الشماسي الذي عاش ، ولا يزال يعيش مع الكلمة في نثرها وشعرها، وفي عالمها الأدبي بكل فنونه وفتونه، تشده فيه الفكرة الشاردة، واللمحة الخاطرة، واللفتة النادرة، شأنه في ذلك شأن مَن امتهن الأدب حرفة، واتخذه صناعة.
بهذه الديباجة قدم - محمد الشماسي المحاضر بقسم الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن - ديوانه لقرّاء الشعر ومتذوقي الأدب مشيرا لقبوله أو بعضه، ولهم أن يرفضوه أو بعضه، مؤكدا بأن القبول والرفض سيّان لا يغير من مستوى شعره شيئا، و له أو عليه ، فإن كان له فهو الشاهد، وإن كان عليه فهو الخصم، وفي كلتا الحالتين هو وليده المدلل الذي عاش لأجله.
الشماسي آثر في نظم شعره مدرسة الخليل بن أحمد الفراهيدي في الشعر الموزون المقفى، حسب ما أفاد في مقدمته، وما نظم قط في شعر التفعيلة (الحر)، ولم يكتب ما يسمى بالشعر الحداثي الذي ظهر في أربعينيات القرن الماضي، بظهور جبران خليل جبران في المهجر الأميركي، متأثرا بمدرسة النجف الشعرية، بما فيها من زخم شعري كلاسيكي، وآخر كلاسيكي رومانسي.
وقد أشار بأنه يقرأ لألوان الطيف الشعري مثل بدوي الجبل، وعمر أبي ريشة، وأحمد شوقي، وغيرهم من القدامى والمعاصرين.
مستعرضا في مقدمة الديوان بداية سيرته الذاتية إذ يقول «دخلت في عالم الأدب كما يدخل كل ناشئ. بدأت أكتب المقالة القصيرة ، والقصة القصيرة (الحكاية)، وأنا في العقد الثاني من العمر، أكتب دونما ضابط في اللغة والأسلوب، مع كونها محاولات فجة كنت أرى فيها ذاتي المستقبلية على نحو من أنحاء الأدب.
وفي حديث عن بدايته الشعرية، أشار: إلى ارتباطه بـ (عصبة الأدب)، وهو عنوان اختاره ثلة من الشباب الأصدقاء والشماسي منهم، ليكون اسما لهذه الثلة الأدبية الناشئة التي كانت تجتمع في منزل المرحوم عبد الوهاب حسن المجمر، وقد يقول الشماسي عنها «نحن عصبة الأدب، قد اتخذناه دارة أدبية نرتادها في كل ليلة، لا نمل من طول الثواء، ولا نسأم من كثرة الارتياد».
من ذلك المنزل العامر بتلك الثلة الطموحة من الشباب كانت تشرق مجلة (قبس الإشراق) وهي عبارة عن دفتر كبير من دفاتر المحاسبة التجارية.
وفي حادث مأساوي فظيع التهمت النيران في ليلة السابع من شهر صفر من العام 1406هـ هذا المنزل الذي قضى على صاحبه الشاعر عبد الوهاب المجمر، والذي رثاه الشماسي في قصيدة رثائية، جاء فيها:
قَضيتُها حيثُ كان (البيتُ)مدرجة
للمَجدِ تَســعَى إلى آفَاقهِ الهـِـمَم
أو منتدى يُرقِصُ الأكبادَ سَاجِعهُ
ويَنتشِي مِن صَدى أنْغَامِه النَسم
انتقد محمد الشماسي مَن قالوا عنه بأنه شاعر مناسبات، وهم يريدون بهذا القول شعر الرثاء والفرح وأنغام الحزن، وهذا اللون من الشعر مرفوض لدى النقاد المعاصرين، أو من يحاولون الانضواء تحت بريق أوصافهم. ودعواهم في هذا الرفض أن قصيدة الرثاء ميت ثانٍ، تنتهي مراسيم دفنه بعد ثلاثة أيام العزاء على روح الفقيد المرثي، والميت لا حياة له ولا ينتظر منه النشور في الحياة الدنيا.
