العدد 2694 - الأربعاء 20 يناير 2010م الموافق 05 صفر 1431هـ

المرأة العربية والعمل السياسي: التبعية ورهانات التحرر!

منبر الحرية comments [at] alwasatnews.com

مشروع منبر الحرية

شهدت العقود الأخيرة الماضية اعترافا متزايدا بالدور الذي تضطلع به المرأة العربية في المجتمع خاصة في ظل الجهود الدولية المتمثلة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والرامية الى إنهاء التمييز ضد المرأة وضمان مشاركتها إلى جانب الرجل في عملية التنمية بكافة أشكالها.

وتتفق جميع دول العالم على إن مكانة المرأة على الصعيد المجتمعي السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي ومشاركتها في صنع القرار تمثل مؤشرا على مستوى التنمية في أي مجتمع.

فقضية المرأة من المفاصل الأساسية في عملية التغيير الاجتماعي والتنمية الشاملة الهادفة إلى بناء مجتمع ديمقراطي حر متوازن.

إلاّ أن هناك عوامل تحدّ من مشاركة المرأة رغم أنها تشكل نصف المجتمع وأهم هذه العوامل التنشئة الاجتماعية والموروث الثقافي الضاغط على الأسرة بسبب عملية التحول الاجتماعي وآليات السوق وضعف دعم النخبة النسائية للقواعد النسائية.

ورغم توقيع العديد من الدول على الاتفاقيات الخاصة بالمرأة وتمكينها من المشاركة لاسيما في صنع القرار، إلا أن ذلك لا يكفي بمعزل عن المواءمة بين الالتزامات الدولية والتشريعات الوطنية.

ورغم مرور عقود على بدء المشاركة السياسية للمرأة العربية، إلا أن هذه المشاركة لا تزال ضعيفة، ويظهر ضعف تمثيل المرأة ومشاركتها في الحياة السياسية، من خلال ضعف تمثيلها في الحكومات والبرلمان والنقابات والأحزاب السياسية.

وترجع مشاركة المرأة في الهيئات الحكومية إلى قرارات عليا نصت على ضرورة تمثيل المرأة في الحكومات وفي الهيئات المختلفة.

إن مناقشة واقع المرأة ودور المجتمع المحلي في دعم المرأة العربية وتعزيز دورها في العمل البرلماني يقودنا بالضرورة إلى مناقشة عدد من المفاهيم منها:

- المساواة: تعني تشابه العلاقة في مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وبالتالي عدم استحواذ الرجل على مصادر القوة الاقتصادية (الملكية) والسياسية (القوة واتخاذ القرار).

- التجانس وأنواعه (الجندر):

- التجانس البيولوجي: وهو النظر الى المرأة كجنس بيولوجي (ربة منزل) دون مشاركة في الحياة السياسية والبرلمانية والمجال العام، سواء في العمل أو الانتخاب أو الجمعيات والهيئات الخيرية.

- النوع الاجتماعي: وهو النظر إلى المرأة كفرد في المجتمع وفق دور يحكمه الزمان والمكان وبالتالي تكون شريكة للرجل، ويكون لكل منهما عمله ورغباته واتجاهاته، والعلاقة بين الرجل والمرأة تكون قابلة للتغير حسب المفهوم والثقافة السائدة.

- التنمية: وهي عملية تغير اقتصادي سياسي تهدف إلى:

- رفع مستوى الوعي التربوي والصحي والثقافي لدى جميع الأفراد والجماعات في المجتمع.

- العدالة الاجتماعية والمساواة بين الذكور والإناث، فالمرأة تقع تحت وطأة الأجر غير المتساوي للعمل.

- توزيع الموارد؛ فالمرأة لا زالت مهمشة وهي الضحية الأولى للبطالة.

- تحسين نوع الحياة.

- الاهتمام بالمجموعات المهمّشة والفقيرة، وتشكل النساء الغالبية من هذه النسبة.

- رفع مستوى الدخل لدى الأفراد.

- زيادة الدخل القومي وإعادة توزيعه.

- تفعيل مشاركة النساء.

- المشاركة: تشمل مجمل النشاطات التي تهدف إلى:

- التأثير على القرارات التي تتخذها الجهات المهمة في صنع القرار السلطات (التنفيذية، التشريعية، الأحزاب، الجمعيات). وتشمل هذه النشاطات:

- التصويت لانتخاب الممثلين والمشاركة في الحملات الانتخابية للمرشحين، ونشاطات المجتمع المحلي.

وبهذا يمكن تعريف المشاركة على أنها:

- السلوك المباشر والغير مباشر الذي بمقتضاه يلعب الفرد دورا في الحياة السياسية في المجتمع.

- قدرة التأثير على اتخاذ القرار وتحقيق الأهداف.

- نشاط يقوم به الأفراد بصفتهم الشخصية بهدف التأثير على صناعة القرار.

- سلوك، وليست مجرد اتجاهات المواطن نحو السلطة.

- التمكين: هو العمل الجماعي في المجموعات المهمشة لمواجهة العقبات والتمييز التي تقلل من أوضاعهم وتصادر حقوقهم. وتمكين المرأة من اتخاذ القرار والمطالبة بالحصول على الحقوق والخدمات وهذا مرتبط بعملية التنمية.

العوامل المحددة لمشاركة المرأة العربية

وجود المرأة في المواقع القيادية، أو إصدار القوانين والتشريعات ليست هي العامل الرئيسية بقدر ما هي اقترانا بالعوامل التي تحدد المشاركة ومن ضمنها:

1 - الحالة الثقافية: دور الثقافة السائدة من منظومة القيم والمعتقدات والاتجاهات التي تؤثر في السلوك.

2 - التنشئة الاجتماعية: يلعب الموروث الاجتماعي والقيم الاجتماعية والمعدات دورا تتناقله الأجيال.

3 - الإرادة السياسية لصانع القرار، تكتسب أهمية خاصة من خلال التشريعات والقوانين وتفعيلها.

4 - المنظمات النسائية وضرورة تفعيلها.

5 - القدرات الشخصية والكفاءة والخبرة.

6 - الأحزاب السياسية حيث أن نسبة المشاركة فيها متدنية جدا.

التمكين بمعناه المبسط يعتمد على توسيع طاقات الفرد والجماعات وبالتالي توسيع الخيارات وبالتالي رفع سقف الحرية، ولكن هناك علاقة بين الخيارات المحدودة والفقر مثلا فما قيمة إن تملك الحرية في شراء دواء ولا يوجد معك قرشا مثلا.

كان لا بد من توضيح هذه المفاهيم للحديث عن مؤسسات المجتمع المحلي عموما، والهيئات النسائية على وجه الخصوص، ودورها بالغ الأهمية في صياغة الخطط والبرامج التي من شانها أن تدعم حضور المرأة في الحكم المحلي.

المجتمع المدني

المجتمع المدني هو نقيض المجتمع العسكري، وهو مستقل في تنظيم حياته المدنية. وقد ارتبط المجتمع المدني بالمجتمعات الديمقراطية الانتقالية، كما أنه جاء ردّا على سلطة الحزب الواحد الحاكم بإيجاد مرجعية اجتماعية خارج الدولة. وتضمن المجتمع المدني ما يلي :

- التشديد على الفصل بين الدولة ومؤسساتها والمجتمع ومؤسساته المجتمعية .

- ينطوي على المشاركة الطوعية للأفراد في العمل الجماعي.

- يتطلب وجود تعددية سياسية تضمن حق هذه الجماعات في الإعلان والتعبير عن نفسها وحقها في المشاركة السياسية.

- يتكون المجتمع المدني من النقابات المهنية والعمالية والجمعيات النسائية والاتحادات والأندية الثقافية والأحزاب السياسية.

تستطيع المرأة من خلال مؤسسات المجتمع المدني تطوير ذاتها ومواجهة مهامها والنهوض بواقعها وتطوير أوضاعها وبلورة مفهوم المواطنة لديها.

كيف تمكن منظمات المجتمع المدني المرأة؟:

- تشجيع المشاركة .

- إدارة العملية الانتخابية من خلال المناظرات والمحاضرات والندوات.

- مراقبة العملية الانتخابية من خلال الجمعيات ذات الاختصاص.

- توعية المرأة حول حقوقها السياسية.

- التشجيع على القيام بحملات التوعية للسكان خاصة أهمية التصويت.

- تنظيم الحملات لتشجيع الناخبين على تسجيل أنفسهم في السجلات الانتخابية.

العوامل المساعدة في تمكين المرأة:

- المشاركة في عملية الانتخاب والترشيح.

- تنمية الوعي في معرفة آليات العمل الانتخابي.

- الاهتمام بتحقيق التوازن بين المرأة في الريف والحضر.

- أن تبذل الهيئات النسائية جهدا في إسناد المرأة ودفعها للمشاركة.

- الاهتمام بالمستوى التعليمي للمرأة كأداة يمكن من خلالها إحداث عملية التغيير الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وبالتالي منح المرأة سلطة إضافية داخل الأسرة، لذلك فإن إقبال المرأة ومتطلبات مشاركتها في العمل السياسي شهد تطورا إيجابيا للأسباب التالية:

نمو الوعي الاجتماعي وارتفاع المستوى التعليمي.

تطور التجربة الديمقراطية ومؤسساتها.

دور مؤسسات المجتمع المدني المتنامي.

زيادة مشاركة المرأة في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية.

وبناء على ما تقدم، يمكن القول أنه وعلى الرغم من أهمية دور المرأة في الحياة السياسية، وشمولية هذا المفهوم،إلا أن الملاحظ للمراقب أن سلطة الرجل ما زالت تؤثر على قرار المرأة، ولتلافي ذلك لا بد من توعية المرأة سياسيا بالمعنى الواسع للتعبير، بما يكسبها احتراما لمواطنتها ودورها وثقة بقدرتها على الفعل والتغيير، كذلك لا بد من التوعية الانتخابية وتوعيتها أيضا بالفرص التي تمنحها لها العملية الديمقراطية لفرض خياراتها الحياتية الخاصة بها والتحرر من عبوديتها في الخيار والقرار، إضافة إلى التوجه إلى القضاء على الأمية عند النساء في التعليم من جهة وفي الوعي لحقوقها القانونية والسياسية والاجتماعية من جهة أخرى، كما تتحمل الأحزاب دورا في التصدي لنظرة الموروث المتمثلة بمعاملة المرأة على أنها الأضعف في شتى نواحي الحياة، كما لا بد من وضع آلية مبرمجة تؤمن القدرة على اختراق بعض العادات والأعراف والتقاليد لتبديد المفاهيم الخاطئة عن مكانة المرأة ودورها في البناء والتطور، وهذا يستدعي وضع إستراتيجية مستندة إلى الحجج العقلية لمواجهة العقلية الرجعية التي رسخت في الأذهان.

* كاتب وباحث – الأردن، والمقال ينشر بالتعاون مع «مشروع منبر الحرية www.minbaralhurriyya.org»

إقرأ أيضا لـ "منبر الحرية"

العدد 2694 - الأربعاء 20 يناير 2010م الموافق 05 صفر 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 9:33 ص

      فلورة جون البرتو

      اقول ان حرمان المراة من ممارسة اى امل فى المجتمع يمثل عنفا اقتصايا لذا مشاركتها فى العمل السياسى مهم جدا

    • زائر 1 | 3:16 م

      الكاتب الداعم للمراءة ابو السعيد من فلسطين س1967

      ومن مقا مي هذا اطلب بضرورة التزام القانون الدولي لضما ن حماية حقوق النساء واحث المجتمع الدولي لضما ن حقوق النساء وعلى مواصلة ايلا ء.
      ومشاركة المراءة وتوفير الداعم والمساندة بما يسا هم في تعزيز وصولها لمراكز صنع القرار.
      الكاتب الداعم للمراءة ابو السعيد من فلسطين س1967
      تشرفت بمروري لكم

اقرأ ايضاً