بعض وزاراتنا مصابة بالكساح والشللية لأن التوظيف عادة ما يكون للأنساب والأصحاب. ضحكت كثيرا وأنا أقرأ أسماء الموظفين في بعض وزاراتنا، فبالاضافة إلى العائلة المحترمة التي يتكرر اسمها ما بين اسم وآخر من القائمة تجد الأخ بجوار الأخ ومعهم أيضا زوجة الأخ، وتفاجأت بوجود زوجة الابن الأول، وزوجة الابن الثاني. فقلت: يا لطيف الطف بنا فعائلة الحاج متولي كلها موجودة ومدير التوظيف - سامح الله مديري التوظيف عما فعله غالبيتهم من كوارث نسبية جعلت مؤسساتنا تمشي بعكازين - تارة يفعل ما يؤمر وفي أحيان كثيرة يجتهد في التوظيف انطلاقا من الحديث «الأقربون أولى بالمعروف» حتى لو كان الأقربون صعاليك فاشلة.
بعض الوزارات تجد مسئولين «يا دوب» أكملوا الثانوية وعلى رغم ذلك يُقدَّمون في كل شيء. في حين يعمد مدير التوظيف إلى إلقاء طلبات التوظيف في سلة المهملات متذرعا بأن ديوان الخدمة المدنية يفرض قيودا عليهم كما حدث مرارا لخريجات الخدمة الاجتماعية اللاتي ذهبن ضحية وزارتي التربية والعمل وغيرهما من الوزارات... كل وزارة تضرب على صدرها عبر فزعات إعلامية ولكن على الأرض لا ترى شيئا.
إن هؤلاء الخريجات مازلن يعانين من تسويفات الوزارة. اجتمعت بهن ذات يوم وزارة التربية لكن الوزارة لم تقدم لهن شيئا، فالوزارة ألقتها على ديوان الخدمة المدنية، وديوان الخدمة يلقيها على الوزارة. القضية يا جماعة قضية طائفية بحتة، لا يراد فيها لهؤلاء الخريجات أن يوظفن. طبعا الوزارة لا تستطيع أن تقدم شيئا، ما تستطيع تقديمه هو ارسال ابن الوكيل ذي المعدل الهابط للدراسة في بريطانيا في بعثة لدراسة «البزنس».
من يقترب ويقرأ طرق التوظيف في وزارة التربية ويرى الأسماء يخالها احدى جمعياتنا الإسلامية؛ فالرفاق كلهم موجودون والحمد لله لكنها توصد أبوابها في وجه الخريجات.
والسؤال: هل تستطيع الوزارة أن تكشف عن أسماء أول دفعة من خريجات الخدمة الاجتماعية اللاتي تم توظيفهن، وعن معدلاتهن الجامعية؟ ولا أعلم ما السر في سكوت النواب عن مثل هذه المهازل!
لو نظرنا إلى أسماء الموظفين إداريا ومن تمت ترقيتهم سنصاب بالذعر، وكأن هذه الوزارة حكر على جماعة معينة، والمأساة في ازدياد. بالأمس طالبت نبيل العسومي بالاجابة عن اسئلة دقيقة عن المعايير للترقيات في وزارة التربية: كيف تتم؟ من المسئول عن التوظيف؟ من وراء إجهاض أية محاولة لتوظيف خريجات الخدمة الاجتماعية والحاسوب وغيرها؟ من المسئول عن وضع أسماء المديرين والمديرين المساعدين؟ من يقيّم اختيار أسماء المدرسين الأوائل؟
كل يوم نسمع أن لا طائفية في هذا البلد والارقام والاسماء تذهل الجميع، المحسوبيات وغيرها! أنا أطالب جمعياتنا بالضغط بنشر الاسماء والارقام عن حالات التمييز البغيضة التي تحدث لنا في كل الوزارات بلا استثناء - وخصوصا وزارة التربية لكوني هنا أتكلم عن التربية - فيجب فتح هذه الملفات على مصراعيها.
لقد صبر الناس سنين وهم يعانون الأمرين من سياسات الاقصاء والتمييز، وقد تسرب ذلك حتى الى مصارف بأكملها. وما تعيشه اليوم خريجات الخدمة الاجتماعية هو جزء من هذه السياسة التي لم يأكل منها الناس الا مزيدا من الاحتقان. أطالب المسئولين بإعادة النظر في سياسة وزارة التربية وبقية الوزارات. على وزارة التربية أن تخرج مما هي فيه... فإما أن تكون وزارة الى جميع المواطنين أو تقبل بأن تكون في نطاق جمعية هنا أو هناك. وإذا كانت الوزارة تقول إن ما نطرحه كلام ليس دقيقا فأنا على استعداد للمرة العاشرة لعقد مؤتمر صحافي مباشر مع أكبر مسئول في الوزارة للتحدث عن كل الاشكالات المطروحة وسأطرح ما عندي... فهل الوزارة على استعداد أم ستبقى صامتة؟ بناتنا الخريجات العاطلات ذهبن ضحية التمييز ولابد من قرار سياسي يحل الازمة ولسنا ملامين إن أوصلنا القضية الى الخارج
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 519 - الجمعة 06 فبراير 2004م الموافق 14 ذي الحجة 1424هـ