تعرف جمهور القراء على حمد عبدالله مخرجا وثائقيا عبر تصديه لإخراج فيلم «دموع على الجزيرة» الفيلم الذي يوثق لتاريخ الكوارث التي مرت بها البحرين، عن كتاب الدكتور عبد العزيز حمزة ولكن حمد عبد الله هذه المرة يفاجئنا بصورة أخرى، هي صورة الباحث وذلك في موضوع دقيق هو بحث عن شخصية محددة تحتاج للوصول إليها اجتاز معامع تاريخية طويلة، وصعوبات لعل أولها اللغة، وليس آخرها ندرة المراجع والمصادر، ولعل اشتغاله بإخراج مادة تاريخية أدخله في أتونها الدكتور عبد العزيز حمزة أوقد فيه ولع البحث في التاريخ والانشغال بشخوصه ومعاركه.
فقد اصدر حمد عبد الله مؤخرا باكورة أعماله التأريخية بعنوان (إيتوري ميوتي أسطورة إيطاليا الفاشية) والذي هو عبارة عن بحث شامل لسيرة حياة قائد السرب الإيطالي الذي قصف مصافي نفط البحرين في الحرب العالمية الثانية، إذ يصادف هذا العام حلول الذكرى السبعينية لقصف مصافي النفط من قبل القوات الإيطالية بقيادة إيتوري ميوتي،
احتوى متن الكتاب على 164 صفحة من الحجم المتوسط مرفق بالصور، وهو عبارة عن أول تجربة من نوعها لباحث بحريني يتطرق فيها وبالتفصيل إلى تاريخ حياة إيتوري ميوتي مستعينا وبشكل رئيسي بمصادر إيطالية.
وعن فكرة الكتاب أشار حمد إلى أن « فكرة الإقدام على هذا العمل جاءت من خلال العمل مع الدكتور عبد العزيز حمزة في إخراج فيلمه الذي حمل عنوان «دموع على جزيرة» والذي هو عبارة عن تأريخ لأبرز الكوارث والأحداث التي شهدتها مملكة البحرين، والتي كان من ضمنها حادثة قصف مصافي نفط البحرين، وقد لفت نظر الكاتب البحريني عدم تدوين تاريخ هذا القائد الإيطالي من قبل من قبل المؤرخين العرب، ومن هنا عزم على الإطلاع وقراءة تاريخ إيتوري ميوتي، حتى يبين كما يشير لشعب البحرين حياة شخصية ارتبط اسمها بتاريخ البحرين في الحرب العالمية الثانية.
وقد قام الباحث بتقسيم الكتاب إلى عدة محطات حسب أبرز محطات حياة إيتوري ميوتي منذ نشأته في مدينة رافينا الإيطالية والتحاقه خفية بالجيش الإيطالي في الحرب العالمية الأولى إلى انضمامه إلى الميليشيا الفاشية، ومن ثم مشاركته في الحرب الأثيوبية والحرب الأهلية الإسبانية، وحتى دخول إيطاليا الحرب العالمية الثانية بجانب دول المحور.
وأضاف عبد الله أنه « أولى اهتماما خاصا في كتابه بحادثة قصف مصافي نفط البحرين من قبل إيتوري ميوتي وفرقته العسكرية كونها قضية تخص تاريخ البحرين الحديث، فقد خصص الكاتب لها فصلا كاملا ومبحثا خاصا بها»
وأشار إلى أنه تطرق إلى نهاية إيتوري ميوتي والتي أتت بعيد الانقلاب العسكري على يد الزعيم الفاشي بينيتو موسوليني، وكما أرخ الكاتب لحياة إيتوري ميوتي فقد أرخ في المقابل أيضا لتاريخ إيطاليا أوائل القرن العشرين والتي خيم عليها شبح الفاشية والذي جلب الويلات على الإيطاليين والعالم بأسره.
وعن أبرز الصعوبات التي واجهته أثناء بحثه عن حياة إيتوري ميوتي، ذكر الكاتب حمد عبدالله صعوبة حصوله على مراجع باللغتين العربية والإنجليزية مما اضطره إلى البحث في تاريخ حياة القائد الإيطالي من خلال المراجع والمصادر الإيطالية، حيث استعان الكاتب بمترجم ساعده على ترجمة المصادر إلى اللغة العربية وقراءتها.
وقد استعان الكاتب بمؤلفات لمؤرخين معروفين في الساحة الثقافية الإيطالية ممن قاموا بكتابة تأريخ حياة إيتوري ميوتي مثل الكاتب: «أريغو بيتاكوو» و»دوميزيا كارافولي « ، و»غوستافو بوتشيني باديليوني»، و»رومولو ديمارين».
يذكر أن هذه هي أول تجربة لكاتب بحريني يورد للقارئ البحريني حياة هذا القائد الإيطالي مرتكزا على مصادر أجنبية وخاصة إيطالية.
وعن أكثر شيء لفت انتباهه أشار حمد عبد الله إلى أنه خلال بحثه في شخصية إيتوري ميوتي وجده يجمع النقائض فهو شخصية مزجت بين البطولة والشهامة والوحشية والعنف في آن واحد.
وعن أصداء تلقي القارئ البحريني للكتاب أشار حمد عبد الله أن «إيتوري ميوتي» قد أثار انتباه الأوساط الثقافية في البحرين حيث أنه تطرق لشخصية ارتبط اسمها باسم مملكة البحرين في القرن الماضي ولم يقم أحد بتدوينها من قبل. وأضاف وقد رحبت المكتبات البحرينية بالكتاب كونه عملا فريدا ومميزا من خلال حرصهم على تشجيع الأعمال الوطنية والكاتب البحريني.
يعمل الكاتب حمد عبد الله في مجال الإنتاج الإعلامي حيث يدير مؤسسة إعلامية باسم الوعد للإنتاج الفني انتجت ومنذ تأسيسها في الأعوام الثمانية السابقة عدة أفلام وثائقية وتعريفية بالإضافة إلى إنتاجات إعلانية للعديد من الشركات والمؤسسات المحلية منها والخاصة محليا وإقليميا، كما وأخرج عدة أعمال من أبرزها مؤخرا الفيلم الوثائقي «دموع على جزيرة» و»طبعة البلاد القديم» وكلاهما للدكتور عبد العزيز حمزة.
وعن أعماله البحثية القادمة ذكر عبد الله أنه في صدد البحث والعمل على عدة موضوعات تاريخية عالمية من ضمنها تأريخ سكك حديد الحجاز منذ نشأتها والتي كانت حلما يراود الكثير من المسلمين فأنجزت واستمرت لفترة محددة ثم توقفت عن العمل، وهناك دعوات لإعادة إنشائها ولذلك تحتاج لدراسة وبحث كيف كانت ولماذا توقفت» .
العدد 2701 - الأربعاء 27 يناير 2010م الموافق 12 صفر 1431هـ