إذ شدّد على أن هذه في وجهة نظره باطلة، لأن هؤلاء نظروا إلى المناسبة المحلية ذاتها، لا إلى ما هو خارجها في واقع القصيدة الحديثة المعاصرة. نظرة لم تتجاوز ريشة القلم الذي يكتبون به.
وأشار الشماسي إلى أن آراءهم تصحّ في الرثائية القديمة ذات الأسلوب التقليدي المحض، والتي لا تخرج ولو من كوة صغيرة في مكان الحدث الآني ، فيظل الشاعر راسفا في أغلال المناسبة من إشادة ومدح وتعداد لمآثر المرثي، بينما القصيدة الرثائية المعاصرة تختلف فكرة ونهجا عن أختها التقليدية مثال رثائيات الجواهري وبدوي الجبل ونزار قباني ومصطفى جمال الدين وغازي القصيبي، فإنك تقرأ فيها روح الشاعر وخلجات فكره في قضايا مجتمعه وأمته.
وأبان محمد أن في رثائياته في هذا الديوان إما رأيا سياسيا تجده في قصيدته راثيا الإمام الخوئي، وإما رأيا أدبيا كما في قصائده في عبد الوهاب المجمر ومحمد سعيد الجشي، وإما لفتة تاريخية كما هو الحال في قصيدته في محمد الفارس، و إما نظرة اجتماعية كما تجدها في قصيدته في السيد العوامي ، كما تقرأ في الغزل والملحمة الأدبية في قصيدته في زواج محمد رضا نصر الله.
يذكر بأن الديوان يحتوي على أكثر من خمسين قصيدة في المدح والرثاء والغزل .
فنجان قهوة
مـَـرَّ بِـي وَالقَـهْوة المُــرَّةَ شـَـهدٌ فِـي يَـديـّهِ
شَــادِنٌ يَسـقِي مـِن (الدَلـة)لا مِــنْ مُقْـلَتيــه
كَيفَ يَسقِي المُر مَن يَحلُو الهَوى فِي جَانِبيهِ
عــَجبا يمـزِجُ رَاحــا وَلَـظى فِـي رَاحـتيـهِ؟
ليتـُهَا، وَهــو يُسـَـاقِي، قَـدْ أتَت مـِن شـَفتيهِ
***
أيُّهَا الشَادِن صُبّ الحُبَّ فِي الفِنجَان خَمرَا
ودَع الفِـنجَان مِثـلِي يَصطَلِي القَهوة سُكرَا
هُـو مِثــلِي، فَكـِلانَا عَاشِــقَان مِنــكَ ثَغـرَا
فَدعِ الثَغرَ عَلى الثَغرِ، دَع الأنْفَاس تضرَى
كـُـلُّ حــُبٍّ نَظــرِي هُو بالتــَطْبيِقِ أحْــرَى
***
رَقـصَ الفِنــجَان فِـي كَفِـكَ نَشْــوانا وعربَدْ
واشْـتَهَى كَـفَك مِثـلِي قبـضَة السِجْن المؤبَدْ
إنْ أكـُن بيـن ذِراعَيــِّك فَـنِعمَ الـقيّد عَسـْجَدْ
أو أكـُن جـَنـبـُكِ يـَومـا أتـكِـي أو أتـَوسَّــدْ
فـَـلِنـِعـم المُتكأ أنـْتِ، ونـِـعـِم المُتـوســّد
عيسى محمد العيد
عندما أشعر بالبكاء...عندما أشعر بالحزن...عندما أشعر باليأس...عندما أشعر بأن الكون قد توقف ...
ماذ أفعل ؟
عندما لايمر طيفك في بالي...عندما لا أراك في خيالي...عندما لا أحس بحنانك في أحضاني...عندما لا أرى إلا الموت أمامي ... ماذا أفعل؟
عنما تتوقف الألحان...عندما تتهامس الأنغام...عندما تتسأل الأطياف...عندما تتلاشى صورتك مثل الأحلام...
إذا أفعل؟ وهل لي بشيء أفعله كي أفعله...
عندما وعندما وعندما وهذه حكايتنا...
فاطمة جديد
في حفاوة تتهاوى
نبال الغدر حيث الرضيع
ترنو عناقا لا فراقا
نحو عنق ذاك الصريع
غدت لمنحره إغداقا وسباقا
تقصد المشرع في الجرم الشنيع
قراطيسي دوّني... نبال الشؤم هوّني
تماديتِ في طغيانك الفظيع
تنكر صفو العقول.. تنفذ قبح المقول
سيدها سليل أمية.. يا له من وضيع
وكأنّ لي تراءى.. في جراءة
بكبد السماء ذاك السرب السريع
من سهامٍ.. في مرامٍ
تفتك ضغنا بالحمل الوديع
مقطوع الوتين... سيدي حسين
يشتاخ غزوا من قلب ضليع
يعرف فيغرف شوقا من دماه
تبتلعه الغيم لا يرجع للترب الرقيع
سيل دماك يا رضيع يا صريع
يشق الدرب علوا حيث الرفيع
أتأمل الجيوشَ... تجفو الرموش
تحدق فزعا جزعا كل الجميع
فينادي المنادي... رغم الأعادي
ذابح الرضيع... ليس لك طعام إلا من ضريع
في كربلاء.. نزل البلاء لعانا
أهو جرمي؟ أم جرم العنق اللميع؟
كلي فداه من يطلق نداه
يا رباب كل المصاب... لا عذر ذريع
أينك بدر السماء.. هامتك تتوج الماء
فداك عباس.. اسقني من النهر النقيع
ويخطّ الجواد مسرى العباد
قاصدا لفارسه قدره الشريع
وهي الأوغاد تحمل الأوتاد
تصوب بغدرها الكف القطيع
معيني عباس... مفضوخ الهامة والرأس
أستجير بالله الباري السميع
أنت غياثي... مهون التأوهات في الأجداثِ
إلهي في الهجير والبرد الصقيع
يا غصن هاشم وفرعها الحالم
شقيق سبط المصطفى الشفيع
إليكم فاقتي... فقري وحاجتي
أشكوكم ضعفي... فما الصنيع؟
وإذ تدور دواليب الزمان والمكان
أبيعكم بنينوى روحي... فخير المبيع
أنتم غرامي... في حياتي وختامي
هاكُم مهجتي، أبطال الحجاز.. روّاد البقيع
زينب الجمري
من منا لم يندب حظه العاثر؟
من منا لم يتمنَ الموت؟
من منا لم يشكُ الوحدة... لم يشكُ الالم...
أصبحنا وأمسينا ونحن نذم حظنا العاثر ونلقي اللوم على كل ما يصادفنا، حتى تلك الجدران الصماء نكاد نتهمها بانها هي التي وقفت بطريقنا حتى نصدمها متناسين بأنها صماء لا تتحرك! نعم ذلك هو حالنا نتعثر وننكر بأننا السبب لنلقي الأعباءَ من حَملِنا، إنه واقعنا نلقي بأحمالنا علَّ أحدهم يرفعها عنا... ولكن!
أحبتي أتساءلتم يوما عمن يرفعها! أخُلِقَ بلا احمال كي يرفعها عنا! أم هو معصومٌ منها! أمسئولٌ عنا وعن قذاراتنا التي نرمي بها على قارعة الطريق؟!
تعلمت خلال الأيام القليلة الماضية ما لم أتعلمه خلال سنواتي التسع عشرة، تعلمت أني حينما أبتسم صباحا فذلك يعني أنه يوم مشرق جديد وأن الفرح والسرور هو مصير يومي، تعلمت أن حزني، غضبي، ألمي، فرحي وسروري يكمن بابتسامتي، فحينما أبتسم لا يعود للحزن للغضب للألم مكان بقلبي، تعلمت أن ابتسامتي وبهجتي، كلمات قد لا تعني لي الكثير ولكنها تعني الأمل للآخرين وتعني لهم إشراقة جديدة فبذلك هي من أغلى ممتلكاتي .
تعلمت أنه مهما طالت الشدة بنا ومهما اجتمعت علينا من صعاب الدنيا فهي ستزول وما هي إلا امتحان لإيماننا فالحمد لله على السراء والضراء وقل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.
تعلمت أني حينما أسعى للحصول على شيء ولم أحصل عليه فجل ما أذكره هو «الحمد لله، عسى المانع خيرا إن شاء الله» فقد سبق أن رفعت الأقلام وجفت الصحف وإن كان لي نصيب فيه فهو لي وإن فات الأوان، فالحمد لله، تعلمت أني حينما أتعثر أسارع بالنهوض من جديد لأواصل مسيري وصعودي نحو القمة، فلا فائدة من نياحي وعويلي فان الوقت كالسيف إن لم أقطعه قطعني.
تعلمت أنه لا توجد نهاية للتسابق والتنافس بهذه الحياة فهي مضمار غير منتهٍ وأن المراكز الاولى ما هي إلا وهم مؤقت سرعان مايزول أثره بل العبرة بمن يواصل سعيه ومسيره وإن كان آخر المتنافسين فلازال يحمل شرف المنافسة والمحاولة.
تعلمت أني حينما أحلم بشيء ولم يتحقق حلمي كما أريد، بأن أرى ملايين البشر من هم يحلمون بما هو أقل ما أملك ولم يروه حتى، تعلمت أن لا أرى من هو أوفر حظا مني وأتذمر بل أن ارى من هو أدنى مني وأكرر الحمد والشكر لله على نعمه فالكثير محرومون منها.
أحبتي حينما نستيقظ صباحا ونتنفس فيجب أن نعلم أننا الأوفر حظا فلازلنا على قيد الحياة، فلنحمد الله ونشكره ولنستغفره ونتوب إليه فكم معصية عصينا بها الله الواحد الأحد قبل نومنا! في يومنا الماضي، بل وفي أيامنا، سنواتنا!
كم من حاكم يصبر على عبيده كل تلك السنين وهم العاصون! إنه الله عز وجل
فلنستغفره ونتب اليه ولنعلم ان السعادة لا تكتمل والقلوب لا تضيء الا حينما تمتلئ إيمانا به، بقضائه وقدره، بقسمته ورزقه، فأين كان من يصبح وبقلبه ذلك الإيمان فكيف له أن يتمنى الموت! وكيف له أن يندب حظه العاثر!
الحمد لله، فأنا العبد المسكين المستكين مازلت أرزق من نعم ربي، مازلت أتنفس فتلك نعم ربي...
فليكن صباحا جديدا وصفحة جديدة نرسم فيها الابتسامة على شفاه الجميع، حتى تثمر البساتين الذابلة الصفراء وتعود الزهور متفتحة لتفوح روائحها الزكية بانفسنا، نعم فنحن ورودٌ لم تتفتح بعد فكيف لها أن تموت وتذبل!
تعلمت الكثير مما لا يسعني سرده بأحرف ترتسم مكونة كلمات وسطورا...
حسن البناء
منذ فترة وجيزة صار عندي اهتمام بالأمور الصحية والرياضية وأمور التغذية بسبب زيادة وزني المفرط في الفترة الماضية، وأصبحت أراقب شباب ورجال القرية عند المضايف الحسينية وعند وجبات العشاء والغداء والمناسبات وغيرها، فاكتشفت أن 90 في المئة لا يهتمون لوجباتهم الغذائية وكم تحوي من السعرات الحرارية وهل هم بحاجة إلى كالسيوم أو فسفور أو حديد أو بروتين أو كربوهيدرات وغيرها من المواد التي يحتاجها الجسم، فهنالك من الأشخاص من يعاني من الضعف الشديد وهنالك من يعاني البدانة المفرطة ولسان حالهم يقول (ما يضر، هذا كله من بركة الإمام) وهذا فهم خاطئ من الناحية الدينية والصحية للتغذية مع العلم أن العزاء والحركة في الشعائر الحسينية قد تساهم في حرق بعض من هذه الوجبات ولكن ليس بالحجم الذي نأكل فيه (وجبة الغداء أرز (العيش) وجبة العشاء أيضا تكون أرزا)، وقد تشاهد الرجل الكبير في السن يأكل حبات التمر بشراهة ولسان حاله يقول (مال الأول الآباء والأجداد أقوياء لأنهم يأكلون التمر) ونسى أو تناسى أن أجدادنا كانوا يعملون في الأعمال الشاقة مثل حرث الأرض والصيد وغيرها من الأعمال، وهذه الأعمال تساعد على حرق السعرات الحرارية بشكل