العدد 516 - الثلثاء 03 فبراير 2004م الموافق 11 ذي الحجة 1424هـ

الإشراف على أموال التقاعد «أمانة»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

صناديق التقاعد في مختلف أنحاء العالم أصبحت هي المستثمر الأكبر في المشروعات المختلفة لأنها في أكثر الأحيان أغنى من أية ثروة شخصية مهما كانت تلك الشخصية ثرية. ففي الولايات المتحدة هناك الآلاف من الصناديق التقاعدية وبعضها يحتوي على أموال أكثر مما يملكه أغنى شخص ومؤسس شركة «مايكروسوفت» بيل غيت بكثير.

صناديق التقاعد بدأت فكرتها في الخمسينات وأصبحت في السنوات الأخيرة مصدرا للاستثمارات ومن أهم عوامل تنمية اقتصاد هذا البلد أو ذاك. وبين فترة وأخرى تزداد الضوابط الرقابية على هذه الثروات الطائلة وخصوصا عندما تكتشف فضيحة ما مثل ما حدث في بريطانيا في العامين 1990 و1991 عندما لعب صاحب الأعمال الشهير «روبرت ماكسويل» بأموال صندوق التقاعد التابع لموظفي امبراطوريته التجارية والذي انتحر قبل أن تلقي السلطات البريطانية القبض عليه.

صناديق التقاعد لها صفة تختلف عن الثروات الأخرى لأنها غير مملوكة لشخص واحد، وإنما يملكها العمال والمواطنون الذين يدفعون اشتراكاتهم الشهرية لكي يحصلوا عليها لاحقا عندما يحين تقاعدهم. وهذا يعني أن إدارة صناديق التقاعد يجب أن تخضع لرقابة مباشرة بشهادة أشخاص ينتخبون مباشرة من المشتركين في الصندوق. ومديرو الصندوق ليسوا مديرين بالمعنى المتداول في الشركات، كما أنهم ليسوا مستثمرين بالمعنى الذي نفهمه من كلمة «مستثمر». الذين يشرفون على هذا الصندوق التقاعدي أو تلك المؤسسة المعنية بالتأمينات الاجتماعية من المفترض انهم «أمناء»، و«الأمين» هو الذي يحافظ على «الأمانة» من الضياع ويرجعها لمن ائتمنه عليها بوضعها الاساسي أو أفضل، وأن يحسن التصرف بها بحيث يزيد قيمة الأمانة ويأخذ حقوقه منها برخصة واضحة ممن ائتمنه عليها. والأمانة لا تقبل الوصاية من جهاز سياسي أو غير سياسي والذي قد يوجهها لمصلحته وليس لمصلحة أصحاب الأمانة. كما أن المؤتمَن ليس من حقه أن يتبرع بالأمانة أو بجزء منها لأية جهة أخرى إلا اذا حصل على ترخيص واضح من أصحاب الأمانة.

الأمناء على أي صندوق تقاعدي معروف عنهم نظرتهم البعيدة المدى وأسلوبهم المحافظ في طريقة استثمار الأموال. ولذلك فإن حصول شركة ما على أموال استثمارية من صندوق تقاعدي يعتبر في الدول المتقدمة أحد الأدلة على نجاح تلك الشركة، لأن أمناء ذلك الصندوق لن يورطوا أنفسهم بمشروع لو أنهم شكّوا في ربحيته، وخصوصا أن الأمناء محاسبون من قبل أجهزة الرقابة المختلفة سواء كانت حكومية أو تشريعية أو من ممثلي أصحاب الصندوق (اصحاب الاشتراكات الشهرية).

الأمناء على صندوق التقاعد والتأمينات الاجتماعية يجب أن تنطبق عليهم صفة «الأمناء» بكل ما تحمل هذه الصفة من خواص الاستقلال والفهم الاستثماري وحسن الإدارة والتاريخ المشهود له بالأمانة والقبول بالمحاسبة من قبل أصحاب الصندوق أو من الجهات المعنية مثل البرلمان. وأي شخص يخشى المحاسبة ويكره أن يسأله أصحاب المال سؤالا واحدا فما عليه إلا أن يتنحى جانبا ويبتعد عن أموال الناس ويتفرغ لاستثمار أمواله الخاصة كيفما يشاء، وحينها لن يسأله شخص أي سؤال ولن يهتم شخص ما فيما اذا لعب بتلك الأموال أو خسرها أو وزعها كهدايا أو فعل فيها ما يود فعله من دون حساب وعتاب. فالأموال الخاصة لها أسلوب والأموال المملوكة للآخرين لها أسلوب آخر، وأي إدارة تتولى الاشراف على أموال الآخرين ينبغي عليها أن تنظر إلى الأمور من زاوية «الأمانة» أولا وأخيرا

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 516 - الثلثاء 03 فبراير 2004م الموافق 11 ذي الحجة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً