العدد 2697 - السبت 23 يناير 2010م الموافق 08 صفر 1431هـ

المعامير وضريبة صناعة النفط

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من الفعاليات التي أسفت كثيرا لعدم تمكني من حضورها الأسبوع الماضي بسبب ظروف العمل، الندوة البيئية التي احتضنتها جمعية «وعد» في أم الحصم، مساء الأربعاء الماضي. وفيها قدّمت وجهة نظر «أهلية» في التكلفة غير المرئية لصناعة النفط في مجتمع قروي صغير.

في الندوة، عرض فيلم وثائقي من إنتاج «اللجنة الأهلية لمكافحة التلوث في المعامير»، وهي لجنةٌ لن تجد لها مثيلا في أي قطر عربي أو خليجي معروف بصناعة بالنفط والبتروكيماويات. والسبب أننا نترك مشاكلنا تتفاقم حتى تعجز الدولة عن إيجاد حل لها، وحين ينتفض المجتمع المحلي بين فترة وأخرى تكون رقبته تحت حد السكين.

الفيلم مدته خمس دقائق ويحمل عنوان «المعامير أرض الموت»، ويحكي عن معاناة هذه القرية الواقعة على طرف الساحل الشرقي من الجزيرة الأم (البحرين) والتي ارتبط اسمها بالغازات السامة والملوثات، بعد أن استطاعت الصحافة المستقلة الجديدة أن تتناول هذا الموضوع المحرّم بعد عقودٍ من التكتم والتستر والإهمال.

المعامير عانت منذ بدايات اكتشاف النفط، وكان أول الضحايا البحر الذي كان مصدر الرزق للأهالي. ووجدت نفسها بعد عقودٍ محاصرة بين خطين متوازيين من صناعة النفط والبتروكيماويات، فضلا عن دخول مصانع الخرسانة على خط التلويث. ومع كل ذلك استمرت الجهات الرسمية في الدفاع عن هذه الوضعية البيئية الخاطئة، ما زاد من تفاقم المشكلات.

شركة النفط أنشأت «بندر الدار» ليس تعويضا عما فقدوه من البحر، بل لاستقبال بواخر النفط العملاقة، ففي سبيل ريّ النخيل يرتوي العشب. ولامتصاص سخط الأهالي أخذت بتقديم بعض براميل الدهان لسفنهم، وتسمية المدرسة التي أنشأتها بين العكر والنويدرات باسم مدرسة المعامير!

هذا من جانب التاريخ... أما من حيث الوقائع الحديثة، فيتذكر القارئ حادثة «غاز المعامير» قبل خمسة أعوام، والتي نتج عنها أكثر من 50 حالة من التسلخات الجلدية وحالات التقيؤ والاختناق، فضلا عن حدوث أربع حالات اجهاض في ليلة واحدة. هذه الوقائع التي يسردها بيئيو المعامير بالأرقام، حاولت وزيرة الصحة السابقة ندى حفاظ تفنيدها أمام البرلمان، بزعم انه لم تثبت أية صلة لهذه الحالات بتسرب الغازات السامة.

الأنكى من ذلك أن أحد الوزراء (لا يمكننا التصريح باسمه أو باسم وزارته إيثارا للسلامة والستر!) زار المنطقة بعد أيام من نشر التقارير الصحافية، وأعلن أيضا أمام البرلمان انه لم يشم أي رائحة للغاز! مع ان الكاتب وعشرات المواطنين شمّوا الغاز أثناء مشاركتهم في الفعاليات البيئية التي ينظمها الأهالي منذ خمس سنوات.

نفي وإنكار المسئولين للحادثة أوحى لبعض الأهالي بفكرة تأسيس فرقة «موسيقيون مستقلون»، وكانت أول مؤلفاتها أغنية «المعامير ارض الموت»، وتأسست «اللجنة الأهلية لمكافحة التلوث في المعامير» و»بيئيو المعامير» كرد فعل طبيعي، بعد فشل اللجنة البرلمانية التي شكلت في 2005 برئاسة نائب المنطقة آنذاك أحمد حسين (مدير الاوقاف الجعفرية حاليا)، لكنها ككثير من اللجان التي تصطدم بحائط صد حكومي قوي.