سريع وخصوصا بداية النهار، فالجسم في المساء قد لا يحرق السعرات الحرارية مثل حرقها في النهار هذا بالنسبة إلى غير المصابين بداء السكري أما المصابين بداء السكري فأكل 4 تمرات ومن دون وجبة غداء يومية قد يرفع السكر من 6 إلى 12 مع العلم أنه ألغى وجبة كاملة ولذلك يجب علينا أن نراعي أنفسنا في مثل هذه المواسم، ومن الممارسات الخاطئة عندنا مثلا هي انه في حال أعطيت كاس شاي يوجد به سكر زيادة نقوم بشربه كاملا ونقول حرام نرميه هذه نعمة والنعمة زوالة! فالإنسان الطبيعي والبالغ يحتاج 2000 سعرة حرارية في اليوم، فعلى الإنسان في مثل هذه المواسم التركيز على مواد البروتين الموجودة في اللحم (من دون شحم)، السمك، الجبن، البيض واللبن المسلوق وكذلك الحبوب مثل: الفاصوليا والبازلاء. والبروتين يساهم في تكوين خلايا الجسم، ولذلك فهو ضروري لنمو الخلايا الجديدة ولتعويض ما يفقد منه، وربما يؤدي نقص البروتين إلى وقف النمو أو إلى تكوين عضلات ضعيفة، بالإضافة إلى الابتعاد والتقليل من الدهون والشحوم والكربوهيدرات (العيش والخبز) والمواد السكرية المحتوية على السكر بالنسبة للمرضى المصابين بالسمنة أو المصابين بالسكري، وتناول وجبات أيضا تحتوي على الأملاح التي يحتاجها الجسم مثل الكالسيوم، الفوسفور والحديد والنحاس واليود، فاحتواء غذائك على كمية قليلة جدا من الكالسيوم يؤدي إلى أن يأخذ الجسم احتياجاته من هذا الملح من العظام ليستعملها في تكوين السوائل وفي بناء الأنسجة، وهذا يؤدي إلى إضعاف عظام الجسم.
ولنقص الكالسيوم في الغذاء اليومي فترة طويلة عواقب وخيمة، منها: ضعف الأسنان، وتورم الركب واعوجاج السيقان، ووقف النمو.
لكن كيف نحقق ذلك خلال موسم عاشوراء والطباخ الخاص في البيوت يتوقف بسبب انشغال العائلات بالتعزية؟
الجواب: في الصباح نشرب الحليب أو الشاي بسكر جدا قليل أو من دون سكر أو استخدام سكر صناعي، إذ ان كثيرا من المضايف الحسينية لا تضع السكر مباشرة في المشروبات الساخنة بالإضافة إلى قطعة واحدة من (البخصم) أو سندويشة صغيرة بالجبن أو غيره وبعض من الفاكهة مثل البرتقال، التفاح، السنطر، الكيوي إلى حد الشبع والابتعاد عن البلاليط، السمبوسة، الشباتي الاحمر، الطعمية، البطاطس المقلية، كباب اللحم والزلابية، الخنفروش، القيمة والناشف الدسم والمشروبات السكرية بكل أنواعها وخصوصا الغازية منها، وغيرها من المواد الدسمة في المضايف.
أما وجبة الغداء فعليك باللحم بعد نزع الشحم عنه أو السمك أو الدجاج مع السلطة الكثيرة والمتنوعة وقليلا من الأرز ويفضل من دون أرز حتى الإشباع وأكمل الوجبة بالفواكه الخفيفة مثل البرتقال أو التفاح أو الكيوي.
أما بالنسبة إلى وجبة العشاء فيفضل عند بداية الليل وليس آخره بعد موكب العزاء وخصوصا بالنسبة للذين يعانون من مشاكل في المعدة الابتعاد عن الأرز (العيش) كليا وتناول اللحوم الخالية من الدهون أو نصف قرص خبز مع كبدة إذ إن الكبدة توزع في محرم بشكل كبير، أو سندويشة عادية خالية من الدهون، والإكثار من السلطة والفواكه الخفيفة. ستكتشف بهذا النظام الغدائي أن وزنك قد نقص على الأقل نصف كيلو ولم يزد وزنك كالمعتاد في شهر محرم الحرام، وستحس أن جسمك أصبح أكثر نشاطا وأقل خمولا.
