تمضي الأيام بأسرع مما قد يتوقعها البعض منا، ويقترب موعد انتخابات 2010 على نحو قد يباغت ذلك البعض الذي يصر على إرجاء الأمور حتى لحظاتها الأخيرة.
ليس هناك من فائدة تجنى عندما يقف ذلك البعض في ساحة المواجهة يكيلون الاتهامات لبعضهم البعض. والمقصود بهذا البعض هي «الكتلة الوطنية الديمقراطية»، بما تشمله من قوى منظمة، وفي القلب منها الجمعيات الثلاث: التجمع القومي، المنبر التقدمي، وجمعية العمل الوطني الديمقراطي «وعد»، وأخرى فردية من شخصيات وطنية ذات تاريخ نضالي بحوزتها تجربة سياسية غنية، ولديها الرغبة في العطاء، ضمن هذه الكتلة، وفي نطاق حركتها السياسية.
الدافع وراء هذه المقدمة المشوبة بمسحة من التشاؤم، وتتخللها نكهة من التحدي، هو حالة الفتور التي باتت تسود العلاقات القائمة بين فصائل التيار الوطني الديمقراطي المختلفة، والتي كان المواطن يتوقع شيئا مخالفا لها بعد القرار الذي خرج به مؤتمر «وعد» الاستثنائي، والقاضي بالمشاركة في انتخابات 2010، بعد أن راهن البعض على مقاطعة «وعد» لها. ومن الطبيعي أن يكون هناك من يرى خلاف ذلك، بمعنى ليس هناك ما يدعو للاستعجال، وأن الأمور لابد وان تأخذ مداها الطبيعي الذي تحتاجه، كي تسير في مجراها الصحيح.
ليس القصد هنا الإشارة بأصابع الاتهام نحو هذه الجمعية أو تبرئة ذمة الأخرى، فما يطمح المواطن في الوصول له هو رؤية مختلف قوى التيار تتحرك في اتجاه واحد ليس هناك آخر سواه والذي هو التنسيق وتوحيد الصفوف لخوض الانتخابات المقبلة تحت راية واحدة، على تلك الجمعيات تحديد صيغتها التنظيمية والسياسية.
ولكي نضع الأمور في نصابها، ونبتعد عن أي شكل من أشكال التجريد، أو التفاؤل غير الواقعي، وغير المبرر في آن، لابد لنا من الحديث بشكل واضح، ونتوجه مباشرة إلى «وعد» والمنبر الديمقراطي، فعلى عاتقهما، دون سواهما، تقع مسئولية القيام بهذه المهمة. فما لم توقف هاتان الجمعيتان خلافاتهما الموروثة من عهود المرحلة السابقة، ستجد جميع قوى هذا التيار نفسها، بما فيها الجمعيتان، تدور في حلقة مفرغة.
والمستفيد الأكبر من وراء هذا الدوران المنهك للقوى والمشتت للجهود، هي تلك القوى التي تتحقق أمنياتها عندما ترى مقاعد البرلمان خالية من أي من عناصر التيار الوطني الديمقراطي. مصلحة تلك القوى المباشرة هي استردادها بتلك المقاعد، وتغييب الآخرين عنها.
ولكي نكون أكثر تحديدا، نطلب من هاتين الجمعيتين، دون التفريط بمسئولتهما الأخرى، أو الإخلال بأوليات برامجهما الذاتية، الجلوس إلى طاولة الحوار، والبدء بشكل جدي في معالجة حالة السكون التي نتحدث عنها.
والجلوس إلى طاولة المفاوضات، قد لا يعني الاتفاق، بل لربما تظهر بعض عناصر الخلاف، التي نأمل أن لا تطفو على السطح، وان يعمل الطرفان على تجميدها ولو بشكل مرحلي، وتحويلها إلى درجات دنيا في سلم الأولويات بدلا من تبؤها مركز الصدارة. لقد بات الجلوس إلى تلك الطاولة هدفا في حد ذاته بغض النظر عما قد يتم التوصل له.
هناك أكثر من سيناريو، وربما أكثر من طريق، لكنها جميعها تفقد أهميتها أمام طريق واحد، لم يعد المواطن قادرا على رؤية، أو القبول بسواه، وهو جلوس الجمعيتين، وبروح متسامحة، بعيدة عن أية موروثات سياسية قديمة، يحكم سيرها قرار مسبق، من أجل التوصل إلى رؤية واحدة هي تقوم على تحديد شكل من أشكال العمل المشترك بين تلك القوى.
ليس المجال هنا طرح الصيغة المناسبة، أو اقتراحها قسرا على من يفترض أن يقوم بها، فالوصول إليها هو من صلب مهمات ذلك الحوار الذي نأمل أن يرى النور بين تلك الجمعيات، فأبغض ما يمكن أن يصطدم به المواطن المؤيد لذلك التيار، هو استمرار الحالة التي يعاني منها هو اليوم، بغض النظر عن الأسباب التي تسوقها هذه الجمعية أو التبريرات التي تتشبث بها جمعية أخرى.
المطلوب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، هو أن تلقي الجمعيتان، «وعد»، والمنبر التقدمي، بخلافاتهما الموروثة وراءهما والنظر، بصدق، نحو الأمام من أجل وضع أسس علاقة راسخة متينة تؤسس لعلاقات استراتيجية مستقبلية قادرة على ضمان تشييد بنيان قوي قادر على قيادة ممثلي التيار نحو قبة البرلمان أولا، وحماية التيار من سهام كل القوى المضادة له، ليس اليوم فحسب، ولكن في المستقبل أيضا.
نؤكد الدعوة للجلوس إلى طاولة الحوار، لأننا ندرك مقدما إن هناك العديد الألغام التي ينبغي إزالتها من طريق العمل الوطني الديمقراطي المشترك، والكثير من القنابل الموقوتة التي لابد من نزع فتيل اشتعالها كي لا تنفجر وتدمر الجميع.
أجل فهناك الكثير من البنود التي بحاجة إلى المناقشة، قبل التوصل إلى الصيغة النهائية.
لكن نعود مرة أخرى للسؤال ذاته على من تقع مسئولية القيام بذلك؟ ولا نجد أمامنا سوى إجابة واحدة وهي الجمعيتان. وإن كان لأي منهما أن تدخل تاريخ العمل السياسي البحريني من أوسع أبوابه، وفي هذه المرحلة بالذات، فهي التي ستضع جانبا كل عناصر الخلاف، وتضع في يدها كل عوامل الوئام وتتقدم الصفوف، وتدعو لهذا اللقاء الذي لم يعد هناك أي سبب يدعو لتأجيله.
وإلى أن يتم ذلك، لا يملك المواطن إلا التمسك بهذا التساؤل: من يتحمل مسئولية استمرار هذا التمزق، وذاك التشتت؟
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2701 - الأربعاء 27 يناير 2010م الموافق 12 صفر 1431هـ
الواقع إن علمنا أن بعض المواطنون ليسوا أهلا لتمثيل إرادتهم لتعلمهم فن "الطرارة "
الواقع إن علمنا أن بعض المواطنون ليسوا أهلا لتمثيل إرادتهم لتعلمهم فن "الطرارة " وإن قارنت عملهم وإنتاجيتهم فهو متردي ولم يقدموا شىء للوطن بل البعض يوصف بالنفعيين بشراهه ( مع تحيات إبراهيم بوعمر الصنقيحي)