إذا كان للتصنيع الحديث كلفته في كل بلاد الدنيا، فإننا ندفع كلفته أضعافا. وإذا كنا لا نستطيع أن نلوم أنفسنا كثيرا بأثر رجعي بسبب الجهل البيئي، ووغياب التخطيط المستقبلي، فإن من الخطأ الذي لا يغتفر أن نستمر في مداراة الجرم إلى ما لا نهاية... فمعاناة المعامير لم تنته بعد

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2697 - السبت 23 يناير 2010م الموافق 08 صفر 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 1:08 م

      من المفترض ان يقام مصنع التكرير في الزلاق؟؟

      لمن لايدري توجد وثائق رسمية ومخطاطات معتمدة تفيد بان المصنع كان مكانة قرية الزلاق هذا الكلام في نهاية العشرنيات ولقد تم تغيير المكان ولين عرف السبب بطل العجب؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    • زائر 6 | 3:00 ص

      ليست المعامير وحدها

      ليست المعامير وحدها نعم هي المتضرر الكبر هذا صحيح وهي في فوهة البركان هذا صحيح ولكن ليس المعامير فقط وماذا عن القرى المجاورة التي تبعد عن المعامير امتار قليلة فهل هذة الامتار تقي هذه المناطق مثل العكر النويدرات ومنطقة سترة كل هذه المناطق متضررة 100 % ولكن المعامير اكثر نعم واننا ندعوا الجميع بأن يبحث الموضوع من كل جوانبه لكي نعطيه حقه فهذه مشكلة والكل متضرر

    • زائر 5 | 1:25 ص

      اعرضوا الفيلم

      ما دام ان الفليم طوله بس خمسة دقايق ليش ما تعرضه موقع الوسط وااله يثيبكم بعد على هادا الشء الجميل

    • زائر 4 | 12:20 ص

      كان الله معكم

      بصراحة مأساة إنسانية وقتل بطئ، انا مو من المعامير، لكنها قرية يرثى لها بحق أسوأ من نقص الخدمات هو التلوث الصحي الذي يضرك بلا وجود رابط بينك وبين السبب أي أنه غضبا عنك تتلوث ومو كيفك لأنك في المعامير

    • زائر 3 | 12:11 ص

      الوزير خشمه غير

      صباح الخير سيدنا ويش لك بالوزير ترى خشمه غير اخشومنا و لو كل الحاضرين يشمون شي ترى هو ما يشم سيره مدهون و خشمه بعد تبقيه يصرح و يقول و الله في ريحة غاز خل المعامير كلها تموت باللي فيها بس لا أحد ينطق كلمة حق يساند فيها هالمساكين و خل النسوان كلها تجهض أصلا التعداد السكاني في تزايد و الموارد محدودة زين تكفي الشعب المستورد من جهة و البواقيه من جهو أخرى و ترى حالات التسلخ و الجلدي و التقيؤ من لعانة أهل المعامير و حوامتهم عند المصانع لو قاعدين في بيوتهم ما صادهم شي.

    • زائر 2 | 11:52 م

      بو زهراء المعاميري

      يا سيد من قال في تلوث اصلا المعامير تتنفس اوكسجين نقي وايام الشتاء ينخلط مع الاوكسجين ميثنول حق امراض الربو ونزلات البرد والاشجار في كل مكان والبحر نظيف والماي ازرق والشوارع نظيفة وواسعة وماشاء الله المكاتب الحكومية مفتوحة طول ايام الاسبوع ماعدا الجمعة وتصدق المشروع الاسكاني شمل كل اهالي القرية وبناتنا بس يطلعون من البيت كم خطوه وهم بالمدرسة .. خلها على الله . انا مستعد استضيف اي وزير في بيتنا لمدة 3 ايام او يوم اذا هو مشغول وخل يحس بالمعاناة .

    • زائر 1 | 11:15 م

      لك يوم يا ظالم

      أيها المواطن البحريني، إن لم يعجبك ما يحدث فارجع لرحم أمك وسيتم استبدالك بموالين غيرك، وإن كنت تزعم بأن أمك هي الأرض وهي البحرين، فإن أرضك الأم هي موطئ قدم آدم على الأرض فابحث عنها واذهب إليها فإنها أمك الأصل إن كانت لك أم أصلاً، هل أنت عربي؟ هل لديك إحساس؟ هل أنت إنسان أساساً لكي تتشكى وتتذمر كأنك محسوب على جنس بني البشر؟ ألا ترى بأن البشر لهم بشرة بيضاء وأنت دون ذلك؟ صه أيها العبد واسكت ولا تطالب بشيء ليس لك، وعد حيث أتيت لرحم أمك إن كان لك أم أصلاً، خسئت
      لك يوم يا ظالم

اقرأ ايضاً