سجلت الصحف العربية واللبنانية يوما تاريخيا للبنان بعودة أسراه أحرارا، إذ حقق «حزب الله» انتصارا أجمع المراقبون على اعتبار انه لا يقل أهمية عن تحرير الأرض في العام 2000، بل يعتبر استكمالا لخطوة التحرير، على أمل أن تتم الخطوة التالية في المدى الزمني المنظور من خلال انسحاب «إسرائيل» من مزارع شبعا وإطلاق عميد الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية سمير القنطار ورفيقيه يحيى سكاف ونسيم نسر، بحسب ما أكد أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله، في خطبة الاحتفاء بالعائدين إلى أرض الوطن... لكن الحدث أثار أكثر ما أثار، أسئلة تكررت في أوساط المعلقين العرب، معظمها يدور حول مستقبل «حزب الله» بعد أن أدّى قسطه للعلا... وهو ما أشار إليه رئيس تحرير صحيفة «السفير» (اللبنانية) جوزيف سماحة، حين سخر من المستعجلين الذين تقتضي اللياقة منهم الابتسام فحسب لـ«حزب الله» لكنه رأى ان السؤال الذي يجب على اللبنانيين طرحه على أنفسهم هو الآتي: أي لبنان في ظل توطد الهيمنة الأميركية على المنطقة في لحظة رعايتها للتوسعية الإسرائيلية في الأرض العربية والتصميم على الإبادة السياسية للشعب الفلسطيني؟ وأجاب سماحة، بأن المصلحة اللبنانية هي البقاء في المعسكر المستهدف لأن ثمن ذلك هو بالتأكيد أقل من ثمن الانتقال القسري إلى الضفة الأخرى... وقد يكون هذا ما لاحظته «الحياة» (اللندنية) من ان بيروت، ومعها عواصم عربية، عاشت ما يشبه السباحة ضد التيار في مسار النزاع العربي الإسرائيلي، ساعات زهو واحتفال. وتوقعت أن يترك المشهد بصماته في أكثر من مكان لافتة إلى ان عودة الأسرى تكرّس نصر الله رقما صعبا ليس في المعادلة اللبنانية وحدها بل على مستوى النزاع المفتوح في المنطقة مع كل ما يمكن أن يعنيه اضطلاع البلد الصغير بدور كبير يفوق حجمه وطاقته. وأشار ساطع نور الدين في «السفير» إلى ما يطرح من أسئلة من جانب زملاء أجانب عن صفقة التبادل. وسخر من ان بعض الأفراد وصلوا إلى مرحلة السؤال عما إذا كان أمين عام الحزب حسن نصر الله قد يترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية. وإذ لفت نور الدين، إلى ان معظم الأسئلة مستوحاة من الكتابات الإسرائيلية التي استنتجت وبما يشبه الإجماع والتمني ان صفقة الأسرى هي الأخيرة التي يوقعها «حزب الله»، شدد على ان صفقة الأسرى قد تكون مناسبة لتجديد الحزب وترسيخ وطنيته اللبنانية التي لم تخضع في أي يوم من الأيام للتشكيك. فيما أجابت «الشرق» (اللبنانية) في «مانشيت» حين عنونت: «الصفقة تحققت ولم يتغير حزب الله» ودليلها التهديد الذي ورد على لسان أمين عام الحزب السيد حسن نصر الله عندما لوّح بأسر جنود إسرائيليين في خطاب استقبال الأسرى. لكن هناك من انتقد الخنوع أمام الدولة العبرية وقالت «القدس العربي» (الفلسطينية) انها «فرحة مزدوجة وسط الظلام العربي» فيما اعتبرت «الوطن» (القطرية) أن النهج الأوحد الملائم للتعامل مع «إسرائيل» هو نهج المقاومة المسلحة وما عداه باطل وغير مجد... وانتقدت السلطة الفلسطينية لأنها لم تدرك أو لا تريد أن تدرك المغزى الحقيقي للتنازل الإسرائيلي أمام المقاومة اللبنانية.
