإجابة عليه في النهاية سيكون في لاهاي وأمام محكمة جرائم حرب «إنه ممثل بارع لكنني أعتقد أن معظم الناس يفهمون السيناريو منذ وقت طويل».

ولن يؤثر مثول بلير أمام اللجنة على تركته الشخصية فحسب بل يحتمل أيضا أن يضر بحكومة حزب العمال التي يقودها خلفه براون والذي كان وزيرا للمالية خلال الحرب.

ويخشى بعض زعماء حزب العمال من أن يثير التحقيق المشاعر القوية بشأن القضية بين الناخبين من جديد ما يضر بالدعم للحزب الذي يجيء متأخرا عن المحافظين في استطلاعات الرأي قبل انتخابات تجرى بحلول يونيو/ حزيران.

وقال المعلق السياسي وكاتب السيرة الشخصية لبلير انطوني سيلدون «إنه يوم هام بالنسبة له وللجماهير البريطانية ولسلطة بريطانيا المعنوية في العالم... هذا يوم هائل يتجاوزه هو وسمعته بكثير».

العدد 2703 - الجمعة 29 يناير 2010م الموافق 14 صفر 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً