أوضح مؤشر البنك الدولي للاقتصاد المعرفي للعام 2009، أن البحرين احتلت المرتبة 49 عالميا، وهي المرتبة ذاتها التي احتلتها في العام 2008. وبحسب المؤشر ذاته، فإن مرتبة البحرين عربيا صعدت درجة واحدة؛ اذ كانت الرابعة عربيا، واصبحت الثالثة (بعد قطر والإمارات).
وكان مؤشر الاقتصاد المعوفي في العام 2008م قد أوضح ان البحرين احتلت ايضا المرتبة 49 عالميا (والرابعة عربيا).
ويقيس مؤشر الاقتصاد المعرفي مرتبة كل بلد من خلال تقصي أربعة أبعاد أساسية وهي: الحوافز الاقتصادية - المؤسسية، التعليم، الابتكار والإبداع، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وفي حين حققت البحرين مرتبة متقدمة في البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فإنها مازالت متراجعة في مؤشر الإبداع.
وأرجع الخبير الاقتصادي، جعفر الصايغ، في تصريح لـ «الوسط»، أسباب مراوحة البحرين في مكانها باحتلالها المركز ذاته في العام السابق، إلى أنه ما لم يكن توافر تكنولوجيا المعلومات بالتوازي مع النمو الاقتصادي، بافتراض أن يكون اقتصاد المعرفة مدفوعا بعوامل الانتاج التقليدية، فإن الدول لا تتقدم خطوات في المؤشرات الدولية الحالية. البحرين تعاني من ضعف في هيكل توافر المعلومات، وليس مطلوبا منها أن تقف في الدرجة التي حققتها. هنالك انعدام في الشفافية من جهة تدفق المعلومات، ولهذا وضمن هذا المؤشر البحرين تراجعت.
وأوضح الصايغ، أن استخدام مفهوم ومصطلح الاقتصاد المعرفي، يراد منه تأكيد أن المعرفية هي المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي، وعادة ما تكون اقتصادات المعرفة محركا من بتوافر تكنولوجيا المعلومات والابتكار والرقمنة، ما يجعلها تلعب دورا جوهريا في نمو الاقتصادات.
وفي سؤال بشأن أن البحرين حققت تقدما في مؤشر تكنولوجيا المعلومات والتعليم إضافة إلى الحوافز الاقتصادية – المؤسسية، ومع ذلك تراجعت في مؤشر الابتكار والإبداع، قال، إن الموارد البشرية المؤهلة والمدربة تدريبا عاليا، يجب أن تدخل ضمن اقتصاد المعرفة، وتدعم الاقتصاد عموما. المعرفة غضافة غلى الموارد البشرية هي أكثر الأصول قيمة في الاقتصاد الحديث، لكن إذا انعدمت الشفافية بتوافر الأوليْن أنت هنا تعاني من نقص في المعلومات. ثقافة الحجب والمنع هي التي تؤدي إلى مثل هذه النتائج عند تفحص المؤشرات وتفصيلاتها.
من جانبه علق الخبير الاقتصادي البحريني، أكبر جعفري، على ترتيب البحرين في مؤشر البنك الدولي قائلا: «إن مجمل المؤشرات مريحة، ولكنها غير مرضية، لأن توقعاتنا كانت أكبر، بحيث تحتل البحرين مراكز أكثر تقدما على المؤشر» مضيفا «أن هناك إنجازات كثيرة، لكن ما نحتاج إليه هو هيكلة التعليم كليا. ويجب الحد من التجارة في التعليم. الخصخصة مرغوبة، لكن المتاجرة بالتعليم لا تخدم العملية التعليمية إطلاقا. علينا أن نخرج بمعايير شديدة، لأنه بالتعليم ترتقي أمم، ومن دونه تسقط وتتهاوى. نريد حضورا للحكومة. أن نعود إلى التعليم المجاني الجاد وبمعايير عالمية».
وفيما يتعلق بمؤشر الابتكار والإبداع، أوضح جعفري، بأن «الرقم يشير إلى تراجع، وهذا أمر طبيعي، لأن الابتكار غائب؛ إذ ليست هناك مؤسسة تتبنى وترعى المبدعين. هناك اجتهادات شخصية. لدينا مواهب وكفاءات بحاجة على المساندة والدعم. والدول العربية عموما لا تستثمر في مجال الابتكار والإبداع، وهي تسجل أدنى المعدلات في هذا الجانب برقم متواضع جدا هو 0.14%، وهو من أقل المعدلات في العالم. أكرر نحن بحاجة إلى مؤسسة تتبنى الإبداعات والابتكارات. على سبيل المثال أنا لدي 5 من الشباب لديهم أفكار باستطاعتها أن تُترجم إلى سلع وأدوات، ولكنني شخصيا تعبت في محاولة لمساندتهم». مردفا «على مجلس التنمية الاقتصادية فتح باب لهذا الجانب. كثير من شبابنا يعملون في فراغ، وهؤلاء بحاجة إلى مساندة من خلال التعاون مع المصنعين وأصحاب المؤسسات».
ورد على سؤال بشأن الجهة الرسمية المعنية بتسجيل براءات الاختراع، والاحصاءات إن وجدت، قال: «لا توجد إحصاءات لدي. ما أريد قوله أن وزارة الصناعة والتجارة ليس لديها آلية فعالة لتسجيل الاختراعات والبراءات، فالعمل الذي تقوم به لا يتجاوز الأعمال الإدارية».
وعن أسباب التراجع، في بعض المؤشرات، وعما إذا كان بسبب غياب الشفافية، والحجْر على المعلومات والأرقام، أوضح جعفري أن «الشفافية في أجوائنا غير مفضلة ومحبذة. كلما نشرنا الأرقام كلما وعى الشعب. هناك أرقام يتم حجبها من دون أن تشكل أي تهديد أمني لعدم حساسيتها ومع ذلك نحجب، ويبدو في موضوع الحجب أن هناك شخصنة من جانب الحاجب للمعلومة. طرح الأرقام والمعلومات بشجاعة يوفر علينا الكثير من المشكلات. بل من الشرف لنا أن نعلن أرقامنا وإحصاءاتنا وإن كانت غير مرضية، على الأقل سنقف على المشكلة ومن ثم نبادر إلى وضع الحلول لها، وذلك يدل على وجود مشكلة، بينما إذا ذهبنا في الاتجاه المعاكس لنشر المعلومات والأرقام فكأننا نقول بألا مشكلة لدينا. على سبيل المثال لا توجد إحصاءات دقيقة عن الفقر. مثل هذا الغياب للاحصاءات قد يدفع كثيرين إلى استغلال الوضع وربما تضخيم الأرقام والمبالغة فيها، ما يؤدي على الإساءة إلى البحرين. ولدينا خبرة سابقة أثبتت نجاحها فيما يتعلق بالبطالة. لم تكن الإحصاءات واضحة ومعروفة، مجرد تخمينات. كل شيء غير معروف عن هذا الملف من الجانب الرسمي سابقا، لكن حين حدث الانفتاح استطاعت الدولة أن تقلص مؤشر وأرقام البطالة كما نراه اليوم».
وفيما يتعلق بمؤشر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، قال جعفري: «فيما يتعلق بالـ ICT الحكومة خطت خطوة جبارة. لكن ما نحتاجه في الوطن العربي هو الاستدامة وتقديم المبادرات.
وقد يكون تحقيق البحرين لمؤشرات جيدة في الحوافز الاقتصادية - المؤسسية، عائدا إلى ارتفاع الدخل نتيجة ارتفاع أسعار النفط، وهو العامل الأساسي في رفع ترتيب البحرين كما دول الخليج الأخرى.
وفيما يتعلق بمؤشر الابتكار - الإبداع، قال الأستاذ المساعد بقسم الهندسة الكهربائية والالكترونية بجامعة البحرين، أسامة البحارنة، في وقت سابق، إن البنك الدولي يقيِّم مجال الابتكار والإبداع عن طريق عدة مؤشرات منها: عدد براءات الاختراع المسجلة في مكتب تسجيل براءات الاختراعات الأميركي (USPTO) للمقيمين في البلد. عدد البحوث العلمية المنشورة عالميا من باحثين مقيمين في الدولة. المبالغ المدفوعة من قبل المؤسسات العالمية لحقوق استخدام البراءات وحقوق التأليف والعلامات التجارية والامتيازات التجارية، والتقنيات الصناعية المسجلة محليا. الاستثمار الأجنبي في الاقتصاد المحلي، وقيمة استيراد وتصدير المواد المُصَنَّعة. من هنا تكمن أهمية تسجيل براءات الاختراع ليس محليا فقط ولكن أيضا عن طريق مكتب تسجيل براءات الاختراع الأميركي. يوجد مكتب لتسجيل براءات الاختراع تابع إلى وزارة التجارة ولكن يجب أن يتابع هذا المكتب تسجيل البراءة نفسها مع المكاتب العالمية في أوروبا وأميركا ليحظى الاختراع بالاعتراف الدولي المناسب. ولكن، ليس من الممكن زيادة عدد البراءات المسجلة من دون استثمار استراتيجي مباشر في بنية تحتية علمية وبحثية حديثة ومتطورة يكون متلازما مع قرار ورغبة حقيقية للدولة في تطوير هذا القطاع وتشجيع الاستثمار فيه.
العدد 2693 - الثلثاء 19 يناير 2010م الموافق 04 صفر 1431هـ