استعادة الشهداء الأحياء
ولاحظت «النهار» البيروتية انه وسط «انفجار» شعبي لا نظير له عاد الأسرى اللبنانيون المحررون فبدا الحشد الشعبي حدثا يوازي في أهميته المواقف التي أطلقت في الاستقبال. ورأت أن الجو الشعبي المحتشد مع انفجار المشاعر ورؤية الأسرى العائدين غارقين في دموعهم ودموع ذويهم وأحضانهم، كان أبلغ من كل شيء. كما رأت ان هذا الحدث الذي هزّ مشاعر اللبنانيين وأطلق تفسيرات شتى عما إذا كانت له أبعاد تتجاوز عملية تبادل الأسرى، أقام البارحة عيدا حقيقيا. وبارك صاحب «السفير»، طلال سلمان، للوطن استعادة شهداءه الأحياء... معتبرا ان النصر ليس في مستوى الاستحالة... راجيا أن يجد هذا النصر من يستثمره ومن يكمل به النهج إلى تحرير الأرض والإنسان عربيا... واعتبر ان أمين عام حزب الله السيدحسن نصرالله هو قائد عربي من نوع فريد. وسخر رئيس تحرير «السفير» جوزيف سماحة في مقال تحت عنوان «من هنا إلى أين؟...» من المستعجلين الذين تقتضي اللياقة منهم الابتسام فحسب لحزب الله. متوقعا أن نسمع معزوفة: كلنا مع الحزب والمقاومة، كلنا كنا مع تحرير الجنوب وإطلاق الأسرى، لكننا لا نريد لأحد أن يحل محل الدولة، أما شبعا فعلينا إثبات لبنانيتها، وأما سمير القنطار فالدبلوماسية تتكفل به. فشدد سماحة، على ان الصراعات الإقليمية مستمرة وضارية من فلسطين إلى العراق. وليس في وسع لبنان عزل نفسه عنها إلاّ بمعنى الانضمام إلى محور آخر. ولبنان معني فعلا بمنع «إسرائيل» من إلحاق هزيمة بالشعب الفلسطيني. وقال سماحة ان السؤال الذي يجب على اللبنانيين طرحه على أنفسهم هو الآتي: أي لبنان في ظل توطد الهيمنة الأميركية على المنطقة في لحظة رعايتها التوسعية الإسرائيلية في الأرض العربية والتصميم على الإبادة السياسية للشعب الفلسطيني؟ المصلحة اللبنانية هي البقاء في المعسكر المستهدف لأن ثمن ذلك هو بالتأكيد أقل من ثمن الانتقال القسري إلى الضفة الأخرى... حزب الله قد لا يستطيع لعب الدور الذي تدفعه الظروف والإرادة نحوه إلاّ بشروط من نوع آخر تدخل تعديلات على الصعد اللبنانية كلها...
