تمتلك البحرين احتياطيا ماليا ملفتا للنظر ومن الضروري بمكان استخدام هذه الأموال في مشروعات مربحة والأهم من كل ذلك المحافظة على الأموال للأجيال القادمة.
تشير إحصاءات صندوق النقد الدولي وبالتحديد نشرة انترناشونال فايننشيال ستاتيستكس International Financial Statistics لشهر فبراير/ شباط الجاري إلى أن احتياطي البحرين بلغ 1,764 مليون دولار أي 665 مليون دينار بحريني وذلك في نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2003. ويمثل هذا الرقم زيادة قدرها 14 مليون دينار مقارنة مع بداية العام الماضي.
يتركز أكثر من 94 في المئة من الاحتياطي العام من القطع الأجنبي إلا أنه لا يوجد تفصيل عن نوعية العملات ولكن يعتقد أن نسبة كبيرة منها من نصيب الدولار على اعتبار أن الاقتصاد البحريني مرتبط بالعملة الأميركية وبالخصوص صادرات البلاد من النفط و الألمنيوم والبتروكيماويات. إن في الواقع الدينار مرتبط بالدولار الأميركي إذ إن هذا الارتباط يوفر ضمانا للمستثمرين. إلا أنه بالمقابل يلزم البحرين بتبني أسعار الفائدة المعمول بها في أميركا بغض النظر عن الظروف الاقتصادية عندنا. ويجب تأكيد أن الاحتياطي لا يشمل ما تحتفظ به البحرين من الذهب ولاشك أن المبلغ الكلي سيرتفع في حال إضافة قيمة الذهب.
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة تمكنت في السنوات القليلة الماضية من زيادة حجم الاحتياطي العام وذلك على خلفية ارتفاع أسعار النفط وضبط المصروفات. على سبيل المثال ارتفعت الإيرادات الفعلية لموازنة العام 2002 بواقع 352 مليون دينار مقابل تدني حجم المصروفات بمبلغ قدره 15 مليون دينار في السنة نفسها. كانت المحصلة بالطبع شبه القضاء على العجز المتوقع.
لاشك أن تعزيز الاحتياطي من شأنه الحفاظ على سلامة الوضع المالي للبلاد والمساهمة في حصول البحرين على تسهيلات مالية بشروط ميسرة نسبيا. ويعتقد أن تعزيز حجم الاحتياطي كان له تأثير ايجابي في حصول البحرين في الفترة الأخيرة على تقييمات متطورة من قبل هيئات التصنيف الدولية. ساهمت سياسة الحد من المصروفات بدورها في حصول البحرين على ملاءات مالية مرتفعة من قبل مؤسسات التصنيف الدولية ومن بينها مؤسسة ستاندرد أند بورز وكذلك موديز الأميركتين إضافة إلى مؤسسة فيش البريطانية. جميع هذه المؤسسات منحت البحرين تصنيفا متطورا لقاء عدة أمور من بينها ضبط المصروفات.
تعتبر سياسية الحد من المصروفات سلاحا ذا حدين. يتمثل الجانب الإيجابي في عدم تراكم العجز والحصول على ملاءات مالية ممتازة، إلا أن الامتناع عن القيام بمشروعات جديدة لا يساعد بالضرورة في القضاء على التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد، وخصوصا البطالة. إذ كشفت دراسة لمؤسسة ماكينزي الأميركية أن ما يقارب من عشرين ألف مواطن من دون وظيفة وأن الرقم مرشح للتصاعد في السنوات القليلة المقبلة، إلا إذا تبنت الحكومة سياسة اقتصادية ناجحة. أعتقد أن تحريك الاقتصاد يتطلب القيام بمشروعات ضخمة مثل الفورمولا 1.
باختصار يمثل الاحتياطي العام الموجود في صندوق النقد الدولي غطاء لعدة أمور حيوية منها النقد المتداول والواردات. يغطي الاحتياطي واردات البحرين لأكثر من أربعة أشهر. ونظرا إلى حساسية المسألة فإن من واجب الحكومة المحافظة على أموال البلاد، وخصوصا في ضوء المعلومات التي كشفها الإخوة في البرلمان عن تجاوزات مالية في الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية والهيئة العامة لصندوقي التقاعد «المدني والعسكري»، إذ كشف تقرير للجنة البرلمانية المختصة عن حدوث تجاوزات في مجال الاستثمارات والقرارات السيئة وفقدان الانضباط الإداري. من غير الإنصاف بالطبع الاستفادة من الاحتياطي العام للبلاد لتغطية المشكلات المالية للهيئتين
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 519 - الجمعة 06 فبراير 2004م الموافق 14 ذي الحجة 1424هـ