يبدو أن عملية «فصحنة» قد أجريت على المثل الشعبي الذي يحمل الكلمات والمعاني ذاتها، وهي أن من أولج نفسه في مكان ما، فعليه أن يتحلى بالشجاعة ليواجه تبعات ما أقدم عليه بنفسه، عن طيب خاطر وعن قناعة.
فأحد الزملاء الكتاب، في صحيفة زميلة ضج بما ألقاه أحد خطباء المساجد (كما ادعى) من التعريض به بالاسم، وإقحام أهل الكاتب في الخطبة بشكل مزرٍ لا يقبله الذوق السليم، فضلا عن التعاليم الإسلامية.
فكان الرسول (ص) عندما يريد أن يذكر عيبا ما أو أمرا ما يقبح فعله، كان يقول: «ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا...»، ولم يكن يصرح بالاسم.
إلا أن الزميل الكاتب لم يذكر أنه من بادر بدق الباب بدأبه في كتاباته على تجريح وتشويه أية فكرة تنطلق من جماعات من المتدينين، ولا يتردد من وصفهم بـ «الظلاميين» و«المتخلفين» وغيرها من الصفات التي لا تترك للتفهم مجالا، والطرح الذي ليس وراءه إلا استثارة أصحاب الآراء المتشددة وليس القصد منها الوصول إلى تصحيح النظرة أو إفساح المجال لحوار ينساب، رقيقا محترما راقيا بين أطراف الاختلاف الفكري.
في السنوات الثلاث الماضية، حينما بدأ كلٌ يعبر عن جذوره الفكرية بشيء من الطلاقة، كنا نستغرب دائما من الفجوة الواقعة بين قيادات التيارات من قدرتها على ضبط أعصابها وألسنتها ولجم أقلامها سياسيا، وبين قواعدها التي غالبا ما تتصف بالرعونة.
الأغرب من هذا أن يبدي مسئول إعلامي رفيع تأييده لهذا النوع «المتشنج» من الكتابات، وذلك بإعلان سعادته عن قراءة مقال «يسفّه» فكر جماعة من المواطنين، وذلك بدلا من أن يدعو إلى تكثيف الحوار الذي يرقى بالمجتمع، والخالي من محاولة تكسير الكرامات
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 519 - الجمعة 06 فبراير 2004م الموافق 14 ذي الحجة 1424هـ