نصرٌ على المحافظين الجدد
وشدد وليد شقير في «الحياة»، على انه مهما يكن المناخ الإقليمي بعد إتمام المرحلة الثانية من الصفقة، فثمة وقائع أخرى ستفرض نفسها بفعل عملية التبادل هذه ستزيد من صعوبات سياسة واشنطن في المنطقة. فهناك جيل عربي لن يستطيع أن يمحو من ذاكرته أن «حزب الله» تمكّن من إجبار «إسرائيل» على إخلاء أسرى لبنانيين وفلسطينيين وعرب لأنه استخدم نهج الممانعة في وجهها في وقت عجزت دول وأحجمت أخرى. وختم بالقول: ان الحزب حقق نصرا في «حرب الأفكار» التي يخوضها المحافظون الجدد في أميركا ضد المنطقة لأنه عزز ثقافة المقاومة. مؤكدا ان إعادة رمي قفاز الرهائن الغربيين الذين سبق أن احتجزوا في لبنان إبان الحرب لن تفيد في تسجيل انتصار على الحزب في هذه الحرب. وعنونت رباب الصدر شرف الدين (رئيسة مؤسسات الصدر وشقيقة الإمام المغيب موسى الصدر) في «النهار» مقالها «بِكُمْ وحدكم يحلو الوطن». وبعد أن رحبت بالمحررين جميعا، سألت كم من الزمان بقي لينكشف سر تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه. (علما بأن أمين عام حزب الله، طالب في خطابه ليبيا بجلاء قضية تغييب الصدر مؤكدا ان الرئيس الليبي معمّر القذافي يعرف الحقيقة). ورجت شرف الدين، تشكيل لجنة من الأسراء أنفسهم، وهم خبراء بعذابات السجون الصهيونية إن كانت في فلسطين المحتلة أم في ليبيا، تشكيل لجنة لأداء دور في تقصي قضية الإمام الصدر ورفيقيه وملاحقتها، وإبراز نواحي الإجرام في إيقاعها أخلاقيا وثقافيا وسياسيا ووطنيا، لتظهر بوضوح حقيقة الصورة التآمرية على الأمة من إيجاد نظام فيها مثل نظام الإجرام الليبي الحالي الذي يفجر هيكل الأمة من الداخل، وإن كان هذا النظام أخذ بإسقاط أقنعته، ومعبرا عن حقيقته. وسخر وليد الحسيني في «الكفاح العربي» (اللبنانية) معتذرا من المهزومين. فلبنان لم يقصد إقلاق «سلامهم» ولم يسعَ إلى زعزعة إيمانهم بالواحد الأميركي القهار. موضحا ان المقاومة اللبنانية غدرت بهم عن غير قصد عندما أنجزت انتصارا على «إسرائيل»، يهز صدقية هزائمهم، ويذكّرهم بما تعمدوا نسيانه من مسئوليات وطنية وقومية. ورأى انه يفترض أن تكون الحال الشعبية اللبنانية بعودة الأسرى إشارة ذات مستقبل في كل الاتجاهات العربية الرسمية. وختم الحسيني بالقول: البارحة، وفي بيروت، تذكرنا الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر الذي قال «ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة» وتوالت أمام أعيننا صور الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لندرك أن «القبلات» لا تطرد سجانا ولا تفتح سجنا.
السورية: فرحٌ وسط الظلام العربي
وسجلت معظم الصحف العربية الحدث لافتة إلى الاحتفالات الرسمية والشعبية التي استقبل بها لبنان أسراه، ووصفت «تشرين» (السورية) هذا اليوم بأنه «يوم المقاومة الوطنية اللبنانية». ورأت ان على العرب التدقيق والمراجعة والتأكيد بالصوت العالي على الاستمرار في دعم المقاومة الوطنية اللبنانية وكل أشكال المقاومة في الأراضي المحتلة.
