بمشاركة ما يزيد عن 2،500 شركة ومؤسسة طبية محلية وإقليمية وعالمية، تمثل 70 دولة عرضت آخر منتجاتها وخدماتها في مختلف المجالات الطبية والرعاية الصحية والأنظمة التقنية المرتبطة بها، افتتح نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يوم الاثنين الموافق 25 يناير/ كانون الثاني 2010 معرض الصحة العربي 2010، في المركز الدولي للمعارض بمدينة دبي، الذي تعده المؤسسات ذات العلاقة «أضخم حدث من نوعه لقطاع الرعاية الصحية في الشرق الأوسط».
ومن المتوقع، كما تقول شركة آي آي آر الشرق الأوسط، وهي الجهة المنظمة للمعرض «أن يستقطب المعرض أكثر من 55 ألف من الرواد والخبراء والأطباء والأكاديميين وغيرهم من المتخصصين في قطاع الرعاية الصحية من المنطقة وبقية دول العالم».
ليس هذا فحسب، بل يعتبر المؤتمر المنعقد على هامش المعرض من أكبر المنتديات في المنطقة في المجال الصحي، كما تقول الشركة المنظمة، حيث «يضم هذا العام 18 مؤتمرا معتمدا يحاضر فيها 500 متحدث دولي بارز بمن فيهم خبراء وأطباء وباحثون أكاديميون حول العديد من المواضيع والتخصصات ذات الصلة بقطاع الطب والرعاية الصحية وآخر التقنيات والممارسات المهنية ذات الصلة، ويتوقع أن يحضرها أكثر من 5,500 من المتخصصين في قطاع الرعاية الصحية من مختلف أنحاء المنطقة والعالم».
يثير هذا المعرض في ذهن زائره الكثير من الأفكار والخواطر، تتحول إلى هموم عندما يكون ذلك الزائر عربيا. ويمكن إيجاز أكثر تلك الهموم حضورا في النقاط الآتية:
1. الحسرة والتشاؤم، من ضآلة حيز وضمور حجم الحضور العربي. فإذا تجاوزنا الهيئات الصحية ووزارات الصحة، وبعض المستشفيات مثل المستشفى السعودي - الألماني، يصعب الحديث عن مشاركة عربية منتجة أو مطورة في مثل هذه الفعالية، ذلك لكون الغالبية العظمى منها تحتل خانات الاستهلاك، وليس الإنتاج. حتى مصر التي شاركت بنحو ثلاثين شركة متنوعة المنتجات والخدمات، يبدو حضورها قزما أمام دولة ناشئة مثل كوريا الجنوبية وتايوان التي مثلت كل منهما على حدة 100 شركة.
وقد تحاشينا المقارنة مع دول كبيرة ومتقدمة مثل ألمانيا، التي سجلت مشاركتها رقما قياسيا هذا العام، بحضور تجاوز الـ 400 شركة، جاءت بعدها الصين التي وصل حضورها إلى 300 شركة.
هذا من حيث الكم، أما من حيث الكيف، فالصورة أكثر بشاعة، ذلك أنه باستثناء شركة أو اثنتين مصريتين تخصصتا في إنتاج معدات طبية، أو تطوير بعض البرمجيات في القطاع، تكتظ أجنحة الرواق المصري بشركات متخصصة في صناعة الأدوية أو المعدات الأولية التي فقدت مغرياتها الربحية ناهيك عن علاقتها بمؤسسات البحث والتطوير، التي تتسابق وبوتائر سريعة لتقديم علاجات متطورة تعتمد على تقنيات الاتصالات والمعلومات.
2. الانبهار والتعجب، من مدى التقدم العلمي في القطاع الطبي، وعلى وجه الخصوص في مجال الأجهزة والمعدات، دع عنك التقنيات والبرمجيات المتخصصة، وبدرجة عميقة في الخدمات الطبية. يبدأ ذلك بسيارات الإسعاف، وأبرزها السويدية الصنع، التي أصبحت اليوم أشبه بالمستشفى المتحرك، ليس من حيث التجهيز فحسب، ولكن مما وصلت إليه أجهزة الاتصالات التي يوفرها، والتي تبيح، مجازيا، إجراء عمليات جراحية معقدة من بُعد، دون الحاجة إلى الحضور الجسدي المباشر للفريق الطبي المعني.
