بين عشية وضحاها أزيل ذلك المبنى الجميل الذي كان لائقا للعروض الفنية والمسرحية الكبرى وفي موقع مناسب يتسع لمئات السيارات. كانت وزارة الإعلام قد اشترته وحولت تلك «السينما» إلى مركز لعروضها الرسمية فاستطاعت بذلك ضرب عصفورين بحجر واحد: الأول أنها أنقذت أصحاب السينما الذين خسروا بسبب ضعف الإقبال على الأفلام السينمائية بعد ظهور الفضائيات وأفلام الفيديو والبدائل الأخرى، والثاني أن الوزارة استفادت من هذا المبنى الذي كانت بحاجة إليه فعلا فبدلا من وجع القلب والتطويل والأخذ والرد لبناء دار للعرض تحتاج إقامته إلى عدة سنوات، تم الحصول عليها جاهزة متكاملة مثل ما يحصل في عملية التجنيس إذ يأتي المواطن من الخارج كاملا ولا يحتاج إلى المرور بمراحل الطفولة وما بعدها حتى يكبر!
سألتني رئيسة قسم الدراسات بوزارة العمل الشيخة حنان آل خليفة خلال إحدى الفعاليات الثقافية بمركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث عن سبب إزالة هذه الدار الفخمة للعروض الفنية والمسرحية، قلت: حسبما علمت فإن السبب الشرعي الذي سمعته هو أن السقف كان يسرب ماء أثناء هطول المطر، فقالت باستغراب: «بس؟»، وتساءلت: هل تتوقع أن تصليح السقف بالاستعانة بشركة متخصصة من شركات «الووتر بروف» كان يكلف الملايين؟ قلت: ولا حتى 20 ألف دينار.
فسكتت عن الكلام، وكان في ذلك أبلغ جواب وهو أن المال العام يتوزعه متنفذون من دون إحساس أو خجل.
ثم قالت الشيخة حنان: «والقصر إش بلاه حتى إيزولونه؟» وهنا تجاهلت سؤالها وسكت كما سكتت شهرزاد عن الكلام المباح عندما أذّن الديك، فالخوف عقد لساني وغيرت الموضوع، فهناك موضوعات لا تمس ولا تنتقد وأنا شخص بائس فقد ظللت عاطلا بعد عودتي من الإمارات 20 عاما. لذلك «غاورت» كما يقول أهل القرى وغيّرت الموضوع وسألتها: متى ستبدأ المحاضرة؟ فعلى رأي المثل الهولي: «هرجا خرسن جاكه ترسن»: المكان الذي يوجد فيه الضبع يخافه الإنسان
العدد 519 - الجمعة 06 فبراير 2004م الموافق 14 ذي الحجة 1424هـ