وعنونت «القدس العربي» (الفلسطينية) «فرحة مزدوجة وسط الظلام العربي» ولاحظت ان فرحة تحرير الأسرى العرب الذين أفرجت عنهم السلطات الإسرائيلية في صفقة تبادل الأسرى مع حزب الله، تزامنت مع عملية استشهادية في مدينة القدس. معتبرة أن احتفالات تحرير الأسرى جاءت تعكس انتصارا لبنانيا، إلى جانب كونها تقدم درسا فريدا في فن التفاوض ورغم الإسرائيليين في النهاية على الرضوخ لمطالب حزب الله. وشددت على أن تحرير الأسرى، وفي هذا التوقيت بالذات هو هزيمة لشارون الذي ظل يتفاخر بتصلبه وتطرفه وقدراته على حماية الإسرائيليين. وشكر أمجد عرار في «الحياة الجديدة» (الفلسطينية) حزب الله وطالب بتوجيه الشكر إلى الحزب على موقفه المبدئي من قضية الأسرى الفلسطينيين قبل أن تتم محاكمة المسألة على أساس عددي أو وفق اعتبارات الحكم، مدته وكم تبقى، على رغم أهمية هذه الاعتبارات لدينا مثلما لدى «حزب الله». وشدد على ان الحزب نجح في كسر الموقف الإسرائيلي الذي كان رافضا من حيث المبدأ فكرة تبني حزب لبناني للأسرى الفلسطينيين. كما نجح الحزب في دحض الادعاءات الاستخبارية «الخارقة» لـ«إسرائيل» التي خطفت عبد الكريم عبيد ومصطفى الديراني، للحصول على معلومات عن طيارها الأسير رون آراد، وها هي بعد سنوات تنتظر مجرد معلومة من «حزب الله» لتدفع ثمنها. هذا علاوة على دلالات كون «حزب الله» طرفا في التفاوض، وهو الذي توجه إليه تهمة «الإرهاب» من قبل من فاوضوه قبل أن يرددها من يساندونهم ويجاملونهم في عالم القطبية الأحادية الغارق في بحر المصالح الفجّة على حساب كل شيء. واعتبر انه في كل الأحوال تفرض اللياقة والموضوعية أن نقول مثلما قال الكثير ممن لم يفرج عنهم من أسرانا: شكرا لحزب الله.
ألفُ تحيةٍ فلسطينيةٍ للمحترمين
كذلك فعل عدلي صادق في «الحياة الجديدة» (الفلسطينية)، فقد أصبح لافتا منذ سنوات، ذلك المستوى الاستثنائي عربيا للأداء الأمني والسياسي، لهذا الحزب اللبناني. وأشاد صادق، بأمين عام حزب الله حسن نصرالله. وتوقف عند خطابه الذي أعلن فيه إطلاق الأسرى. فلاحظ صادق، انه وللمرة الأولى في تاريخ الصراع، ترسو الخفة، ورغي الكلام، والتسريب، على الجانب الإسرائيلي لا على الجانب العربي. وفي واحدة من المرات النادرة، عربيا، تُمارس السياسة الأمنية، بحساب الدقائق والساعات والأيام القليلة. وللمرة الأولى، يُحسب حساب كبير للمفاهيم، ولمعاني الخطوات والأهداف، بمعايير محترمة، جعلت حزبا صغيرا بالقياس يتمسك بما تخلت عنه الدول المستقلة ذات الجيوش، وبما تخلى عنه، من يفترض أنهم الأهل تجاه أبنائهم. وختم مقاله موجها ألف تحية إلى نصر الله، معربا عن إعجابه بأداء نصر الله الأمني والسياسي وبلغته وشفافيته وبثقافته. كما شكر صادق، الأمين العام للحزب على تعاطفه العميق مع أهالي أسرى الحرية. لكن الوزير الفلسطيني السابق نبيل عمرو سأل في «الشرق الأوسط» (اللندنية) «لماذا لـ «حزب الله» وليس لمحمود عباس؟» وكتب: يتساءل الفلسطينيون، وهم يحتفلون باستقبال المئات من أبنائهم المحررين، ويستعدون لاستقبال أضعافهم في المرحلة التالية. من الذي حقق لهم بعض ما يريدون؟ حزب الله «المدان إسرائيليا بالارهاب»، أم أبو مازن، رجل السلام والتفاهم والحل، عبر خريطة الطريق والمفاوضات؟ وقال عمرو، انه حين يتساءل الفلسطينيون على هذا النحو، فإنهم يكونون قبل ذلك، استعرضوا حكاية الأسرى والمعتقلين مع حكومة أبو مازن. وخلاصة هذه الحكاية ان شارون لم يعطِ «رجل السلام» ما يعينه على مواصلة رحلة السلام، ولم يعطه ما دام لا يملك أسرى وجثثا، وما إلى ذلك من الأمور المهمة عند الإسرائيليين.