لقد بلغت الأجهزة المستخدمة درجة متناهية في الصغر ممزوجة بمستوى عال من الكفاءة أوصلت سيارات الإسعاف، بشكل أو بآخر إلى شكل متقدم من أشكال الطب عن بُعد (Tele Medicine) الغاية في التطور. وهو ما يوفر للمصاب عناية متقدمة تكفي لإنقاذ حياته في الفترة ما بين وقوع الإصابة والوصول إلى المستشفى.
3. المزاوجة والتداخل، حيث تلتقط عين الزائر المتجول في أروقة المعرض وبين أجنحة تلك الأروقة، ولو على نحو سريع، العديد من أسماء شركات تقنية المعلومات مثل: سوني، توشيبا، أغفا، سيمنز، بل وحتى مايكروسوفت. كل واحدة منها تعرض بتميز، وبتخصص شديد، حزمة برمجياتها، مثل مايكروسوفت أو سيمنز، أو أجهزتها التصويرية أو الطباعية مثل أغفا.
هنا يدرك الزائر هذا الزواج الذي يقترب من الكاثوليكية، الذي لا يفرق بين الزوجين سوى الموت، بين التكنولوجيا والخدمات الصحية. فلم يعد بالإمكان الحديث عن خدمات صحية متطورة معزولة عن تقنيات معلومات واتصالات هي الأخرى مطالبة بأن تكون متطورة.
والعكس صحيح، إذ بات من الصعب الإشارة إلى تقنيات متطورة تسقط قطاع الخدمات الصحية من حساباتها، بشكل أو بآخر.
ولربما من المفيد هنا توجيه نظر المستثمر العربي، حيث تجتاح الأوساط المالية والاقتصادية، وعلى وجه الخصوص العاملة منها في دول مجلس التعاون، موجة من التشاؤم جراء الأزمة المالية التي تجتاح المنطقة، إلى مخالفة قطاع الخدمات والرعاية الصحية هذا الاتجاه، حيث تشير التوقعات التي أوردتها مصادر موثوقة ونقلها عنها مدير الرعاية الصحية للمعرض ديف بانثر إلى نمو «سوق الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون بنسبة 9 في المئة سنويا لتصل إلى ما بين 44 و55 مليار دولار بحلول العام 2020». ووفقا لتوقعات مدير قسم علوم الحياة في شركة آي آي آر الشرق الأوسط سايمن بيج فإن «أرقام الاستثمارات الحكومية في مشاريع الرعاية الصحية تصل حاليا إلى أكثر من 5 مليارات دولار، مقارنة مع نحو مليار دولار من القطاع الخاص».
الهموم التي تطارد الزائر العربي ترفع أمامه علامات استفهام كثيرة من نمط: إلى متى نُصرُّ على البقاء في خانة المستهلكين، ونرفض الانتقال إلى مقاعد المنتجين؟
متى سنتوقف عن تركيز الاستثمار العربي في قطاع العقارات الذي لا ينتج سوى المزيد من الأشجار الصماء في غابات الأسمنت الصامتة أو الساكنة، حتى بالمعنى الاستثماري، والاتجاه نحو قطاعات أخرى، واعدة ومجزية مثل الخدمات والرعاية الصحية؟
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2700 - الثلثاء 26 يناير 2010م الموافق 11 صفر 1431هـ
تكنولوجيا الاتصال في وزارة الصحة
فعلا..من الصعب فصل الخدماتي الصحية عن تكنولوجيا الاتصالات ويبدو ذلك جليا في وزارة الصحة التي تواجه مشكلات كثيرة بسبب تأخرها التقني وبدائية وسائل الاتصال وهو ما يؤثر على نقص الأدوية والأسرة وغيرها
أما عن إن القطاع الصحي مجزي فهو كذلك..ولا أدل من ذلك على إن أصحاب المستشفيات الخاصة والعيادات أصبحوا أثرى الأثرياء!