من المقرر أن يصل نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن إلى العراق للقاء المسئولين في بغداد ومناقشة مستقبل العملية السياسية بشكل عام والانتخابية بشكل خاص.
وحسب ما ترشح عن الغرض من الزيارة، فإن بايدن غير راضٍ عن قرارات «هيئة المساءلة والعدالة» بشأن إبعاد عدد من المرشحين للانتخابات النيابية المقبلة المقرر إجراؤها في 7 مارس/ آذار المقبل، ولاسيما أنه أجرى اتصالين رسميين أحدهما مع رئيس الجمهورية جلال طالباني والثاني مع رئيس البرلمان اياد السامرائي لحثهما على معالجة قرار إبعاد المرشحين الذين يربو عددهم على 500 من أصل 6500 مرشح، دون الحديث عن اتصال مع رئيس الوزراء نوري المالكي كما جرت العادة في السابق.
لم يكن نائب الرئيس الأميركي (المسئول عن ملف المصالحة العراقية) ليضطر لزيارة بغداد لو كان قادرا على حل الموضوع عبر اتصالات هاتفية أو حتى تكليف السفير الأميركي في العراق والذي نقلت وسائل إعلام عنه إطلاقه اسم «هيئة الجلبي» في إشارة إلى رفضه لقرارات هيئة المساءلة والعدالة التي يرأسها السياسي العراقي أحمد الجلبي (المرشح أصلا في هذه الانتخابات)، لكن يبدو أن القضية أعقد من اتصالين هاتفيين أو زيارات مكوكية لسفير واشنطن.
قد يبدو المشمولون بقرار الإبعاد وهم، زعيم جبهة الحوار الوطني والأمين العام للحركة الوطنية العراقية صالح المطلك، وزعيم جبهة التوافق في البرلمان الحالي/ الأمين العام لتجمع المستقبل الوطني ظافر العاني، وتهديد نائب رئيس الجمهورية الحالي وزعيم قائمة تجديد طارق الهاشمي بالإبعاد، ضمانة المشاركة السنية في هذه الانتخابات، وخصوصا أن الانتخابات الماضية قد شهدت مقاطعة سنية كان ثمنها حرب أهلية راح ضحيتها مئات آلاف القتلى من العراقيين ومئات من الجنود الأميركيين.
المشكلة قد تبدو هذه المرة أعقد من المرات السابقة، فإيران تقدم دعما مطلقا لقرارات هيئة المساءلة والعدالة في إبعاد عدد من السياسيين العراقيين من المشاركة في الانتخابات المقبلة في مقدمتهم المطلك والعاني والهاشمي، وخصوصا أن هؤلاء كانت لهم تصريحات مناوئة لإيران طوال سيرتهم السياسية في السنوات الأربع الماضية.
لقد كان للدعم الإيراني والمساندة التي أظهرها عدد من الأحزاب الشيعية رد فعل مضاد من الطائفة السنية في العراق يساندها فيه عدد كبير من وسائل إعلام عربية وغربية مناوئة للتدخل الإيراني في العراق، لذا بدا التدخل الأميركي السريع مؤشرا على انزعاج غربي من احتمال التلاعب بمقدرات العراق خلال السنوات الأربع عبر إبعاد سياسيين ليسوا في ود مع الجارة الشرقية للعراق.
فواشنطن، ومن خلال تحركها هذا، تعتبر أن قرار إبعاد رموز المعارضة السياسية من الطائفة السنية، يمثل قوة لإيران من جهة وإضعافا لسلطة أميركا في العراق وتخلخلا في موازين القوى المذهبية قد يؤدي إلى حدوث ارتداد شعبي في عدد من المناطق يعيد للأذهان ما حصل من أعمال عنف لفترة ما بعد العام 2005، وخصوصا أن واشنطن تستعد لسحب قواتها من المدن بعد سبعة أشهر تمهيدا لانسحاب كلي مع حلول العام 2012.
ولكن كيف يمكن تفسير قرار هيئة المساءلة والعدالة العراقية بإبعاد المرشحين؟
هل هو قرار قانوني يتناسب مع المادة السابعة من الدستور العراقي، كما يقول المدافعون عن القرار؟، أم هو سياسي وطائفي، كما يقول المعارضون للحكومة ومعهم المشمولون بالقرار؟
إذا ما ناقشنا قانونية القرار... فإن المادة السابعة من الدستور العراقي التي استندت إليها الهيئة في قرارها تنص: على أن «حظر كل كيانٍ أو نهجٍ يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي، أو يحرض أو يمهد أو يمجد أو يروج أو يبرر له، وبخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه، وتحت أي مسمى كان، ولا يجوز أن يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق، وينظم ذلك بقانون». وهي المادة التي تحاجج بها هيئة العدالة والمساءلة، بالإضافة الى الأحزاب الاسلامية الشيعية الرئيسية في العراق في دفاعها عن دستورية قرار الإبعاد. وبرغم أن هذه المادة فضفاضة حالها حال معظم مواد الدستور العراقي، وأنه لم يتم العمل بها خلال السنوات الخمسة الماضية إلا الآن، فإنها تبقى مادة قانونية يمكن أن تكون ورقة قوة بيد أية سلطة قادمة (مهما كانت) لاستغلالها ضد خصومها السياسيين.
أما عن الاتهامات القائلة إن القرار سياسي وطائفي، فالمدافعون يقولون إن القرار كان موجها لسنة العراق، ولاسيما أن 80 في المئة من المشمولين بالقرار هم من الطائفة السنية (بحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية).
هذا من الناحية الطائفية، أما من الناحية السياسية فإن القرارات بدت وكأنها إقصائية، حيث شملت أشخاصا لم يكونوا بعثيين (بحسب قول هيئة المساءلة)، وجاءت موجهة ضد ركائز «الحركة الوطنية العراقية» بزعامة رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي الذي أثار بعد تشكيل «الحركة» ردود فعل واسعة لما يتوقعه المراقبون له من احتمال حصوله على عدد كبير من الأصوات قد تعيد الخريطة السياسية في العراق.
واضح أن قرارات إبعاد مجموعة من المرشحين جاءت عبر تحرك سياسي قد تكون وراءه أحزاب نافذة استعدت لمرحلة الانتخابات بقرارات مجحفة، إذا ما مررت بهذه الطريقة ستؤدي الى نتائج غير سعيدة للأميركان الذين يراهنون على أن تكون الانتخابات المقبلة شفافة وتعكس واقع القوى السياسية لكي تكون حينها قادرة على مغادرة هذا البلد دون أن تلام على تركه فريسة خلافات مذهبية وحروب أهلية كما حصل في العامين 2006 و2007. فهل تستطيع واشنطن رسم هذه الملامح، أم إن الرسم سيجري في بلدان أخرى لن تكون بعيدة عن إيران في كل الأحوال؟
هذا ما يمكن أن نقرأه بعد زيارة بايدن المنتظرة للعراق.
إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"العدد 2694 - الأربعاء 20 يناير 2010م الموافق 05 صفر 1431هـ
سني يحب امريكا
السنة والبعثيين بالعراق كانوا ضد امريكا والان يدافعون عنهم ويريدوهم يرجعوهم للحكم لكن هيهات
هيهات
هيهات منا الذلة
وهل بقى شئ
ايران احتلت كل شئ في العراق وامريكا تحاول الان ان تحفض ماء وجهة