السيد جلال الكامل
التقيت بها غادة سمراء ممتلئة القوام ذات مساء وكانت على غير عهدي بها، كانت حزينة، مكتئبة، مثقلة بالهموم والآهات، انتظرت وانتظرت حتى تبدأ حديثها، ثم استرسلت كلامها انها في احدى الأسفار التقت به وكان شخصا ملتزما متدينا على خلق وأحبته إذ أسرتها شخصيته الجذابة ووفاؤه لوالديه وأهله، والتزمت الصمت حيال معرفتها بأنه متزوج ويعول... وتتمنى في قرارة نفسها رؤيته دون انتهاك لحرمة الدين وشرائعه. (آه من الحب وما دمر).
- التقيت بها في مكان ما وتوثقت علاقتي معها وأعجبني التزامها الديني وتمسكها به، واستمرت صحبتي معها فترة من الزمن حتى أتت إلى مركز عملي فتفاجأت بشخصية اخرى متناقضة على غير ما توقعت، شخصية أنانية ذاتية محبة لافتعال المشاكل داخل القسم الواحد وبهذا خلقت جوا مريبا لا يطاق، وهذا ما سبب لي صدمة بعدم الوثوق بأحد أو صحبة شخص ما لأن الحب أصبح غير موجود في حياتنا حياة المصلحة والفتن. - توثقت علاقتي بعدد محدود من الطالبات خلال مدة تدريسي وخاصة إذا كانت الطالبة مجدة متفوقة مؤدبة، وكانت إحداهن التقيت بها صدفة في معترك الحياة بعد زمن وهي على عهدي بها لم تتغير على رغم أنها أصبحت طبيبة ذات مركز مرموق وأدركت بقيمة المعلم وأهميته في إخراج هذه النماذج الناجحة لخدمة المجتمع وتقدمه.
هذه بعض من النماذج الحياتية عشت أغلبها ولكن في جعبتي الكثير التي أخذت منها العبر والدروس في حياتي.
- هو شاب تمرد على كل الأعراف والقيم والمبادئ الإسلامية التي تربى عليها وتركها وسافر إلى الخارج لأهل التمدن، ولنتركه يخبرنا بما جرى له بلسان حاله: آه... لقد كنت من أهل التمدن وأقدس مبادئ ونظريات فلسفية نظرية أكثر ما هي عملية، وأقدس وهما وسرابا لا يمكن تحقيقه إلا بنقضه، كنت أعيش بدوامة من الأوهام.
أوهام الشباب التي تزين القبيح وتقبح الجميل، لشد ما عانيت في هذه السنين الغابرة، لقد أتلفت شبابي في الركض وراء الملاذ الحسية والجسدية ورأيت كيف تنتهك الأعراض باسم التقدم والتطور، ورأيت كيف تتفكك الأسرة، كيف تهرب الزوجة وتخون وتخرب عش الزوجية المقدس باسم الشعارات الإباحية، رأيت رجولتي تداس بالأقدام وشرفي يمرغ في التراب باسم التحرر وحينها كفرت بكل هذه المبادئ وتيقنت أنني كنت مخدوعا وضالا، إنسانا مسلوب الفكر والإرادة، وليقضوا بذلك على العقل والفكر، آه لشد ما تألمت وعانيت... لم أنس ولن أنسى ما حييت قيمة الفضيلة والشرف لدى البشر، المتحضر. المتمدن المؤمن بالله.
أيها الغائب، متى نراك وترانا، لقد طال غيابك واستفحل الفساد وانتشر في كل بقاع الأرض، الكثير ممن يعاني الظلم والقهر والاستبداد ينتظر قدومك لتأخذ بيدهم ضد من ظلمهم.
فهناك غزة الجريحة المحاصرة التي تعاني ولا من معين، وهناك العراق الجريح الذي يئن ويحاول أن يلملم جروحه ولا من مجيب، وهناك حرب اليمن وأفغانستان، وهناك، وهناك الكثير من الضعفاء والمستضعفين ينتظرون ظهورك لتأخذ بثأرهم ممن أحدث أو سكت عن أبشع الجرائم التي تحدث في تاريخ الإنسانية ولأن بظهورك سينقشع الظلم وستعطي كل ذي حق حقه وسيعم الهدوء والسلام والسكينة.