السعودية: عرسٌ كبيرٌ ويومٌ مشهود
وأبرزت الصحف السعودية النبأ وغطته بتقارير تصف اليوم المشهود. وعنونت «الرياض» (السعودية) «عرس لبناني فلسطيني في استقبال الأسرى العائدين من المعتقلات الإسرائيلية».. ووصفت «الوطن» (السعودية) في تقرير مشهد استقبال الأسرى المحررين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة لافتة إلى انه على رغم محاولة بعض الجهات الحد من أهمية الحدث الذي جاء قبل يومين من حلول عيد الأضحى المبارك فقد أضفى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، الصفة الرسمية على احتفالات استقبال المعتقلين المحررين باستقباله عشرات المعتقلين. وفي افتتاحيتها التي كتبتها تحت عنوان: «شارون: بداية النهاية»، رأت «الوطن»، انه لا بد ان الضربات المتلاحقة التي تلقاها شارون ستجعله يدفع ثمنا سياسيا باهظا في المستقبل القريب... فلم تكد تمضي 10 أيام على ربط اسمه بقضية الرشوة حتى أتى إعلان التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى مع حزب الله اللبناني. وما ان بدأت الاحتفالات بتنفيذ اتفاق تبادل الأسرى حتى هزت عملية فدائية كبيرة مدينة القدس وأضافت دليلا آخر على فشل سياسة القبضة الحديد التي ينتهجها «البلدوزر» وتياره اليميني المتطرف. وتساءلت: هل ستشهد الأيام المقبلة نهاية شارون السياسية أم انه سيسعى وكعهده دائما إلى تصعيد التوتر على إحدى الجبهات إلى درجة تجبر الشارع الإسرائيلي على الانتظار فترة أخرى...؟ ولفتت «الرياض» (السعودية) إلى انه في حدث حرص لبنان الرسمي على موازاته من حيث الحجم والأهمية والأبعاد والرسائل السياسية محليا وإقليميا بالانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني قبل ثلاثة أعوام (هي عمليا الفترة التي استغرقتها المفاوضات الأخيرة لتبادل الأسرى بين لبنان وإسرائيل)، توج المسئولون اللبنانيون أسبوعا من الانتظار والترقب لا بل الانتصار منذ إعلان صفقة تبادل الأسرى بين «إسرائيل» و«حزب الله» بجو احتفالي طغى على الاستقبال الرسمي والشعبي الحاشد الذي أقيم في مطار بيروت الدولي للمعتقلين اللبنانيين الذين أفرجت عنهم «إسرائيل» بموجب هذه الصفقة.
القطرية: مبروك كسر القيود
وباركت «الشرق» (القطرية) للأسرى على انكسار القيود. ورأت ان يوم تحرير الأسرى هو يوم وطني للحرية في لبنان. وشددت على ان «حزب الله» الذي بدأت تنهال عليه آيات الشكر والعرفان في لبنان وفلسطين والكثير من الساحات العربية، والذي أجاد فن التفاوض مثلما أجاد من قبل فن القتال، بات يشكل رقما أكبر وأصعب من ذي قبل، في مواجهة كل المطالبين برأسه وبسلاحه، وخصوصا بعد الصدقية والدقة اللتين تميز بهما في صفقة التبادل. لذلك، رأت الصحيفة القطرية، أن «حزب الله» نجح في تسجيل نقطة جديدة في المرمى الإسرائيلي، بالإضافة إلى النقاط التي كان حققها سلفا من الصفقة بحد ذاتها.. في حين تتزايد خسائر الجانب الإسرائيلي، في وقت كان فيه شارون يبحث عن خشبة خلاص تنقذه من وضعه المتأزم في الداخل الإسرائيلي. وبعد أن باركت للأسرى انعتاقهم أملت أن تشمل الحرية كل السجناء العرب، في زمن تشتد الحاجة فيه إلى النور الذي يبشِّر بإمكان بزوغ فجر السلام. وفي مقال تحت عنوان: «نجاح المقاومة اللبنانية»، رأت «الوطن» (القطرية) ان النهج الأوحد الملائم للتعامل مع «إسرائيل» هو نهج المقاومة المسلحة وما عداه باطل وغير مجد... وانتقدت السلطة الفلسطينية لأنها لم تدرك أو لا تريد أن تدرك المغزى الحقيقي للتنازل الإسرائيلي أمام المقاومة اللبنانية... واعتبرت «الراية» (القطرية) ان عملية القدس هي رد فلسطيني مشروع على مجزرة غزة... لافتة إلى انه كان من الممكن أن يكون يوم تنفيذ صفقة تبادل الأسرى بداية لمرحلة تفاؤل وأمل لكن حكومة شارون أبت التخلي عن نهجها العدواني السافر... ومن هنا أشارت إلى أن ما حدث خلال اليومين الماضيين رسالة واضحة للإدارة الأميركية كي تتدخل بنزاهة... من جانبها.
