تناقلت الصحف السعودية مؤخرا نبأ القرار الذي أصدرته محكمة بمنطقة «الجبيل»، شرقي المملكة السعودية، القاضي «بحبس طالبة مراهقة (13 عاما) لمدة شهرين وجلدها 90 جلدة، لتعديها بالضرب على مديرة المدرسة، التي قررت مصادرة هاتف محمول مزود بكاميرا من الطالبة، وفقا لما هو متبع في مختلف المدارس بالمملكة». وكما ورد في وسائل الإعلام المختلفة «فقد باغتت الطالبة مديرة المدرسة بضربها على رأسها بكوب زجاجي، مما أسفر عن وقوع الطالبة تحت طائلة القانون، في حين اختارت المديرة تنفيذ حكم الجلد داخل المدرسة، بدعوى التأديب».
ليست السعودية هي الدولة العربية الوحيدة التي تنفذ فيها أحكام الجلد بالسوط، فالكل يذكر ما جرى في السودان في يوليو/ تموز2009، للصحافية السودانية لبنى الحسين عندما كاد أن ينفذ بحقها «40 سوطا وتغريمها 100 دولار أميركي، بجرم ارتدائها «ملابس فاضحة»، قبل أن يمضي ثلاثة أسايبع على جلد عشر نساء أخريات للسبب نفسه.
وعلى المستوى ذاته، ليست الطالبة القاصر هي الوحيدة التي نالت مثل هذا النوع من العقاب، ففي أغسطس/ آب 2009، تناقلت أجهزة الإعلام حكم محكمة سعودية «بجلد امرأة سورية، في السبعينيات من عمرها، 40 جلدة، والسجن لمدة أربعة شهور، والإبعاد من البلاد، لوجود رجلين لا تربطها علاقة قرابة بهما في منزلها، أو ما يعرف بـالخلوة غير الشرعية».
لقد حذر من أخطار هذا الحكم، ومن زاوية تربوية محضة، أستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك سعود سعود الضحيان، الذي قال إن «هذا العمر (في إشارة لعمر الطالبة) لا يحتاج إلى إخضاعه لعقوبات بدنية وحسية، تدخل من خلالها الطالبة مرحلة نفسية ترى من نافذتها المدرسة بيئة تشبه السجن، من حيث كونها مكانا لتنفيذ الأحكام وإهانة كرامة الإنسان... وأنه في حال أخطأ الطالب، هناك طرق تربوية أخرى يمكن اللجوء إليها، كأن يتكلف بأعمال لخدمة المدرسة أو ما إلى ذلك، لتنمية شعور الطالب بأن العقاب يأتي في إطار تربوي، وليس قصاصا». لن نتوقف عند ما تعرضت له الطالبة من قصاص كي نناقش الموضوع من زاويته التربوية، على الرغم من أهميته نظرا لإصرار المدرسة على أن يتم الجلد داخل أسوار المدرسة كي يتعظ، كما أصرت المدرسة، غيرها من الطالبات، لكننا سنعالج المسألة من زاويتين ندعو الجهات المعنية تربوية كانت أم قضائية أن تتوقف عندهما أيضا.
الأولى هي حيازة طفلة لم يتجاوز عمرها 13 ربيعا هاتفا نقالا مزودا بآلة تصوير، للتحذير من مستوى النمط الاستهلاكي الذي هبط إليه المجتمع الخليجي، كي لا نوغل في التعميم فنقول العربي. لا يمكننا الاستماع إلى أي تبريرات، ولا القبول بأي ادعاءات قد يسوقها أولياء الأمور كي يقنعونا بضرورة مرافقة الهاتف المتنقل للطفلة، وهي بين جدران المدرسة الأربعة، كي يتسنى لهم متابعة حركة طفلتهم والاطمئنان عليها. فهناك إدارة المدرسة، وهي المسؤولة عن سلامة الطلاب طالما هم في «الحدود الجغرافية المدرسية». المخيف في الأمر هو أن حرص الوالدين على «الاطمئنان على سلامة أبنائهم» بات اسطوانة تبريرية مشروخة تدار يوميا، حتى باتت مقنعة لدرجة تجيز للأبناء ممن لم تصل أعمارهم العاشرة حمل هواتف نقالة متطورة تصل قيمة الواحد منها إلى ما يربو على 1000 دولار أميركي، يحمله أطفال لم تتجاوز اعمارهم، في بعض الحالات السنوات السبع. وما يضاعف من القلق أن هذا السلوك الاستهلاكي لم يعد محصورا في أوساط الطبقة المخملية القادرة ماديا على تحمل ذلك، بل أصبح فيروسا شائعا في صفوف الفئات الاجتماعية المدقعة التي وجدت نفسها مضطرة للاقتراض، والدخول في دوامة الديون المستمرة، من أجل هذا مجاراة هذا النمط الاستهلاكي المكلف ماليا واجتماعيا. وليس اقتناء الهاتف النقال الغالي الثمن من قبل الأطفال صغار السن سوى مثال لسلوكيات أخرى تتعلق بنوع السيارة التي نشتريها، ودرجات السفر بالطائرة التي نركبها، وهي جميعها مع أخرى كثيرة غيرها، تدلل على تهاوي مجتمعنا الخليجي في رذائل السلوك الاستهلاكي الذي هناك حاجة ماسة لوضع حد له.
الثانية هي تنفيذ عقوبة الجلد بالسوط، سواء جرى تطبيقها على طفل قاصر أو على إنسان راشد، ذكرا كان أم أنثى، لكننا سنتوقف عند هذه الأخيرة لتكرار تنفيذ قوانين مثل الجلد بالسوط، والرجم بالحجارة حتى الموت، بالكثير من السهولة والاستمراء. يجري ذلك في المجتمعات العربية ضد النساء، بينما ترتفع، في الوقت ذاته، أصوات المنظمات الحقوقية والإنسانية في المجتمعات المتحضرة منادية بإلغاء عقوبة الإعدام، والاستعاضة عنها بأخرى من أجل إعطاء من يستحقها فرصة ثانية كي يتحول من «حالة إجرامية» مضرة بالمجتمع، إلى «طاقة إنتاجية» تمارس دورها في بناء ذلك المجتمع. ولربما آن الأوان كي نعيد النظر في القوانين المعمول بها في الدول العربية، وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة منها بقضايا المرأة من حقوق تتعلق بالزواج والإرث و»العدة»... إلخ. لا شك أن القضاء العربي، ومعه المؤسسات التشريعية، هي بحاجة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أن تمتلك الجرأة كي تقف وبكل شجاعة لإعادة النظر في مثل هذه القوانين من أجل تنقيحها والخروج بصيغة معاصرة لها، تكفل لنا حق الانتقال إلى مستوى المجتمعات البشرية المتحضرة.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2696 - الجمعة 22 يناير 2010م الموافق 07 صفر 1431هـ
شرع الله لا نقاش فيه
اخوي رجم النساء شرع ربك واتمني ماتناقش فيه لن هذى احكام شرعيه موجوده بل القران وعقوبات الجلد ورجم والاعدام ابرك من عقوبه لى ادفع 50 دينار وطلع
كل ذلك معول على التربية
تصور شخص ما تربي وهو في عمر ال 50 ويحتاج بعد إلى مزيد من التقويم في السلوك طبعا في هذا العمر سيكون لديه عيال إذا هو غير متربي ماذا تنتظر من أبناءه ( مع تحيات إبراهيم بوعمر الصنقيحي)