أخيرا... يبدو أن الأفارقة سيسبقون العرب في تشكيل الولايات المتحدة الإفريقية وانطلاق قطار الإصلاح... بينما تتعثر جامعة الدول العربية وتكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة.
القمة الإفريقية الأخيرة اختتمت قبل يومين في أديس أبابا، وناقشت عدة مواضيع، من أهمها اقتراح الرئيس معمر القذافي بشأن «حكومة الاتحاد»، بينما ناقشت الجامعة العربية في مؤتمرها الأخير عدة قضايا، من أهمها «نصرة غزة».
القمة الإفريقية حضرها رؤساء دول وحكومات 53 دولة، والقمة العربية حضرها ممثلو 22 دولة. الطرف الإفريقي ناقش اقتراح حكومة الاتحاد لمدة خمس ساعات ولم يتوصلوا إلى اتفاق بعد مناقشات شاقة في جلسة مغلقة، والطرف العربي ناقش غزّة ولم يتفقوا على رأي بعد مناقشات شاقة ومجادلات.
مراسل «فرانس برس» في العاصمة الإثيوبية قال إن صاحب الاقتراح (الرئيس القذافي) غادر المؤتمر عابسا -بحسب تعبيره- من دون الإدلاء بأي تصريح، على رغم انتخابه رئيسا جديدا للاتحاد الجديد. والتقارير الصحافية التالية كشفت أن عددا من قادة الدول الإفريقية أعربوا عن عدم رضاهم عنه، ووجهوا له انتقادات لاذعة.
ويبدو أن أشد هؤلاء المعارضين هو الرئيس الأوغندي يوري موسوفيني، الذي دعا إلى أن تمثل إفريقيا لجنة ثلاثية. وتزعم إحدى وكالات الأنباء المغرضة أن القادة الأفارقة صفّقوا بحرارة لموسوفيني، الذي عبر عن عدم ثقته بتعيين «زعيم الثورة وملك الملوك التقليديين لإفريقيا» كما قال.
يبدو -والله العالم- أن موسوفيني يحمل حقدا شخصيا على الزعيم الليبي، وربما تدخل فيها عقدة اللون والخلاف بين الشمال والجنوب! ومع ذلك لم ينشغل القذافي بالخلافات الصغيرة التي تقف في وجه طموحه الإفريقي، واستغل الفرصة التاريخية فأرسل تحيته للرئيس الأميركي الجديد بمناسبة انتصار كفاح الشعب الأسود على العنصرية، وقال «إن الله هو الذي يخلق اللون، واليوم أوباما ابن إفريقيا وابن كينيا، يفرض نفسه في الولايات المتحدة».
إلا أن هناك انتقادات أخرى من الجانب الشعبي في إفريقيا، وُجّهت للقذافي بسبب دعوته لاتخاذ ليبيا نموذجا للإصلاح، ومهاجمته التعددية الحزبية لأنها لا تناسب إفريقيا بسبب تركيبتها القبلية. واشتهر عنه مهاجمته الأنظمة الديمقراطية في العالم لأنها تعامل الشعوب مثل الحمير! وانصبت الانتقادات على أن الشعوب الإفريقية مازالت تكافح منذ عقود، من أجل غد ديمقراطي أفضل وإجراء انتخابات شعبية حرة ونزيهة، فضلا عن افتقار ليبيا أصلا إلى دستور حتى الآن.
الأفارقة انتخبوا القذافي رئيسا لمدة عام واحد فقط، فهم لا يريدون لزعيمٍ مهما كان محبوبا بينهم، أن يبقى رئيسا طوال الحياة، فذلك مخالفٌ لجوهر الديمقراطية!
إلا أن هناك تفسير آخر يطرحه بعض السيكلوبيولوجيين، من أن عددهم 53 رئيسا، ولأن الرئاسة دورية، فإن الكل متعطشٌ جدا لدخول التاريخ من بوابة التنصيب ملكا لملوك إفريقيا... فمن منهم يمتلك الصبر للانتظار في الطابور حتى يأتيه الدور؟ ولو قبل بمبدأ الانتظار فمن يضمن البقاء حيا خمسين عاما حتى يعتلي العرش؟
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2345 - الخميس 05 فبراير 2009م الموافق 09 صفر 1430هـ