آه منك يا دهر... لم تترك لي خليلا ولا حبيبا في دنياي هذه، فالدنيا رحلة سفر يعد فيها المقيم ما يحتاجه ويساعده في رحلته هذه حتى يسعد بما بعدها عند الموت وما بعد الموت وينال أعلى الدرجات. أتذكر جيدا عندما خطف الدهر جدي الذي كان طوال حياته شفوقا محبا للناس ومن أهل الخير حتى آخر ساعاته التي قضاها في التقرب من الله وأداء صلاة الليل، وأتذكر كيف كانت تدور عيناه علينا وكان يودعنا الوداع الأخير، واما جدتي التي خطفها الدهر منا وكنا في سفر وكانت مفاجأة قاسية للجميع، كانت سيدة ورعة متدينة وكل من اقترب منها أحبها واحترمها، وكذلك خطف الدهر مني خالي الطيب الذكر المحب لأهله وأتذكر جيدا له موقف أنه يذهب إلى قبر جدتي ويبكي لفراقها حتى تركنا وذهب سريعا لملاقاتها في دار الآخرة. وأما خالتي التي أخذها الدهر منا عنوة فكانت خادمة أهل البيت بحق، سيدة ورعة محبة للناس وستأتي ذكراها في هذا الشهر.
برحيل الأحبة يترك فراقهم لوعة وحزنا كبيرين ولكنهم بيننا في ذاكرة الوجدان. كل مسجل ومكتوب عند رب الخليقة رب الدارين. ربي اجعلنا دائما على نهج الأولين من محبي النبي محمد (ص) وعترته ومن المتصالحين مع الدهر ليكون معنا لا ضدنا.
بعد أن أطبق الليل على الوجود ليبتلع في مجره الأسود قرص الشمس الملتهب قاضيا على آخر ومضة منه، وخيم السكون على الكون، مررت على المقبرة ومن يذكر القبر والمقابر في الليل البهيم بدعاء أو تلاوة القرآن الكريم يهدي ثوابها إلى من أحب ويحب من أهله وخلانه، وكأنني مررت بقبر ما والزعيق ينطلق من داخله أين عزتي وجبروتي، لماذا لا يجيب ندائي أحد وهذا القبر اللعين يطبق على أنفاسي بقوة ولسعات الأفاعي تؤلمني وقرصات العقارب تقضي عليّ... آه.
وعلا صراخ وعويل من قبر آخر يقول: أين حبيبة قلبي، لماذا تتركني هاهنا مع نهشات الكلاب، إنها تحيط بي داخل قبري.. لماذا لا تجيبني، يا من سرقت لأجلك، ألم أغش وأكذب لكي أسعدك، آه... ياويلتي.
وتعالى صراخ حاد رفيع متحشرج من ألم صاحبته... آه. أبعدوا النيران عن جسدي، أبعدوها عني، إنني أحترق بشظاياها لماذا لا يسرع أحد لنجدتي، ألم أمتع الكثيرين بجمالي، لماذا ينفرون مني ويفرون وقد أصبحت عظاما نخرة، ألم أعرض جمالي وأنوثتي وشبابي للجميع، لماذا لا ينقذني أحد من هذه النيران المحيطة بي، آه ليتني أعود إلى الحياة الدنيا فأتوب وأستغفر. آه..
وتعالت أصوات ضحكات ناعمة كصليل السلاسل الذهبية وأصغيت إلى عذوبة الأغاريد تسمو إلى عنان السماء بسحر وروحانية خاشعة متبتلة إلى العلي القدير وصوت صاحب القبر يقول الحمد لله الذي أحسن عاقبة حياتي، شكراك يارب أن صدقتني ما وعدت، ومن بعد البرزخ نعيم الخلود وخلود النعيم. وكأن السائر بجوار المقبرة وقت المغيب يشاهد شواهد القبور تنظر إليه في صمت، الصمت الذي ينتظر الأحياء الضاجين بالحياة ليحولهم إلى صمت جديد وفي كل يوم يضاف إلى بحر الصمت صمت آخر.
منى الحايكي
العدد 2695 - الخميس 21 يناير 2010م الموافق 06 صفر 1431هـ