لم يرق دلال «إسرائيل» لتركيا، ولم تتمكن من استخدام ورقة معاداة السامية لتجبر تركيا على وقف عرض مسلسل «وادي الذئاب». اعتذرت رسميا، وورقتها الكليشيهية المبتذلة والمثيرة للاشمئزاز لم تنفع كورقة ابتزاز مع تركيا.
جاءت معترضة على تعرية سياساتها تجاه أطفال فلسطين على الشاشة، وهي التي يعريها في كل يوم مناظر جثث الأطفال الممزقة، ومشاهد كثيرة لا يمكن أن تغيب من ذاكرة وضمير البشرية، كذاك الذي يظل حيا طريا لمحمد الدرة وهو يختبئ خلف ظهر أبيه هربا من رصاصات حاقدة مزقت جسده الصغير، أو نشيج الصغيرة هدى وهي تصرخ أمام جثث والدها وأشقائها على أحد شواطئ غزة.
دلال «إسرائيل» ليس جديدا، وهي التي تسجل في كل يوم اعتراضاتها على عشرات بل مئات من الأفلام «المعادية للسامية»، ربما لتعرضها لشخصية رجل يهودي محتال غادر، وربما يصل الأمر لقيام شخص معقوف الأنف بدور يهودي في فيلم ما.
«اسرائيل» اعتقدت لوهلة أنها «تمون» على تركيا كما هو الحال مع جيرانها من العرب وهم الذين لن يترددوا لحظة واحدة في أن يحضروا لها «لبن العصفور» لو طلبته، لا أن يوقفوا مسلسلا أو عملا فنيا من أجل سواد عيونها، والشواهد على ذلك كثيرة.
لم يحدث ذلك والطموح أن لا تتنازل تركيا عن موقفها وتواصل عرض المسلسل وألا يتم حذف أي من مشاهده أو تغييرها. وعموما مهما تكن تطورات الأمر، فإن لهذا الحدث دلالات كثيرة لعل أهمها هو أن تركيا أثبتت أنها دولة ذات إرادة حرة، وأنها ليست كما يتهمهما البعض «ترقص على السلم». هي في واقع الأمر تؤدي دورا رئيسيا في المسرح، في حين يقف العرب أقزاما يراقبون ما يحدث في الظلام، وفي أحسن الأحوال تسند لهم أدوار كومبارس لا يدير ظهره للجمهور.
لكن بعيدا عن كل ذلك فإن الدلالة «السينمائية» للحدث تأخذنا لأعمال كثيرة معادية للعرب، لم يتحدث عنها أحد يوما، معظمها جاء من هوليوود، ولا نذكر أن وزير خارجية بلد عربي ما استدعى، لا سمح الله، سفير دولة ما، لا ليوبخه معاذ الله، فتلك ليست من شيم العرب لكن على الأقل ليبدي شيئا من لوم وعتاب لا يبتعد عن «لوم الحبايب».
الأفلام الهوليوودية مثلا، ومنذ البدايات قدمت الشخصية العربية بشكل بشع، العربي فيها يحمل كثيرا من اللؤم، لا أمان له، يمكن أن يغدر بالآخر في أي لحظة، بالطبع لن ننسى كليشهات الإرهاب وقمع النساء والهوس بالجنس ومظاهر البداوة المفرطة التي تسيطر على حياة العربي. ولعل واحدا من أشهر الأمثلة التي قدمت هذه الصورة فيلم Rules of Engagement الذي اعتبر الأكثر إهانة للشخصية العربية، على الأقل لتصويره أطفال العرب بأنهم صغار تمتلئ نفوسهم حقدا متعطشين للدماء و ... قتلة.
لم يسجل اعتراض عربي «رسميا» واحدا على ذلك الفيلم أو أي فيلم آخر مهين للشخصية العربية والإنسان العربي، والسؤال الذي لا أملك له جوابا هو «أيعني هذا أن العرب لا يحترمون ذواتهم كثيرا كأبناء عمومتهم «الساميين» وأن الإنسان العربي يمكن أن يكون «ملطشة» لكل من هب ودب!
إقرأ أيضا لـ "منصورة عبد الأمير"العدد 2694 - الأربعاء 20 يناير 2010م الموافق 05 صفر 1431هـ
نحنا السبب
عدة اسباب جعلت الغرب ينظر الينا بهذه الصورة السلبيه . مثل الاعلام الغربي الذي تسيطر عليه الجماعة اليهوديه . وكذالك تصرفات الجماعات الاسلاميه واما تصرفات الشباب الخليجي فى الغرب فحدث ولاحرج ....... بو ميثا
انتصار رضي
مقال رائع منصورة