الكويتية: التحرير الثاني
الصحف الكويتية أيضا أبرزت الحدث من أرض لبنان وفلسطين... وعنونت «الوطن» (الكويتية) «لبنان يحتضن أسراه العائدين إلى الحرية».. كذلك فعلت «السياسة» (الكويتية) وسجلت «الرأي العام» في «مانشيت» صفحة أولى «التحرير الثاني: لبنان عاش نصر الله». ورأت ان لبنان احتفل بعرس التحرير الثاني بعودة أسراه من السجون الإسرائيلية في عملية تبادل معقدة تكللت بنصر «من عند الله» كما جاء على لسان الأمين العام لحزب الله. وبعد أن لاحظت أن مطار بيروت الدولي، تحول إلى «عاصمة» لحدث استثنائي لبناني عربي، رأت «الرأي العام»، ان صفقة تبادل الأسرى ونجاحها سيفتتح الباب أمام نقاش يتناول هذا الحدث من زاويته الإقليمية، بوصفه عامل «انفتاح» سوري إيراني مع الوقائع الجديدة في المنطقة، ما يؤشر إلى اتجاهات جديدة في المنطقة، وخصوصا بعد الوساطة التركية بين سورية و«إسرائيل»، وملاقاة إيران للولايات المتحدة في العراق. لافتة إلى ان ثمة من سيطرح في بيروت مصير حزب الله وسلاحه ومستقبل الوضع في الجنوب، انطلاقا من انه «خدم عسكريته» وكفى بعد تحرير الجنوب وتحرير الأسرى. فيما انتقدت آمنة الموسوي في «الرأي العام» (الكويتية) بشدة تصريحات وزير الخارجية الأردني مروان المعشر، الذي طالب بوقف العمليات الاستشهادية في فلسطين. ورأت انه لو كنا في غير هذا الزمن لربما استسلمنا لقناعة مفادها ان ما يحدث هو جزء من أمر واقع لا يد لنا في تغييره، ولكننا ونحن نشهد ما يمكن أن تحرزه القيادة الحكيمة والإنسانية والمخلصة من انتصارات تستحق الشعور بالزهو والافتخار كانتصارات حزب الله ممثلة بقائدها السيد حسن نصر الله، فإن أي عذر قد يسوقه المتخاذلون ما هو إلاّ قبح أكبر من قبح الذنب نفسه. وختمت بالقول: «اننا لم نعد نتوقع من الساسة العرب موقفا كموقف النائبة البريطانية جيني تونغ التي فقدت منصبها بعد أن أشادت بالعمليات الاستشهادية الفلسطينية». وقد غاب الحدث تقريبا عن تعليقات الصحف المصرية التي تناولت الوضع في فلسطين بعد العملية الاستشهادية التي تزامنت مع عملية تبادل الأسرى وحملت «الأهرام» (المصرية) الدولة العبرية مسئولية «دورة العنف». كما غاب الحدث عن الصحف الأردنية التي غطت صفحاتها الأولى التحضيرات والتهاني بعيد ميلاد العاهل الأردني
العدد 516 - الثلثاء 03 فبراير 2004م الموافق 11 ذي الحجة 1424هـ